شارك هذا الموضوع

عذرا أيها الجمهور

أثناء الموكب وقبله وبعده يبرز فيض من المشاعر المتفاعلة مع ما يقدمه الموكب من خدمة في طريق الرسالة والمبادئ. مشاعر يفرزهاالقائمون على الموكب وأخرى صادرة من الجمهور الراصد لكامل الفعاليات الصادرة من طاقم إخراج الموكب.


ماذا تحمل تلك المشاعر . المشاعر المنطلقة من أعماق الجمهور تجاه القائمين على الموكب وبالأحرى ماهي المنطقة التي تتركز فيها نوع تلك المشاعر.


الجمهور في أعم صورة تتفجر مشاعره نحو الرادود دون غيره فهو الوجه البارز في المسيرة الموكبية هذا بالنسبة لعين الجمهور فالجمهور بكل ادراكاته لايلمس جهود اً جبارة بذلها كثيرون في هيكلة إخراج الموكب الى الوجود.


هناك العاملون على انجاز الصوتيات القائمة على امداد الرادود بالجو المناسب لإيصال كلمته . وهناك المنظمون الذين يمهدون لحركة الموكب كل الظروف ليقدم أفضل صورة وهناك الشعراء الممولون للرادود بالكلمة فلولا هؤلاء ما استطاع الرادود القاء كلمة وهناك الكثير من الجنود المجهولين الذين لا يعرفهم أكثر الجمهور وربما تجاهلهم بعين العمد.


إذا ماهو الدافع لتغليب المشاعر للرادود دون الوجوه الاخرى ؟ الرادود يستحوذ على المشاعر الرقيقة تجاهه بفضل حنجرته الصادقه بأعذب مايستطيع . إذن الصوت هو السر في جلب القلوب تجاه الرادود.


لنا وقفات مع الجمهور ومشاعره : أمن الإنصاف السير خلف مشاعر ترجح الصوت على المزايا الأخرى أيكون الرادود صوتاً مجرداً وعلى هذا نهبه مشاعرنا الدافقه والمودة في قالب الهيام.


ربما يقول بعضهم أنا ارجح الأداء إلى جانب الصوت : مع افتراض ضم الأداء مع ملكة الصوت الجميل نجد المسألة في النهاية تنحو بنا لجانب الذوق لا أكثر وهو معيار لا يقودنا إلى الطريق السليم في أحيان كثيرة.


تبعاً لما سبق نرى الجماهير لدينا تفني سنيناً من أعمارها في ملاحقة المواكب دون جدوى تربوية. تجدنا نتابع الموكب بحاسة الطرب لاغير وتجدنا مهتمين بها لإرضاء الذوق الشخصي وفي آخر المطاف نطالب بنتيجة مرضية ولا نجد.


هل هي هذه الغاية؟ كلا فبمجرد أن يتعشق الجمهور صوتاً موكبياً وأداءا خاصاً لا يخلق فيه ولاءا وارتباطاً حقيقياً, ربما كان هذا الصوت وسيلة للوصول إلى الطريق الحق لكننا نخطأ الطريق غالباً فنتخذ الوسيلة غاية تحجبنا عن الحقيقة المبتغاة ومثال ذلك من يتخذ السيارة وسيلة للوصول الى هدف ما, لكنه بدل الشروع في السير إلى هدفه يبقى يتغزل في مواصفات السيارة وحداثة تكنولوجيتها فيفوته هدفه الذي طلب ولم يجد تغزله الذي به انشغل.


في حالة توافر خصال القدوة في الرادود باستطاعة الجمهور تعشق القدوة دون الصوت والأداء . ولعلي لا أبارح الحق إذا قلت لاينبغي تكوين خط دفاع يقف مستبسلاً للدفاع عن الرادود في كل صغيرة قبل الكبيرة. في حالة وجود هذه المكافحة للدفاع عن الرادود بهذه الصورة سنخلق عصمة قد لا تقف عند حد الجزئية.


ولربما تعدت الى طور القداسة حيث لامجال للتحدث عن ذرة من زلة لديه وستكون ظرفاً غير صحي تتكاثر فيه الأوبئة الخلقية التي ستفتك بالأمة عامة وبالطائفة على وجه الخصوص من نتائج الدفاع عن الخطأ بعقيدة الدفاع عن الحق ولاأعني كل الحالات قطعاً فلا بد أن تكون للرادود مواقف حق تستحق الدفاع عنها وتبقى تلك المواقف يدافع عنها كمواقف لا كأفعال ذلك الرادود دون غيره فلو صدرت من سواه يجب صدور الدفاع عنها نفسه0 ولا تدخل في المسألة قضايا وجهات النظر القابلة للأخذ والرد ما لم تخدش في شرع أو تهتك ستر السلوك.


الجمهور لدينا مطالب بالإعتدال في حبه للرادود والتخلي عن حالة التعصب له ,من أين للجمهور هذا الحب؟ إذا لم يكن للصوت فقط. بما أنه في موكب يحمل صورة العقيدة فهو حب مرتبط بالله يتمظهر في حبنا للرسول وأهل بيته وكل حب آخر يلزمنا أن يكون في نفس الإمتداد لا غير. في النهاية نرى أنفسنا ملزمين بتجسيد الحب لله في الرادود.


نعم حبنا للرادود هو بالأصل امتداد متفرع من كوننا محبين لله . هنا علينا الوقوف لنسأل انفسنا هل يحمل رادودنا المفضل أخلاق الله لينال منا حباً كان لله0 ونسبغ عليه لباس الهيام بخط الله إن كان كذلك فنعم! وإن لم يكن كذلك ووهبناه حبنا فذلك حبن لأنفسنا لا حب الله.


جمهورنا العزيز نحن في مواكب أهل البيت نقضي أعمارنا تحت منابر الوعظ والدعوة لتهذيب النفس ومقاومة الشيطان ومقارعة مواقع السلب أنى كانت, فهلا وقفنا مع أنفسنا نراجع حالة الإفراط والوله في عشق الرادود0 أكاد أجزم أنها أصبحت نقطة في مواكبنا تجرنا للتقهقر عن أهدافها النبيلة.


جمهورنا العزيز: الرادود واسطة نقل تقلك إلى ما يرضي الله بما يرضي الله فيما يرضي الله وبغير هذه المواصفات علينا التروي ولا نترك مجالاً للمهاودة والمجاملة فبقدر مايتحصل الجمهور من وعي بتعاطي مع حبه للموكب ومع الرادود, هذا الوعي يمثل صمام أمان لكل الأطراف في الموكب.


وإذا لم يكن الوعي المكتسب من المواكب الحسينية كفيل بإنارة عقولنا وبصيرتنا لنجسده واقعاً فيها فأين يمكن أن تعطي أمثلة حية عن هذا الوعي الفذ, أما إذا كان الوعي مجرد صورة ومخزونا لا يسعفنا في مواطن الرجولة فلا وعي ولاهم يحزنون.


جمهورنا العزيز: حين يحسن الرادود نكن له كل الحب والتقدير ونضعه تاجاً على رؤوسنا ونمديدنا ليده بعون يآزره على إحسانه نكون أدينا فريضة واجبة في أعناقنا من رسالة الحض على الخير وحين تزل به القدم لحظة ما نترجم حبنا له في عبارات نصح ومودة متمنين له كل دعوات الخير لإصلاح مازلت به القدم وكما قال الرسول الكريم (ص) انصر أخاك ظالما أو مظلوما, ويوم يزل الرادود يكون قد ظلم نفسه فهو الظالم والمظلوم ويجب نصرته في صورته كظالم بإسداء الارشاد له وكمظلوم بمحاولة رفع الحيف عنه.


وعندما تتوالى الهفوات بعد التذكير والنصح وبعد بذل المحاولات الجادة للحفاظ على سلامة صورته الناصعة بعد كل ذلك لابد لنا من نزعه من خارطة التعلق النفسي لكي لا يصيب نفوسنا بفيروس خطير وأخيرا لابد أن ننأى بالمواكب عنه لنحافظ على مسيرة الموكب طاهرة دون علامات التكدير والريب والسلب قدر الإمكان.


كل هذا عزيزنا الجمهور مجرد وجهة نظر ليس المقصود منها حالة معينة وإنما هي محاولات لإستبيان الخطر وهي دعوات لبث الجرأة لدينا وجعل الحق فوق كل الإعتبارات ومن أجل أن يكون الموكب في المرتبة الأولى ومن أجل الحق لنعمل بالحق في الحق من حاد عنه نحيد, وكما قال الأمير (ع)( إعرف الحق تعرف أهله) وبمعرفة الحق نتجه لأهله ويكون معيارنا الحق فنطبقه على الرجال إن وافقهم وافقناهم وإن خالفهم خالفناهم.  فإذا وافقوه يوماً وخالفوه آخر خالفناهم في الآخر ولا نرتاب بيومهم الأول. وبهذا فقط نصنع مواكباً مبادؤها حقة ورواديدها صادقة المقال وجمهورها بوعيه جدير.

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع