شارك هذا الموضوع

خطاب سماحة السيد حسن نصر الله في احتفال ذكرى عيد المقاومة والتحرير الثامنة

كلمة الأمين العام لحزب الله المجاهد الكبير سماحة السيد حسن نصر الله في احتفال ذكرى عيد المقاومة والتحرير الثامنة / ملعب الراية ـ الضاحية الجنوبية 


في البداية نتوجه بالتحية إلى أرواح الشهداء الطاهرة، شهداء المقاومة وشهداء الوطن كل الوطن، إلى سيد شهداء المقاومة الإسلامية سيدنا السيد عباس الموسوي، إلى شيخ شهداء المقاومة الإسلامية شيخنا الشيخ راغب حرب، إلى روح الأخ الحبيب الذي نفتقده اليوم بيننا الشهيد القائد الحاج عماد مغنية وإلى كل الشهداء .
 
أرحب بكم جميعاً في عيد المقاومة والتحرير، في العيد الثامن للمقاومة والتحرير، وها أنتم اليوم تملؤون الساحات لتثبتوا من جديد هويتكم وحقيقتكم وهي أنكم أشرف الناس وأكرم الناس وأطهر الناس . 
 
قال الله تعالى في كتابه المجيد، بسم الله الرحمن الرحيم " إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ " صدق الله العلي العظيم .


وفرعون اليوم هي أمريكا وأداتها إسرائيل، وفي المقابل وعد الله أبد الآبدين وإلى قيام الساعة، بسم الله الرحمن الرحيم " وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ، وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ". صدق الله العلي العظيم 


أيها الأخوة والأخوات، عيدنا الثامن، عيد ذكرى التحرير وانتصار المقاومة والوطن والشعب والأمة، يصادف هذا العام ذكرى مضي 60 عاماً على ذكرى النكبة وضياع فلسطين وقيام الكيان الغاصب، وأيضاً مضي ثلاثين عاماً على الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان عام 1978، وإقامة الشريط الحدودي المحتل الذي توسع لاحقاً، وهي بالتالي، بحق مناسبة للتأمل والمراجعة واستخلاص العبر والدروس على مستوى لبنان والعالمين العربي والإسلامي . 
 
 
سأدخل من دون مقدمات، وإن كان للمناسبة فكرها وعاطفتها وحقوقها الأدبية والأخلاقية. سأدخل دون مقدمات لأن لدينا الكثير لنتحدث عنه اليوم، أبدأ من لبنان، في مسألة المقاومة، لقد قدمت المقاومة نموذجا واستراتيجية في مجالين وليس في مجال واحد، فهناك استراتيجية التحرير وطرد الاحتلال لدى المقاومة، وهناك استراتيجية الدفاع عن الوطن والشعب  في مواجهة العدوان والاجتياح والتهديد. هنا، إذاً نموذج لاستراتيجيتين ورؤيتين  في التحرير والدفاع، وهذه رسالة عيدنا اليوم إلى لبنان والعالم العربي والإسلامي، وهي رسالة مشتركة يقدمها المقاومون كل المقاومين اللبنانيين إلى جانب كل المقاومين الفلسطينيين إلى جانب إخوانهم كل المقاومين العراقيين في  رسالة واضحة للأمة . عندما اجتاحت إسرائيل جنوب لبنان عام 1978واحتلت جزءً من الجنوب، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار 425، وانتظرنا  في لبنان تنفيذه، وراهنا على المجتمع الدولي، وأيضاً طُرِح في لبنان الحاجة لاستراتيجية عربية موحدة للمواجهة  بدعوى أن لبنان ليس قادرا على مواجهة إسرائيل وحده، فكلاهما لم يحصل. لم يحرك المجتمع الدولي ساكنا لتنفيذ القرار ولم يحرك المجتمع العربي ساكناً لوضع استراتيجية دفاع لأن هذا المجتمع الرسمي كان قد فقد أساساً إرادة المواجهة، ولكن لم يكن  الرهان هنا فقط، لأن الإمام القائد السيد موسى الصدر أعاده الله بخير كان قد أسس خيارا آخر ورهانا آخر هو خيار المقاومة اللبنانية بسواعد أبناء الجنوب وأهل الجنوب وأهل لبنان، بالتوكل على الله، وبالاستفادة من الامكانيات الذاتية المتاحة. ماذا كانت نتيجة الرهانات الخاطئة ؟ أن إسرائيل استضعفت لبنان ووثقت بأنه عاجز عن المواجهة، فكان الاجتياح الكبير عام 1982 الذي أراد أن يلحق لبنان بإسرائيل نهائيا، ولتتجدد نكبة عربية ثانية .


أمام الاجتياح الإسرائيلي، انقسم اللبنانيون أمام هذا الاستحقاق كما هو حال كل شعب في العالم، وكما هو حل كل شعب في التاريخ، نحن اللبنانيون لسنا استثناء في هذه المسألة، طوال التاريخ عندما كان يكون هناك بلد وتقوم قوة غازية باحتلال ذلك البلد، كان أهل البلد ينقسمون إلى مجموعات عديدة،  هذا هو الحال في لبنان عام 82، هكذا  كان الحال في فلسطين وما زال نسبياً، هكذا هو الحال في العراق، هكذا هو الحال على طول التاريخ الماضي والآتي . 


في مقابل استحقاق الاحتلال وكيفية التعاطي معه ينقسم الناس لمجموعات عديدة : مجموعة كبيرة من الناس تقف على الحياد  في المرحلة الأولى وتنتظر . مجموعة أخرى أساساً لا يعنيها ما يحصل، المهم أنها تأكل وتشرب و" تشم الهواء يوم الجمعة أو يوم الأحد " السلطة والسيادة بيد من والبلد بأي موقع فهذا لا يعنيها بشيء . مجموعة ثالثة هم من  العملاء والأدوات كجيش أنطوان لحد رخيصون مرتزقة وهم لبنانيون أيضاً .  ومجموعة رابعة تتقاطع مصالحها مع مصالح الاحتلال فتتعاون معه نتيجة تقاطع المصالح . مجموعة خامسة هي مجموعة مهزومة من الداخل ويائسة ولكنها تُنظر للتعاون مع الاحتلال طبق نظرية الحد  من الخسائر الوطنية، وغالباً ما تكون هذه المجموعة من النخب . ومجموعة سادسة ترفض  الاحتلال سياسياً وإعلامياً ولكنها ليست حاضرة لدفع الثمن وضريبة الدم . ومجموعة أخيرة تعتبر أن واجبها الإنساني والأخلاقي والديني والوطني هو تحرير بلدها من الاحتلال مهما كان الثمن وهي حاضرة لتدفع الثمن، وهذه المجموعة هي مجموعة المقاومة التي تؤمن بالمقاومة وتقاوم  بالفعل .


هذا الانقسام هو انقسام طبيعي وتاريخي واجتماعي وليس حكراً على لبنان، ومن نتائجه فقدان الإجماع الشعبي والوطني على أي خيار . البعض يقول ليس هناك إجماع وطني على المقاومة في العام 1982، أو ليس هناك إجماع وطني على المقاومة في فلسطين وليس هناك إجماع وطني على المقاومة في العراق، ولكن ليس هناك إجماع وطني على الحياد ولا على العمالة ولا على التعاون ولا على اللامبالاة، إذا أي خيار لا  يحظى بإجماع وطني، وكل مجموعة تأخذ خيارها وتمضي وتمشي، وهذا ما  حصل في لبنان . وأنا أقول لأي شعب تحتل أرضه كما في الماضي، لا تنتظر المقاومة إجماعا وطنيا  ولا شعبيا، وإنما يجب أن تحمل السلاح وتمضي لتؤدي واجب التحرير، تحرير الأرض والإنسان والأسرى واستعادة الكرامة والعزة  بالسلاح والدم والتضحيات الغالية .


اعتمدت المقاومة ـ والتي كانت جزءاً من شعب لبنان ولم تكن كل شعب لبنان من أحزاب مختلفة ومن طوائف مختلفة وكان هناك شهداء من كل الطوائف اللبنانية وشهداء من القوى والأحزاب اللبنانية سواء كانت إسلامية أو وطنية ـ  اعتمدت المقاومة على إرادتها وجهادها وفعلها الميداني وسواعد شبابها وشاباتها وكان على العالم العربي والإسلامي أن يقدم لها العون، تخلف الكثيرون وتقدمت سوريا والجمهورية الإسلامية في إيران مشكورتين ومعهما كثير من القوى الحية في عالمنا العربي والإسلامي وكان الانتصار الأول في عام 84/       85 وتواصلت المقاومة وكان الانتصار التاريخي في 25 أيار 2000 نصر واضح للبنان والمقاومة والعرب والأمة، وهزيمة كاملة واضحة لإسرائيل ومشروع إسرائيل الكبرى التي تريد أن تمتد من النيل إلى الفرات فإذا بها تتقطع أوصالها في جنوب لبنان والبقاع الغربي، وخروج مذل للصهاينة فلا جوائز ولا مكاسب ولا ضمانات، وهنا نجحت استراتيجية التحرير المعتمدة من قبل المقاومة .
 
أما استراتيجية المفاوضات من مدريد إلى غيرها  لم تعد للبنان شبراً واحداً من الأرض  أما استراتيجية الانتظار فكانت تزيد عدونا قوة وتزيد بلدنا ضعفاً ويئساً، إذن في عام 2000 في مثل هذه الأيام نجحت استراتيجية التحرير المعتمدة من قبل المقاومة .


في فلسطين بعد النكبة عام 48 كانت فلسطين وشعبها تنتظر إخوانها وأهلها العرب ليكون لهم استراتيجية عربية واحدة، بلا طائل، وانتظرت المجتمع الدولي بلا طائل، وكادت أن تصبح نسيا منسيا لولا انطلاقة العمل المسلح الفدائي الفلسطيني في العملية الأولى والرصاصة الأولى والتي كان من أولى نتائجها تذكير العالم كله  وتذكير المحتلين لفلسطين ان هناك شعبا فلسطينيا وان هناك أرضاً فلسطينية وان هناك قضية فلسطينية وان هناك طالباً للحق يحمل السلاح ويقدم الدماء مهما غلت التضحيات . وانطلق الشعار الفلسطيني من جديد ليردد أننا بالملايين ذاهبون إلى القدس وحتى اليوم أيها الأخوة والأخوات فان أي مكسب فلسطيني تحقق منذ الانطلاقة الأولى للمقاومة إلى اليوم فإنما هو بالدرجة الأولى بفضل المقاومة والجهاد والكفاح المسلح لشعب فلسطين وكل فصائله المقاومة والمجاهدة وصولاً إلى الإنجاز الكبير والانتصار المهم في ظل تغيير معادلات العالم كان قطاع غزة المحاصر المقطوع عن الدنيا قادرا على إلحاق الهزيمة بجيش الصهاينة وفرض عليهم للمرة الثانية بعد لبنان انسحابا ذليلا من قطاع غزة بلا قيدا ولا شرط ولا مكاسب.  مرة أخرى نجحت استراتيجية التحرير لدى المقاومة فيما كانت المفاوضات تعيد الأرض شبراً شبراً ليتم التنازل في مقابل الأشبار عما لا يمكن أن يتنازل عنه يعني حتى الآن من لبنان إلى فلسطين أثبتت التجربة أننا كعرب وكأمة وكمسلمين مخرجنا الوحيد من النكبة من كل تداعياتها وآثارها الفكرية والنفسية والعسكرية والأمنية والسياسية والاجتماعية، إن مخرجنا الوحيد هو المقاومة نهجها ثقافتها إرادتها وفعلها


في الانتقال إلى العراق وباختصار شديد أيضا : في العراق احتلال اميركي واضح وسيطرة اميركية على الارض والخيرات، لعب الاميركي في السنوات الاخيرة لعبة الاحتلال والديمقراطية واليوم بدأت تنكشف أهداف الديمقراطية الأميركية في العراق, كيف؟ بالعودة الى ما بعد الاحتلال الاميركي انقسم الشعب العراقي ككل الشعوب التي تحدثت عنها قبل قليل، ولكن كجمعين كبيرين بين مؤمن بالعملية السياسية، وبين مؤمن بالمقاومة وخصوصا المقاومة المسلحة. نحن في حزب الله من الطبيعي ان ننحاز الى تيار المقاومة في العراق من موقع إيماني وعقائدي وفكري وسياسي وواقعي وتجربي ايضا ومع ذلك فقد اخذ مؤيدو العملية السياسية وقتهم والآن وصلوا الى الامتحان العسير والصعب والفيصل وهو الموقف من المعاهدات والاتفاقيات التي تريد أميركا ان تفرضها على العراق وشعبه وتطلب من الحكومة ومن المجلس النيابي ان يوقعا عليها .


هنا ينكشف هدف الأميركيين الحقيقي من لعبة الديمقراطية, جاءوا  وفتحوا المجال امام الجميع إسلاميين ووطنيين وقوميين ويعرفون هؤلاء أصدقاء من, وهؤلاء حلفاء من, أي فتحوا اللعبة الديمقراطية امام الجميع ليتكون مجلس نيابي منتخب وتنبثق منه حكومة منتخبة وبالتالي كل العالم يقول مجلس وحكومة منتخبة ليأتي اليوم الذي يطلب فيه من هذه الحكومة ومن هذا المجلس ان يشرعنا الاحتلال. ان يوقع على اتفاقية تعطي للامريكي سيطرة سيادية على العراق تجعل الأمن والقرار السياسي والنفط وخيرات العراق في تصرف الاميركيين هنا ينكشف الامريكي وهنا يصبح المؤيدون والمؤمنون بالعملية السياسية في العراق  سواء كانوا إسلاميين شيعة او إسلاميين سنة ام وطنيين ام قوميين امام الامتحان الصعب, انتم تقولون شاركتم في العملية السياسية للحد من الخسائر, وتقولون شاركتم بالعملية السياسية كوسيلة لردع الاحتلال. اليوم انتم امام الامتحان, هل تسلمون العراق للاميركي ابد الآبدين ؟ ام تتخذون الموقف الذي يمليه عليكم دينكم واسلامكم وعروبتكم ووطنيتكم وأخلاقكم وإنسانيتكم ؟


انني اليوم باسم جميع المحتشدين هنا وباسم أحرار العالمين العربي والإسلامي اناشد الشعب العراقي وجميع قياداته الدينية والسياسية ان يتخذوا الموقف التاريخي العزيز الذي يمنع سقوط العراق نهائيا في يد المحتل, وكما استطاعت المقاومة في لبنان وفلسطين كذلك استطاعت المقاومة في العراق بفصائلها المختلفة ان تلحق الهزيمة تلو الهزيمة بالجيش الامريكي, هنا أيضا العراق مدعو لاعتماد استراتيجية التحرير لدى المقاومة التي اعتمدها لبنان واعتمدتها فلسطين, هذه الاستراتيجية هي السبيل الوحيد لإعادة العراق الجريح الغني القوي لشعبه ولأمّته .
 
ايها الاخوة والاخوات قبل ان اختم بحث المقاومة وانتقل الى الوضع اللبناني الداخلي اريد ان اقول لكم نحن ايضا قدمنا نموذجا في استراتيجية الدفاع كما في استراتيجية التحرير وكانت حرب تموز – آب 2006 هي النموذج, كيف يمكن لمقاومة شعبية ؟ كيف يمكن كما قال القاضي فينوغراد لعدة الاف ان يقفوا لاسابيع امام الجيش الأقوى في منطقة الشرق الأوسط ؟ اذن نحن لا نتحدث عن استراتيجية دفاعية مكتوبة في الكتب او في الجامعات وانما نتحدث عن استراتيجية دفاعية تم تطبيقها وألحقت هزيمة بالمعتدي والغازي باعتراف مجتمعه كله, وهذه الحرب في تموز غيرت الكثير من المعادلات, وأضعفت خيارات الحرب في المنطقة نعم, نعم ايها الأخوة والأخوات ان صمودكم في لبنان, ان دماء شهدائكم, ان شهامتكم وشجاعتكم, ان مقاومتكم التي افشلت حرب "إسرائيل" على لبنان واعتدائها على لبنان خففت احتمالات الحرب في المنطقة . بالنسبة لحرب امريكا على إيران تراجع احتمالها بعد درس لبنان, حرب اسرائيلية على سوريا اصبح احتمالها بعيدا جدا جدا جدا بعد تجربة الحرب على لبنان, اما الحرب على لبنان من قبل الاسرائيلي او من قبل الامريكي او من قبل من يراهن على الاسرائيلي والامريكي فنحن في لبنان اشرف الناس الذين قاتلنا في حرب تموز سنقاتل في أي حرب مقبلة .


بعد حرب تموز استراتيجية الدفاع لدى المقاومة نشاهدها في قطاع غزة، وإسرائيل تقاتل قطاع غزة حرب عصابات كما يقاتلها قطاع غزة، ولا تجتاح القطاع لا كرم أخلاق ولا خوفا من رأي عام عربي أو موقف عربي أو دولي وهي التي تملك الضوء الأخضر الكامل من فرعون هذا الزمان جورج بوش، ولكنها تحسب كل حساب لقطاع غزة بشعبه الأبي ومقاتليه الشجعان من كل فصائل المقاومة، هذا القطاع المحاصر وهذا القطاع المجوّع هذا القطاع المظلوم تقف إسرائيل أمامه عاجزة وتضييع عندها الخيارات وتلتبس عليها الطرق. إذن هنا أيضا استراتيجية الدفاع تنجح في لبنان وفي غزة بالرغم من عدم وجود أي توازن وتكافؤ في القوى والإمكانات التسليحية والإقتصادية والمادية والدعم الدولي. 


ولذلك نجد أنّ فرعون الزمان الراحل إنشاء الله جورج بوش عندما جاء إلى فلسطين وتجاه لنكبة شعبها وقدّم الدعم المطلق لإسرائيل صبّ جام غضبه على حركات المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق، وعلى الدول التي تقف إلى جانب المقاومة والتي تدعم المقاومة، وَوَعَدَ العالم الإسرائيليين أنّ إسرائيل ستحتفل بالستين عاما الجديدة بعد مئة وعشرين عاماً. وَهِمَ بوش وخاب ظنّه، إسرائيل هذه إلى زوال. وَوَعَدَ العالم أنّ الهزيمة ستلحق بحزب الله وبحركات المقاومة وأنا أقول لبوش وكونداليزا رايس التي تحدثت عن خسارة حزب الله، ما دام حزب الله يلتزم الحق ويتكل على الله ولديه شعب كأشرف الناس هؤلاء، أنتم المهزومون .


في العيد الثامن للمقاومة والتحرير أدعو الشعوب العربية والحكومات العربية وليس فقط الحكومة اللبنانية، إلى دراسة جدية لاستراتيجية التحرير واستراتيجية الدفاع في ظل موازين القوى القائمة في المنطقة. وفي لبنان دائما نتحدث عن وضع استراتيجية دفاع وطني، ولكن أقول أيضا نحن بحاجة إلى استراتيجية تحرير لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا، الدفاع بمواجهة العدوان، نحن نحتاج إلى خطة تحرير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وتحرير الأسرى أيضا وإن كنّا نقول "ريحو أنفسكم من خطة تحرير الأسرى" فالأسرى عهدنا والأسرى وعدنا والأسرى إنجاز الله على أيدينا وقريبا جدا سيكون سمير وإخوة سمير بينكم في لبنان.


في 25 أيار عام 2000 وقفت الحشود هناك في بنت جبيل وكنت في خدمتها ووقفت خطيبا باسمها وكان لي شرف إعلان انتصارها وتضحياتها والإعتزاز بدماء شهدائها وإهداء نصرها إلى كل لبنان وإلى كل فلسطين وإلى كل الأمّة. عندما وقفت في بنت جبيل قلت نحن هنا قمنا بواجبنا ويكفينا أن يرضى الله عنّا لأننا أدّينا الواجب ولا نريد شكرا من أحد ولا جزاءً من أحد ولا هدية من أحد. لقد قلت أننا لا نريد سلطة، هذه الأرض التي تحررت بدماء شهداء المقاومين كل المقاومين هي للدولة اللبنانية وللسلطة اللبنانية، فلتتحمّ ل مسؤوليتها الكاملة أمنيا وقضائيّا واجتماعيا واقتصاديا. نحن لا نريد أن نتحمل لا مسؤولية أمن ولا مسؤولية إدارة، ألم نقل ذلك؟ هل خالف فعلنا قولنا؟ على الإطلاق. لم نحاكم عمليا وسلمناهم للقضاء اللبناني، لم يكن لدينا ظهور مسلح على طول الشريط المحرر بالدم وقلنا للدولة تفضلي.


لقد طلبنا من الدولة أمرين : أن يكون للمناطق التي عاشت المواجهات في الجنوب اهتمام إنمائي، وللمناطق التي قاتلت وقدمت الشهداء في الجنوب وهي المناطق المحرومة وذكرت بالإسم بعلبك،  الهرمل وعكار، ماذا فعلتم؟ ثماني سنوات يا مَن تطالبون ببسط سلطة الدولة، مَن منعكم من الذهاب إلى الشريط وإلى المناطق المحرومة لتقوموا بواجبكم كدولة؟ اللبنانيون يعرفون ولكن لِيَعْرِف أشقاؤنا العرب، هناك مناطق في لبنان لا تعرف من السلطة اللبنانية إلا الشرطة وجابي الضرائي فقط، ولا تعرف الإنماء ولا الخدمات ولا العناية.


وقفت أيضا وقلت وبعدها سُئِلْت وأجبت أنا وإخواني، لم نطلب تعديلا في الهيكلية السياسية للنظام ولم نطلب تعديلا في إتفاق الطائف ولم نطالب بحصة السلطة ولا بحصة الإدارات، لم نطلب شيئا على الإطلاق، أليس هذا هو الذي حصل؟ مع العلم أنّه عندما ينظّرون علينا بالمقاومة الفرنسية والمقاومة الفيتنامية والمقاومة الهندية يقولون لنا أنّ المقاومة بعد إنجاز التحرير سلّمت سلاحها، وأنا أقول لهم كل المقاومات المنتصرة في التاريخ بعد انتصارها إمّا استلمت السلطة أو طالبت بالسلطة، ونحن لم نطالب بالسلطة أصلا. قلنا لهم هذه السلطة لكم لكن لا تستأثروا ولا تتفردوا، كونوا عادلين واهتموا بالناس وحلّوا مشاكل الناس الإجتماعية والإقتصادية وحافظوا على كرامات الناس، لم نطلب حتّى الشراكة في السلطة في انتصار عام 2000، مَنْ يستطيع أن يقول غير هذه الحقيقة؟ 
 
 
اليوم أجدد القول وأتحدث عن حزب الله بالتحديد، نحن لا نريد السلطة في لبنان لنا ولا نريد السيطرة على لبنان ولا نريد أن نحكم لبنان ولا نريد أن نفرض فكرنا أو مشروعنا على الشعب اللبناني لأننا نؤمن بأنّ لبنان بلد خاص ومتنوع ومتعدد، لا قيامة لهذا البلد إلاّ بمشاركة الجميع وتعاون الجميع وتكاتف الجميع وتعاضد الجميع وهذا ما كنّا نطالب به. كثيرون حاولوا من خلال إعلامهم أن يشوّهوا هذه الحقيقة ويتصورون أنّه عندما يقولون حزب الله ولاية الفقيه أنهم يهينوننا، أبدا، أنا اليوم أعلن وليس جديدا (ذلك) أنا أفتخر أن أكون فردا في حزب ولاية الفقيه، الفقيه العادل، الفقيه العالم، الفقيه الحكيم، الفقيه الشجاع، الفقيه الصادق، الفقيه المخلص. وأقول لهؤلاء ولاية الفقيه تقول لنا نحن حِزْبُهَا : لبنان بلد متنوع متعدد يجب أن تحافظوا عليه.


في الأحداث الأخيرة قِيْلَ الكثير، قيل أنّ هدف هذه الأحداث هي سيطرة هذه الجهة أو تلك على لبنان، تحدّثوا عن انقلاب وتحدثوا عن تغيير للسلطة وتحدثوا عن إعادة سوريا إلى لبنان وتحدثوا وتحدثوا... كما في حرب تموز اميركا تقول لبنان يشهد ولادة شرق اوسط جديد وتتبنى الحرب وهم يقولون ان المقاومة تقاتل من اجل النووي الايراني ومن اجل المحكمة الدولية , اليوم ايضا لكن ثبت من خلال آداء المعارضة عندما تراجعت الحكومة اللا شرعية عن قراريها اللا شرعيين وثبت من خلال اداء المعارضة في محادثات الدوحة وفي اتفاق الدوحة انها لم تنظم انقلابا وانها لا تريد سلطة ولا استئثارا وانها لم تغير حرفا واحدا من شروطها السياسية قبل الاحداث , نعم , من حق كوادر وقواعد المعارضة الشعبية ان يطالبونا برفع السقف السياسي بعد الاحداث في لبنان لان هناك متغيرات حصلت بحسب تحليلهم ولكننا لم نغير شرطا ولم نغير حرفا ولم نرفع سقفا بل ذهبنا الى هناك لاننا نريد انقاذ لبنان مما هو اخطر لاننا كنا نريد ان ننقذ لبنان من قتال الجيش والمقاومة لاننا كنا نريد ان ننقذ لبنان من الفتنة الطائفية , لاننا كنا نريد ان ننقذ لبنان من الصيف الساخن الذي وعد وعد يه هامان فرعون جورج بوش واسياده , ولم نوظف ما حصل على الاطلاق في السياسة ولم نطلب أي مكسب سياسي بالرغم مما لحق بنا من اتهامات ظالمة ومن تشويه كبير ومن اعتداء آثم من قبل الكثيرين ولا اريد ان افتح الملف اليوم الا يكفي في هذه التجربة لتنهي هذا الجدال في لبنان لاولئك الذين يتهموننا بالتسلط واحلام السيطرة الاستئثار ؟ 


ايها الاخوة والاخوات : في عيد المقاومة والتحرير كما في بنت جبيل  والضاحية الجنوبية الابية اجدد النداء واجدد الدعوة الى شراكة وطنية حقيقية لا يحذف فيها احد ولا يغلب فيها احد ولا يشطب فيها احد ولا يفرض فيها احد على احد وام يتاح الفرصة امام اللبنانيين لبناء دولة عادلة حقيقية دولة يحكمها ممثلو هذا الشعب المنتخبون بصدق ونزاهة وبتحالفات ثابتة وصادقة ان يتاح امام اللبنانيين فرصة العمل سويا بعيد عن الاصغاء للخارج .
 
قبل ايام طالب المجلس الوزاري السعودي باجراء تعديلات دستورية في لبنان تضمن عدم تغيير هويته العربية , طبعا هذا الموضوع لم نناقشه حتى مع اخواني, وانا اريد ان اتكلم عنه , نعم , انا شخصيا اوافق على اجراء تعديلات دستورية , انا من حزب ولاية الفقيه اوافق على تعديلات دستورية تضمن الهوية العربية للبنان وتمنع أي احد ان يتدخل بشأن لبنان والحري بهم ان يتحدثوا عن التدخل الاميركي في لبنان والتدخل الغربي في لبنان , اما اصدقاؤنا فالعالم كله يعرف انهم لا يملون علينا قرارا نحن في المعارضة الوطنية اللبنانية على الارض وفي المفاوضات وفي الدوحة , نحن كنا اصحاب القرار .
 
ايها الاخوة والاخوات : بالنسبة للاحداث الاخيرة , انا اليوم امام خيارين : اما ان اشرح واوضح ما جرى مما قبل اتخاذ القرارين الى اتخاذهما ومخاطرهما ومعناهما , وقد شرحت بعضا من ذلك في المؤتمر الصحفي يوم الخميس وتداعيات الاحداث وما قلنا وما قيل وما نقول , انا اعرف ان هذا سيؤدي الى عودة الاحتقان والتوتر الى الساحة اللبنانية وانا لا اريد ان اعكر فرحة اللبنانيين في عيدهم واتفاقهم ووفاقهم وانتخابهم لرئيس جديد للبنان,والخيار الثاني ان اؤجل كل هذا النقاش وبالتالي سوف تبقى هناك امور عالقة في اذهان البعض ومبهمة لدى البعض الاخر وظالمة لنا لكنني افضل ان اؤجل كل هذا النقاش واتحمل ما يلحق بمقاومتنا ومسيرتنا من اتهامات ظالمة لمصلحة لم الشمل , لكن امام الاحداث الاخيرة لا بد من كلمة ولا بد من بعض النقاط للوضع اللبناني القائم , يجب ان اقول نعم هناك جراح حصلت , هناك جراح كبيرة حصلت , جراح عندنا وجراح عندهم , ونحن وهم ايضا امام خيارين : اما ان نوسع الجراح ونلقي فيها ملحا وام ان نعمل على تضميدها ومعالجتها من اجل لبنان وشعبه , نحن نؤيد الخيار الثاني , يعني تضميد الجراح ولم الشمل , هذا يحتاج الى اقوال وافعال ونحن جاهزون لذلك ,  الاهم ان نستخلص العبر والدروس كل في داخله , لا اريد ان اقف اليوم لاستخلص عبر ودروس يفهم منها انني اتحدث بمنطق الغالب او المنتصر , على الاطلاق ! ونعرف ان طرح العبر والدروس ايضا سيؤدي الى احتقان وتوتر ,اذن فلنؤجل فتح هذا الجرح الان , نفتحه في وقت لاحق عندما تهدأ النفوس وتتاح الفرصة للعقل والمنطق ونجعل الاولوية للملمة الجراح واطلاق مرحلة جديدة في لبنان هي مرحلة ما بعد 25 ايار 2008 يعني بعد العرس الوطني والعربي والدولي الذي شهدناه امس في المجلس النيابي اللبناني.
 
 
ايها الاخوة والاخوات : امام هذه المستجدات لا بد من طرح النقاط التالية : 
 
 
اولا : اتوجه بالشكر باسمكم جميعا الى اخواننا العرب والى اللجنة الوزارية العربية والى الجامعة العربية وامينها العام واخص بالشكر دولة قطر قيادة وشعبا وجميع الدول الشقيقة والصديقة وفي مقدمتها سوريا والجمهورية الاسلامية في ايران وجميع اصدقاء لبنان الذي ساعدوا على انجاز هذا الاتفاق .
 
 
ثانيا : بالنسبة لمسألة السلاح, انا اؤكد اليوم مجددا على البند الوارد في الاتفاق القاضي بعد استخدام السلاح لتحقيق أي مكاسب سياسية من كل الاطراف , اؤيد ونؤيد في حزب الله هذه الجملة وعندما نذهب الى النقاش سنناقش , لكن اسمعوني قليلا : سلاح المقاومة لمواجهة العدو ولتحرير الارض  والاسرى والمساهمة في الدفاع عن لبنان وليست لتحقيق مكاسب سياسية , فلمن كان السلاح الاخر ؟ ولمن كان يكدس ؟ ولمن كان يعد ؟ ولمن كان يدرب ؟ وسؤال سلاح الدولة يعني سلاح الجيش والقوى الامنية هو للدفاع عن الوطن وحماية المواطنين وحماية حقوقهم المختلفة وحماية الدولة وبسط الامن لا يجوز استخدام سلاح المقاومة لاي مكسب سياسي داخلي , لكن ايضا لا يجوز استخدام سلاح الدولة لتصفية الحساب مع فريق سياسي معارض , ولا يجوز استخدام سلاح الدولة لحساب مشاريع خارجية تضعف قوة ومنعة لبنان في مواجهة اسرائيل ولا يجوز استخدام سلاح الدولة  لاستهداف المقاومة وسلاحها . يجب ان يبقى كل سلاح في خدمة الهدف الذي صنع من اجله ووضع من اجله سواء كان سلاحا للدولة ام سلاحا للمقاومة .
 
 
ثالثا : بالنسبة لقانون الانتخاب لا شك ان القانون الذي توصلنا اليه يحقق تمثيلا افضل من القوانين السابقة وبالاخص من قانون العام 2000 وهذا القانون كان على الحساب الحزبي والفئوي لبعض اطراف المعارضة وفي مقدمها حزب اله وحركة امل ولكنا ارتضينا هذا القانون لانه يحقق تمثيلا افضل من القوانين السابقة المرعية الاجراء والتي يمكن ان تقبل من الطرف الاخر ولكننا لا نقول انه قانون الانتخاب الافضل على الاطلاق, هذا قانون تسوية بين افرقاء يريدون اخراج لبنان من ازمته نحن نأمل ان يأتي الزمان الذي يتمكن فيه اللبنانيون من الجلوس بهدوء ويناقشوا قانون انتخاب حضاري عصري يؤسس لقيام دولة كل الذين يقولون انهم يريدون بناء دولة تنكشف نياتهم عندما يتحدثون عن قانون الانتخاب, في لبنان المدخل لبناء الدولة, ولإعادة تكوين السلطة والحكومة ومؤسساتها هو قانون الانتخاب. 
 
 
وعندما يفصّل البعض منا قانون الانتخاب على قياس شخصه وزعامته او على قياس حزبه او على قياس طائفته هو لا يريد ان يبني دولة لا يكفي ان تتهم الاخرين بانهم لا يريدون دولة. من لا يعطي اللبنانيين قانون انتخاب عادل وعصري يمكّنهم من أن يتمثلوا بحق في مؤسسات الدولة هو يريد المزرعة ولا يريد الدولة، لكن في كل الاحوال هذه هي التسوية الممكنة التي نأمل في المستقبل ان يتمكن اللبنانيون من انجاز قانون انتخاب افضل. 
 
 
رابعا:  ان انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية يجدد الأمل لدى اللبنانيين بعهد جديد وبداية جديدة، وخطاب القسم الذي سمعناه بالأمس يعبر عن الروح الوفاقية التي وعد فخامته أن يتصرف من خلالها في المرحلة المقبلة وهذا ما يحتاجه لبنان الوفاق والشراكة والتعاون والبعد عن الاستئثار. 
 
 
خامسا: حكومة الوحدة من خلال مشاركة حقيقية للمعارضة مع الموالاة هي ليست انتصارا للمعارضة على الموالاة هي انتصار للبنان كل لبنان وانتصار للشعب اللبناني وانتصار للعيش المشترك وانتصار لمشروع الدولة لأن هذا البلد لا يمكن أن يقوم وان يدوم وان يتعمّر وان  يخلد وان يصمد إلا بالتعاون والتوافق والتعاضد.
 
انا عندما خاطبتكم ايام كنتم معتصمين في ساحات الشهداء ورياض الصلح وقلت لكم نحن نعتصم لأننا نريد حكومة وحدة وطنية، وكنت أعلم أن المسألة تحتاج الى بعض الوقت، ولكنّي وعدتكم وقلت لكم كما كنت أعدكم بالنصر دائما أعدكم بالنصر مجددا, لم أكن أقصد نصر فئة على فئة ولا جماعة على جماعة ولا معارضة على موالاة بل كنت أؤمن بأن انتصار لبنان هو في أن تقوم له حكومة وحدة وطنية. وعندما اتفق في الدوحة على حكومة الوحدة الوطنية كان الانتصار للبنان كما انتصار لبنان في 25 ايار 2000  لم يكن انتصارا لفئة ولا لطائفة ولا لتيار سياسي وإنما لكل لبنان كذلك انتصار في 2006 كذلك انتصار لبنان في اتفاق الدوحة. 
 
 
بالنسبة للحكومة نحن سنساهم إن شاء الله بكل صدق وجدية بالإسراع في تشكيل الحكومة لتبدأ عملها وقد وعدت سابقا بأن تحضر أطياف أخرى من المعارضة وألاّ يقتصر تمثيل المعارضة في الحكومة على حركة امل وحزب الله وتكتل الاصلاح والتغيير، وإنما يتاح الفرصة لقوى أخرى من المعارضة ولو من سهم حزب الله للأسف، لأن تركيبة لبنان هي تركيبة أسهم وحصص. نحن سنعمل بكل حزم وبكل جدّية لتتمثل المعارضة على افضل وجه في حكومة الوحدة الوطنية المقبلة ونأمل أن تكون هذه الحكومة حكومة جادة تعمل لمعالجة المشاكل الكبيرة التي يعانيها اللبنانيون وقد ضاع من عمرهم الكثير من الوقت وليس حكومة تقطيع زمن ولا حكومة محكومة بعقلية الانتخابات المقبلة وانما حكومة مسؤولة وجادة في تحمل المسؤولية. 
 
 
خامسا: انا أدعو وبكل صدق وطالما أننا نتحدث عن الحكومة المقبلة وعن المرحلة المقبلة أوّد أن أخصص بالدعوة تيار ومحبّي الرئيس الشهيد رفيق الحريري الى الاستفادة من التجربة الكبيرة لهذا الرجل الكبير والى الاستفادة من آفاق تفكيره الاستراتيجي حول لبنان وهو الذي استطاع أن يوائم بين مشروع الاعمار وبناء الدولة ومشروع المقاومة بعقل كبير. جاء البعض ليضع المقاومة والحكومة أمام خيارين: إما لبنان هونغ كونغ واما لبنان هانوي, يعني اما لبنان المدمر او لبنان درة الشرق ولكن أرضه محتلة وسيادته مصادرة وكرامته مداسة وامنه مباح أمام الاسرائيلي.
 
 
المقاومة مع عقل الرئيس الشهيد رفيق الحريري استطاعت أن تقول نحن لا نقلّد أحدا لا هونغ كونغ ولا هانوي ولا نتبع نموذجا, نحن اللبنانيون نصنع النموذج، نحن نستطيع أن نقدم للعالم بلدا يقوم فيه الاعمار والاقتصاد والدولة والشركات والمساهمات والقطاعات الانتاجية.... والى جانبه مقاومة لا تمارس مهمة الدولة ولا تنافس السلطة في سلطانها وإنما تتحمل إلى جانب الدولة  مسؤولية تحرير الأرض والدفاع عن الوطن, هذه هي الصيغة التي عايشناها وتعايشنا من خلالها كمقاومة مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري, من كان وفيا لإرث هذا الشهيد االكبير عليه أن يعمل على إحياء هذا النموذج، وهذا ليس دعوة لا الى تحالف ثنائي ولا الى تحالف ثلاثي ولا الى تحالف رباعي هذا صار من الماضي. نحن ندعو الى تعاون الجميع وتحالف الجميع  ومشاركة أوسع شريحة ممكنة من القوى السياسية الحية في لبنان وان لا يتم الاستئثار لا بطائفة ولا بموقع ولا بسلطة ولا بمؤسسة.  
 
 
أيها الإخوة والأخوات, النقطة ما قبل الأخيرة: إني آمل بقوة وأدعو الله تعالى أن يكون أمام اللبنانيين صيفا هادئا وادعا. تعالوا لنتعاون، هناك حلمان حلم لبناني وحلم أميركي الحلم اللبناني يتحدث عن صيف هانئ ووادع والحلم الامريكي يتحدث عن صيف ساخن. تعالوا لنحقق أحلامنا وليس أحلام أعدائنا وأنا أعدكم وأعد كل اللبنانيين وكل أحبائنا في العالمين العربي والإسلامي أن نبذل كل جهد وان نتجاوز كل حقد وان نتغاضى عن كل حساسية وان نقفز فوق الجراح لنضم أيدينا إلى أيدي بعض ونعمر لبنان ونصون لبنان.
 
 
الشكر كل الشكر وانا أعتذر عن ذكر الأسماء ( لاحظتم اليوم تجنبت ما امكن ذكر الاسماء ) لأن هناك أسماء كثيرة في لبنان وخارج لبنان يجب أن تشكر ويجب ان تقدّر جهودها من كل الطوائف وفي الكثير من الدول ولأن اللائحة كبيرة اعتذر عن ذكر الاسماء وأكتفي بالقول : الشكر كل الشكر للقيادات الإسلامية السنية في لبنان والعالم العربي والإسلامي, قيادات دينية وسياسية وفكرية لأنها بمواقفها الشجاعة عطّلت المشروع الأميركي الذي يحاول دائما أن يصوّر أي صراع سياسي في أي مكان على أنه صراع مذهبي. الشكر كل الشكر للقيادات الوطنية الدرزية من بني معروف ومن جبل المقاومين المرابطين لمواقفهم الشجاعة والوطنية سواء كانوا علماء وشيوخ وقادة سياسين واعلاميين وقوى واحزاب لأنهم منعوا بصوتهم وجرأتهم أن يصوّر احد للعالم أن ما يجري هو فتنة شيعية درزية. الشكر كل الشكر للقيادات الوطنية المسيحية في لبنان التي أكدت من خلال مواقفها الشجاعة طبيعة الصراع السياسي  والخصام السياسي البعيد عن الطائفية والمذهبية والرحمة كل الرحمة للشهداء. 
 
 
(هناك الكثير قد كتبوا وقالوا نعم سقط شهداء لحزب الله طبعا لان كان هناك معركة واطلاق نار، وهذا الملف نتكلم به فيما بعد، وحزب الله يخفي شهداءه ويخجل بشهدائه, ابدا )  لقد قضى لنا في هذه الأحداث الأخيرة اربعة عشر شهيدا نعتز بهم ونفخر بهم ونرفع رؤوسنا بهم وشهيدان من السرايا اللبنانية لمقاومة الاحتلال وشهداء من حركة أمل وشهداء من الحزب السوري القومي الاجتماعي  وشهداء من الحزب اللبناني الديمقراطي وكان شهداء المعارضة في الاحداث الاخيرة, كانوا من المسلمين  والمسيحيين ومن السنة والشيعة والدروز. لكيلا يبقى اشتباه عند احد هؤلاء الشهداء نعتز بهم طبعا نأسف ونحزن ونتألم لكل الضحايا في الفريق الآخر الذين سقطوا في هذه الاحداث, وما يجب أن يسلّي عوائل الجميع الذين فقدوا أعزاء أن دماء أبنائهم وبمعزل عن خلفيات الاحداث أخرجت لبنان من نفق مظلم طويل, لولا هؤلاء لولا هذه الدماء لولا هذه التضحيات كان البعض في الخارج يريدون ان يأخذوا لبنان الى المكان الذي لا يبقى فيه أي فرصة لقيامة لبنان. ندين جميعا لهؤلاء الشهداء لانهم وضعوا لبنان وسيضعون لبنان أمام صيف جديد ومرحلة جديدة وحياة جديدة. 
 
 
ايها الإخوة والأخوات,  لبيروت العاصمة الأبية الحبيبة, للجبل العزيز للشمال والبقاع للجنوب المقاوم والصامد لكل بلدة وقرية في لبنان, لكل حزب وطائفة في لبنان لكل جماعة وفئة في لبنان لكم في عيد المقاومة والتحرير محبتنا وتقديرنا واحترامنا ويدنا الممدودة الحاضرة دوما للتعاون لبناء لبنان القوى العزيز العادل المنيع القادر على الصمود الشامخ بشموخ جباله الخالد بخلود أرزه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
     


 

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع