شارك هذا الموضوع

الكيان الصهيوني انهزم في عدوانه أمام المقاومة برغم الغطاء الدبلوماسي الأمريكي -البريطاني

الكاتب السياسي المصري مصطفي اللباد لـ الوفاق :


الكيان الصهيوني انهزم في عدوانه أمام المقاومة برغم الغطاء الدبلوماسي الأمريكي -البريطاني


بمناسبة ذكرى حرب تموز وانتصار المقاومة الإسلامية في لبنان في هذه الحرب التقت صحيفة الوفاق بالدكتور مصطفى اللباد الكاتب والمحلل السياسي المصري الشهير ورئيس مجلة ''شرق نامة'' المصرية وسألته عن أسباب الحرب والأوضاع في لبنان خلال الحرب وبعدها . هذا و قد صرح اللباد في رده على سؤال حول أسباب هزيمة الكيان الصهيوني في تموز الماضي أن الكيان الصهيوني لقي أكبر مفاجأة استراتيجية في تاريخه، هذه المفاجأة تمثلت في أن رد فعل المقاومة اللبنانية كان أكبر مما توقع الكيان الصهيوني . وفي حين أن الاعتماد على التفوق الكاسح لسلاح الجو الإسرائيلي قاد هذا الكيان إلى إحراز نجاحات عسكرية في كل مواجهاته مع العرب . ولكن هذه المرة لم يستطع هذا السلاح فعل الشيء الكثير لان الهدف الذي أعلنه رئيس وزراء الكيان كان نزع سلاح حزب الله، وكما هو معلوم نزع السلاح لا يتم إلا بالتقدم على الأرض وليس القصف من الجو فقط، وهنا كانت المفاجآت بانتظار جيش العدو . وأضاف لقد تحطمت أسطورة دبابة الميركافا حتى أصبحت صيداً سهلاً للمقاومة اللبنانية، والتحصينات اللبنانية وبالأخص الأنفاق فجرت أكبر المفاجآت، وأضاف : إن حزب الله حفر أنفاقا سمحت لمقاتليه بأن يباغتوا قوات الجيش الصهيوني في كل لحظة في عيتا الشعب أو مارون الرأس مسجلين اكبر الخسائر في صفوف العدو واكبر الانتصارات العسكرية والمعنوية . وأردف قائلاً انه بالرغم من الغطاء الدبلوماسي الأميركي والبريطاني للعدوان الصهيوني ومنعهم أية محاولة لوقف إطلاق النار طيلة ثلاث وثلاثين يوما أملاً في أن يحرز جيش العدو أي انتصار على الأرض، لم يستطع جيش الكيان الصهيوني تحقيق مثل هذا الانتصار، وبالإضافة إلى كل ذلك كان رد الفعل الصاروخي من جانب المقاومة اللبنانية على المدن الإسرائيلية اثّر عميقاً على النفسية الإسرائيلية لأنها المرة الأولى في تاريخ الصراع العربي - الإسرائيلي الذي تتعرض فيه المدن الإسرائيلية لقصف صاروخي محسوب ودقيق ومخطط له سلفا. وتتوجت عمليات المقاومة بهيمنة كاملة من جانب المقاومة على الإعلام والصراع على المعلومات والرأي العام، وكلنا يتذكر تلك الإطلالة النورانية لسماحة السيد حسن نصر الله في توقيتات عبقرية ليحطم معنويات الإدارة الحربية الإسرائيلية ويرفع من معنويات المقاومة التي حظيت بأكبر دعم شعبي عربي وإسلامي من المغرب وحتى اندونيسيا .
وأضاف قائلاً : انه بالرغم من كل هذا الصمود وهذا التدبر والحصافة اللبنانية فقد خرج مجلس الأمن بالقرار 1701 الذي يوقف العمليات العسكرية ويعيد الجيش الصهيوني إلى وراء الحدود اللبنانية ولكي ينشر قوات الأمم المتحدة على المنطقة الجغرافية الواقعة من الحدود اللبنانية وحتى نهر الليطاني لنزع سلاح الحزب ومنع الاحتكاك العسكري. وتعود هذه النتيجة غير المسبوقة في الحروب إلى الضغط الأميركي الواضح للخروج بهكذا قرار . وفي علوم الاستراتيجية يكون هناك تناغم دائما بين نتيجة المفاوضات مع الواقع العسكري على الأرض وهو ما لم يحدث مع القرار 1701 .
هذه النتيجة الدبلوماسية للحرب والتي لا تتفق مع نتائجها على الأرض سوف لن تمنع حزب الله في حال ما تطلب الأمر ذلك من ردع الجيش الصهيوني مرة أخرى، وذلك لان قدرات حزب الله الصاروخية تمكنه من الوصول الى حيفا. وما بعد حيفا وكلنا فهم الرسالة أي قدرة الحزب على الوصول إلى تل أبيب . كما أن وجود حزب الله قائم في الجنوب اللبناني بعد الحرب كما هو مثل قبل الحرب وان لم يكن ظاهراً، ولا ننسى في هذا السياق تجربة لبنان بعد العام 1982 إذ نجحت المقاومة والعمليات الاستشهادية في طرد المارينز الأمريكيين والفرنسيين نهائياً من لبنان على الرغم من احتلال الجنوب اللبناني وقتذاك . لكل هذه الأسباب أوجز وأقول : إن حزب الله انتصر معنويا على الآلة الإعلامية الجبارة للكيان الصهيوني وعسكريا على آلته الكاسحة ولكن مجلس الأمن خرج بقرار يحول ما حدث الى نصف انتصار بنشره القوات الدولية على الجانب اللبناني فقط وليس على الجانبين كما كان يفترض.
وتقييماً للمواقف الداخلية في لبنان والدول العربية خلال الحرب قال اللباد ان فريق الثامن من آذار كان متضامنا مع حزب الله وبالأخص منه التيار الوطني الحر بقيادة الجنرال ميشيل عون، أما فريق الرابع عشر من آذار فكان همه الأساسي إيقاف العمليات العسكرية تجنباً لمزيد من الدمار في البنية الآساسية اللبنانية . ولكن توجهات هذا الفريق وتحالفاته الإقليمية والدولية كانت تحدد سياساته بشكل كبير وهو ما ترك مرارات لم تمحى حتى الآن لدى المقاومة وفئات لبنانية وعربية واسعة .
وأضاف : أما المواقف العربية التي تبناها النظام العربي الرسمي كانت دون مستوى الحدث بكثير وبحيث تاهت الحدود بين التكتيكي والاستراتيجي، والصراع الثانوي والصراع الأساسي . تقديري الشخصي إن الصراع الأساسي في منطقتنا يقوم بين قوى التحرر العربية والإسلامية من ناحية والكيان الصهيوني وكيلاً لقوى الاستعمار العالمي من ناحية أخرى . أما الصراع الثانوي فهو الصراع على الحضور الإقليمي في المنطقة بين العرب وإيران مثلاً أو العرب وتركيا أو بين تركيا وإيران وهي منافسات أو صراعات لا يجب أن تطمس القضية الأساسية، فكل هذه القوى هي قوى أصيلة في المنطقة وليست وافدة وتعايشت على مدار التاريخ مع بعضها سوياً في ظل صعود وهبوط لكل من هذه الأطراف مقابل بعضها الآخر. ما حدث في المواقف العربية الرسمية هو اعتبار أن حزب الله متحالف مع إيران وهو أمر صحيح وبالتالي منع ذلك النظام العربي الرسمي من القيام بواجبه في دعم وحماية لبنان ومقاومته الباسلة. وما زاد الأمور تعقيداً خروج أصوات محسوبة على التيار الديني السلفي في بعض الدول العربية تضع الاعتبار المذهبي فوق اعتبار الصراع الأساسي في منطقتنا باعتبار أن حزب الله هو حزب شيعي وهو ما فتح الباب أمام تمييع المواقف وخلط الأوراق وشق التحالفات للأسف الشديد .
وحول الوضع السياسي في لبنان ومستقبل الأزمة قال هذا الخبير إن لبنان تشهد صراعا بين قوتين، الثامن من آذار وقوامه الأساسي حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر في مقابل تيار الرابع عشر من آذار وقوامه الرئيس ممثلا في تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية وهناك أحزاب ذات نفوذ مناطقي متوزعة على الفريقين . تحالف فريق الثامن من آذار إقليمياً هو سورية وإيران أما تحالف الرابع عشر من آذار فهو الولايات المتحدة الأمريكية والنظام العربي الرسمي .
صحيح أن هناك أسباباً داخلية لبنانية لتفاقم الصراع منها رغبة المعارضة أو فريق الثامن من آذار في الحصول على الثلث المعطل في الحكومة اللبنانية حتى يستطيع المشاركة الفعلية مع فريق السلطة وأيضاً انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان بالتوافق، ويظهر ذلك في مطلب انتخاب الرئيس الجديد بأغلبية الثلثين لضمان مشاركة المعارضة في انتخابه . أما فريق الرابع عشر من آذار والذي يملك الأغلبية في البرلمان ويملك منصب رئيس الحكومة فهو يريد استثمار أغلبيته البرلمانية في انتخاب رئيس جديد دون مشاركة المعارضة اللبنانية. وكلما يمر الوقت يقترب موعد انتخابات الرئاسة في أيلول القادم ويشتعل الصراع كلما مر الوقت دون توافق بين الفريقين بحيث سيصل إلى قمته في النصف الثاني من شهر آب القادم أي بعد شهر من الآن .
وأضاف: إن النظام السياسي اللبناني هو نظام يقوم على التوافق بين الطوائف يكون موضوعياً أن تكون الأحزاب السياسية اللبنانية ممثلة لطوائف بعينها وليس لأفكار سياسية فقط وبالتالي يمكن تصنيف الصراع بين الفريقين على انه صراع على الحصص في الدولة اللبنانية. فريق الثامن من آذار يرغب في زيادة حصة الشيعة ممثلين في حزب الله وحركة أمل، وحصة الموارنة ممثلين في الجنرال ميشيل عون والذي يعتقد أن اتفاق الطائف 1989 جاء ضد مصلحتهم.
وبالمقابل فهناك الحزب التقدمي الاشتركي ممثلا للموحدين الدروز وتيار المستقبل للسنة في لبنان والقوات اللبنانية ممثلين لأقلية مارونية يريدون عكس ذلك.
وهناك مستوى آخر هو التحالفات الإقليمية والدولية أو بوضوح بين المشروع الإيراني السوري وبين المشروع الأمريكي، والتصارع بين المشروعين هو الذي يتحكم بالساحات الممتدة من معبر خانقين في العراق وحتى غزة مروراً بالعراق وسورية ولبنان، وتأسيساً على ذلك نتيجة الصراع في لبنان ستكون مرتبطة بالنتيجة أيضاً بتصارع المشروعين المذكورين أو توافقهما حول لبنان ..
وحول علاقة حرب الصيف الماضية والملفات الجارية في المنطقة، قال اللباد: ليس خافيا ان الحرب على لبنان وحزب الله كانت حربا على تحالف حزب الله مع ايران، ولكن الجديد كان استعمال القنابل الذكية من طراز جي بي يو التي تخترق الانفاق من طرف اسرائيل في الحرب، وهي صواريخ حصلت عليها اسرائيل اثناء الحرب مع حزب الله لتجربتها في لبنان توطئة لاستعمالها ضد ايران وبالتحديد ضد منشاتها النووية، وتتميز بقدراتها على اختراق الاعماق والتحصينات. كانت بروفه كما يقولون للحرب على ايران. ولكن نتيجة المعركة والمقاومة البطولية لحزب الله خلقت انطباعا مغايرا عما كان مستهدفا. وبخلاف ذلك اسرائيل لا تملك حدودا مشتركة مع ايران مثلما هو الحال مع لبنان ولذلك لا يتبقى امامها سوى القيام بغارات جوية ضد اهداف ايرانية منتقاة. وهذا الاحتمال لا يمكن مقارنته بما قامت به اسرائيل بداية الثمانينات مع العراق وتدمير مفاعل اوزيراك النووي، وذلك لان ايران تملك مواقع مختلفة وليس موقعا واحدا مثل اوزيراك. كما ان هذه المواقع متوزعة على الجغرافيا الايرانية الضخمة وبحيث تصعب الجغرافيا مهمة الطائرات المهاجمة، ويضاف الى ذلك التحصينات حول المواقع النووية الايرانية وقدرات الدفاع الجوي الايرانية معطوفة على قدرات ايران الردعية الصاروخية. كل ذلك يجعل مهمة اسرائيل صعبة للغاية. وحتى بافتراض نجاح اسرائيل في استهداف بعض المنشات الا انها لن تستطيع استهداف كامل هذه المنشات وهو ما سيؤدي بالنهاية الى تدشين البرنامج النووي الايراني كحقيقة واقعة.
وحول موقف فرنسا غير الايجابي من حزب الله صرح قائلا ان رد الفعل القوي من جانب حزب الله على تصريحات ساركوزي والمتمثل في رفض المشاركة بمؤتمر الحوار اللبناني في فرنسا أجبر ساركوزي على تصحيح تصريحاته، وسحبها بالأحرى. ومعلوم أن عدم مشاركة حزب الله في هذا الحوار كان سيعني فشل المؤتمر قبل أن يبدأ بسبب الموقع الذي لا يمكن تجاهله للحزب في الشأن اللبناني. ما رشح حول الموضوع أن السيد نواف الموسوي مسؤول العلاقات الخارجية بالحزب رفض الدعوة الفرنسية للحضور بعد تصريحات ساركوزي ما أجبر الأخير على تعديل تصريحاته ومن ثم التمهيد لمشاركة حزب الله.


 

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع