شارك هذا الموضوع

النص الكامل لمقابلة السيد نصر الله مع قناة الجزيرة

 فيما يلي الجزء الأول من مقابلة سماحة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله مع قناة الجزيرة، وهنا النص الكامل:
" أن تذكر الحرب الاسرائيلية على لبنان العام الماضي وتذكر بأنها كانت بشعة شرسة مدمرة ، فهذا ذكر لتأريخ وتذكير بالتاريخ . لكن ان تذكر كيف صمد شعب لبنان وتذكر كيف قاتلت مقاومته فالذكر هو من اجل التاريخ والتذكير هو كي لا يضيع أو ينسى أو يهمل التاريخ.

أن تقول ان إسرائيل تملك أقوى جيش مسلح في المنطقة فهذا نقل معروف لكن ان تقول ان الجيش الإسرائيلي هذا فقد هيبته في لبنان وخسر ورقته ، الصورة الرائجة بأنه جيش لا يقهر ، فهذا ما بات معروفا ان تراجع ما أعلن إسرائيليا قبل عام من أهداف وكذا ما وعدت به الإدارة الأميركية وقتذاك من إقامة الشرق الأوسط الجديد، فهذه مراجعة ضرورية تفاديا لتبسيط الأحداث وكي نقرأ ذلك الزلزال في إطاره الإقليمي الدولي وأبعاده الإستراتيجية ، لكن أن نراجع ما قام به "حزب الله" ذاته سياسيا وعسكريا برؤية تقويمية ونقدية ونقف على مشهد العام الماضي، أين بات بعد عام لبنانيا وسوريا وإيرانيا وعربيا وإسرائيليا وأميركيا فهذا هو الضروري لتفادي التبسيط.

أن نتصفح أوراق ضرب البارجة الإسرائيلية وإطلاق الصواريخ ومعارك مارون الراس وبنت جبيل وعيتا الشعب وغيرها من بلدات الجنوب، فهذا مفيد جميل، لكن أن نعرف كواليس المعارك والقيادة وقراراتها وقصة البارجة وغيرها من الخفايا فهذا أجمل وأكثر من مفيد.

أن نستحضر بالذاكرة كيف تحدث الأمين العام ل"حزب الله" في مثل هذا اليوم من العام الماضي وفي أتون الحرب، في مقابلته التلفزيونية المعروفة، وأحتل من خلالها شاشات العالم كله وقتذاك، فهذا استحضار اعتزاز، لكن ان نستحضر بالواقع هذه الخفايا فهذا هو الاستحضار الاعتزاز.

نتحدث عن ومع وحول سماحة السيد حسن نصرالله ، مرحبا بكم سماحة السيد.

س - بعد عام نلتقيكم لكن المفارقة ان رئيس الوزراء الإسرائيلي اولمرت يقول: ان من علامات النصر الإسرائيلي هو انه يتحرك بكل حرية ويتحدث في الهواء الطلق ويحاور من يشاء، أما أمين عام "حزب الله" فهو مختف ويجول بين الزواريب ماذا تقول؟
ج - "بسم الله الرحمن الرحيم، بالمباشر ومنذ عام 1992 عندما أقدمت قوات الاحتلال ، سلاح الجو الإسرائيلي على قتل أميننا العام الشهيد السيد عباس الموسوي وزوجته وطفله وفي شكل علني وفي وضح النهار، منذ ذلك الحين أنا لا أتجوّل في شوارع بيروت. يبدو أن السيد اولمرت هو لا يعرف شيئا عن الماضي فأنا لا أتجوّل لا في شوارع بيروت ولا في غير بيروت وأنا والعديد من الأخوة في حالة حذر منذ ذلك الوقت عندما اخذ الإسرائيلي خيار الاغتيالات السياسية الواضحة ويقتل القادة مع نسائهم ومع أطفالهم لكن في كل الأحوال السيد اولمرت نسي كل الأهداف التي أعلنها للحرب وقال في الكنيست انه لن يوقف الحرب اذا تحققت ووجد انه لم يتحقق منها شيء وذهب إلى أمر هو تحصيل حاصل إلى أمر متحقق منذ سنة 1992 ليقدمه كانجاز كبير وهو أني لا اتجوّل في شوارع بيروت ".

إذا اليوم، أنا أقول للسيد اولمرت ليس مهما أين أتجوَل أنا، المهم أن مشروعكم المرتبط بإسرائيل الكبرى أسقطناه ، ومشروعكم المرتبط بإسرائيل العظمى حطمناه. لا أريد أن أبالغ وأقول أسقطناه، مازالت هناك تحديات كبيرة أمامنا ، ولكن حطمنا جزءا كبيرا من مشروع إسرائيل العظمى. إضافة لما أنجزه إخواننا في الانتفاضة الفلسطينية سابقا، لأنني أعتبر أن الانسحاب الإسرائيلي من طرف واحد من قطاع غزة، يعني خرج من جزء من فلسطين التاريخية، وهذا يمس صورة إسرائيل العظمى بشكل أو بآخر ، هنا نحن نتحدث عن نتائج إستراتيجية في الحرب".

سماحة السيد حدثنا الآن عن كواليس اليوم الأول، قمتم بعملية الأسر، بعدئذ ما الذي حصل ؟ نتحدث عن الكواليس وليس ذلك المؤتمر الصحافي وغيره وتهيئتم ربما لعدوان، لحرب إلى كل هذه المسائل، ولكن أول يوم الذي هو بداية المعركة ماذا حصل معكم؟
ج- "نحن كنا قد قررنا القيام بعملية أسر منذ فترة ، والأخوة كانوا قد خططوا وكانوا حاضرين بشكل دائم في تلك المنطقة التي نُفذّت فيها العملية ، وأستطيع أن أقول لك ولا أدري هذا اذا سوف يصدر في إخفاقات الجيش الإسرائيلي أم لا، أن الأخوة بقوا متواجدين في تلك المنطقة لعدة أشهر ، لما لا يقل عن ثلاثة أشهر عدا بعض الاستراحات القليلة، يعني نحن متواجدون في منطقة وفي كمين ننتظر الدورية الإسرائيلية، والإسرائيليون لم يشعروا بنا طوال هذه المدة، وكانت تمر من ذاك المكان سيارات مدنية، لم تمر خلال فترة تواجد الكمين سيارات عسكرية أو أحيانا كانت تمر سيارات عسكرية ومعها سيارات مدنية، ونحن كنا نود ومنذ البداية أن لا نُلحق أي أذى بالمدنيين ولا ان نأسر مدنيين، نحن نريد أسر سيارة عسكرية وجنودا يلبسون الزي العسكري أثناء عملية الأسر، وبالتالي أنا والأخوة المعنيين كنا بصورة انه في أي لحظة يمكن أن تتم عملية الأسر، وكنا قد حضَرنا بعض المقدمات، وعندما بدأ إطلاق النار وأعطونا الإشارة بأن العملية بدأت، طبعا الجهات المعنية انتقلت إلى غرفة العمليات لنبقى على اتصال مع الأخوة وبدأنا باتخاذ الإجراءات المتفق عليها في وضع مشابه".

س- كنت شخصيا موجود وتتابع العملية؟
ج- "طبعا، وبدأ إخلاء المراكز القيادية والمراكز الرئيسية حتى المحيط السكني للناس الذين يتواجدون في ما يسمى بمنطقة الشورى ومحيط الأمانة العامة، لأننا كنا نتوقع، وهذا كان الحد الأدنى بنظرنا أنهم سيقومون بقصف هذه المنطقة بالتحديد، لذلك قمنا بإخلائها بسرعة، ولذلك تلاحظ انه لم يسقط شهداء طوال الحرب في منطقة ما يسمى بالمربع الأمني. وكنا نتواصل مع الأخوة ويفيدوننا بسير العملية . تمت عملية الأسر ونقل نقل الجنديين إلى الخف وبسرعة كبيرة وخلال فترة وجيزة جداَ اصبحنا مطمئنين بان أيدي الإسرائيليين لن تصل وكان واضحا من خلال الإداء الميداني ان الإسرائيليين فوجئوا بالعملية بشكل كبير وخلال نصف ساعة لم يكن هناك أي تحرك إسرائيلي جدي سوى التحرك الموضعي يعني نقطة الموقع العسكري القريب وحاولوا ان يتدخلوا وضربت أول دبابه ثم جاءت الدبابة الثانية ايضا ضَربت وأتذكر في ذلك الوقت أن الدبابة الأولى لم تضرب بصاروخ وإنما بعبوة كبيرة جداَ كانت مزروعة على الطريق وتمزقت اشلاء والدبابة الثانية ايضا دًمرت والدابة الثالثة اصيبت وبالتالي في الساعات الأولى للمواجهة كان هناك حصيلة من الدبابات والآليات والجنود بين قتيل وجريح وبعدها بمدة من الزمن بدأ رد الفعل الإسرائيلي القصف على نقاطنا الموجودة على امتداد الحدود القصف على مواقعنا والقصف على بيوت المسؤولين وبعض الأماكن التي كانوا يعتقدون أنها مراكز لحزب الله والقصف في البداية لم يقف عند حدود وبدأت المواجهة".

س - في ما يتعلق بالأسيرين الآن بحسب ما فهمنا من وزير الخارجية الفرنسي أنكم أعلمتم الجانب الفرنسي بأنهما على قيد الحياة ؟
ج - "هذا غير صحيح وزير الخارجية الفرنسي دقيق وشاطر قال : أنا فهمت أنهما على قيد الحياة لكن الإخوة لايجيبون على هذا النوع من الأسئلة هذا الأمر متروك للتفاوض ولعل مبنانا وتوافقنا في قيادة الحزب ان الشخص الوحيد المخوّل أثناء التفاوض أن يقرر إعطاء أي معلومة حول حياة وخصوصيات هذين الجنديين هو أنا شخصياَ الأخوة لم يقدموا أي شيء" .

س - ممكن ان نعلم الآن هل هما على قيد الحياة ؟
ج - "كل معلومة ، كل كلمة كل إشارة يمكن في مقابلها ان نحصل على نتيجة إنسانية على أسرى ومعتقلين على أي شئ آخر، التجربة في السابق أكدت لنا هذا، فلماذا نقدّم معلومات بشكل مجاني ".

س - متى تأكدتم بأن هناك حربا مفتوحة قد بدأت وفي الاثناء ما الذي فعلتموه شخصيا على كل حال ؟
نحن كنا نعتقد انه في يوم من الأيام سوف تحصل حرب، وسوف يشن الصهاينة حربا على لبنان بسبب هزيمتهم عام 2000، من اجل استرداد الهيبة ولكي نرى كما أن الإسرائيلي يحمل عقدة مما حصل عام 2000. انه في حرب تموز هناك شيء تفصيلي نُشر عن معركة بنت جبيل، حيث يتبين بأن كل خلفية القرار لدخول مدينة بنت جبيل الذي كان املاءا على قيادة المنطقة الشمالية التي لم تكن جاهزة لمواجهته، ولم تكن موافقة عليه، إنما جاء أمر من فوق بأن احتلوا مدينة بنت جبيل، وكان لهذا علاقة بالبعد السياسي النفسي المعنوي، وهو انه بعد الانسحاب الإسرائيلي نُظم مهرجان في بنت جبيل وألقيت يومها خطابا وتكلمت عن "أوهن من بيت العنكبوت" فهم أرادوا أن يثبتوا لي وللبنانيين وللعرب وللمسلمين جميعا ان إسرائيل هي بيت الفولاذ وليست أوهن من بيت العنكبوت. وهنا نرى كم هو العقل الإسرائيلي مسكون بالنتائج النفسية والسياسية والمعنوية لهزيمة عام 2000.

إذا، نحن كنا نفترض أن الإسرائيلي يريد استعادة قوة الردع وهيبة الردع، ويجب ان يثأر من لبنان وشعب لبنان ومقاومة لبنان بسبب الهزيمة عام 2000، لذلك كنا نتحضر ونحن لم نكن جالسين، بل نحن من 25 أيار وكانت الناس تحتفل بالنصر، ونحن بدأنا مرحلة جديدة من الاستعداد لمواجهة حربا آتية، لكن لم نكن نعلم متى سوف تحصل هذه الحرب.

اذا، نحن من جهة الجهوزية لم تكن محتاجة مثلا أن استنفر قبل شهر أو شهرين لأن هذه الجهوزية قائمة، وفرضية الحرب كانت قائمة على كل حال.

طبعا، كان لدينا خطة للمواجهة، خطة مفصَلة، وقد وضعنا فيها سيناريوهات الحرب الإسرائيلية المفترضة ومواجهة هذه السيناريوهات".

س- هذا الذي حصل كنتم جاهزون له؟
ج- "طبعا نظريا ونفسيا ومعنويا كان كل شيء جاهز، وماديا كنا على درجة عالية من الجهوزية، وبالتالي عندما حصلت المواجهة في اليوم الأول لأن لدينا مستوى من الجهوزية، لأننا كنا نفترض ان هنالك رد فعل على عملية الأسر بشكل طبيعي، لكن في الليل بعد قرار الحكومة أعلنا الاستنفار العام والحضور في كامل الساحة اللبنانية، وبالتالي كل القدرات والإمكانات البشرية والمادية المتاحة لدى "حزب الله" وُضعت بتصرَف المعركة وبدء المواجهة".

س- من كان يقود هذه الحرب؟
ج- "للانصاف نحن لا نستطيع التحدث عن شخص واحد أو أشخاص محددين كانوا يقودون هذه الحرب، كان هناك عمل جماعي ضخم وواسع، طبعا لكل منا دور، يعني الأمين العام ل"حزب الله" له دور في مرحة الحرب ، في إدارة الحرب، والأخوة الآخرين أيضا لهم أدوارهم، هناك البعد الجهادي الميداني، هناك البعد الاجتماعي الشعبي، هناك البعد الإعلامي، هناك البعد السياسي، فالأخوة كان الكل يتحمل المسؤولية في مجاله. هناك أيضا قيادة عسكرية، مجموعة من الأخوة الكفوءين واللائقين ، هم كانوا يديرون هذه الحرب، بعضهم كان متواجدا هنا في بيروت، وبعضهم إضافة الى القيادات التي كانت موجودة في الجنوب تم إرسالهم من بيروت الى الجنوب في نفس يوم بدء المواجهات، وبالتالي هناك منظومة قيادة ، إذا أردنا ان نتحدث هناك منظومة قيادة، طبعا يقف على رأس منظومة القيادة العسكرية والقيادة العامة للمواجهة التي كانت قائمة الأمين العام ، بكل حال لأنه تنظيميا وإداريا يشكَل رأس الهرم".

س- من كان يتخذ القرارات الحاسمة على سبيل المثال، قضية الصواريخ التي تعتبر سلاحا استراتيجيا بالنسبة لكم، من كان يتخذ القرار بإطلاق الصواريخ الكيفية، العدد، التوقيت، المكان، كل هذه المسائل؟
ج- " الخطوط العريضة كانت مقررة مسبقا، لأنني قلت لك انه كان هناك سيناريوهات للحرب، وخطط لمواجهة هذه السيناريوهات، الخطوط العريضة مقررة مسبقا من قيادة الحزب".

س- لم تنقطع الاتصالات أبدا، يعني منذ اليوم الأول لليوم الأخير لم تحصل لكم أي مفاجأة مضادة؟
ج- "بشكل عام، الاتصالات كانت متوفرة وضمن خيارات متعددة، وفي كل حال هناك يصبح النقاش فني، أنا أستطيع أن أقدم اشارة على هذا الموضوع، انه عندما تم الاتفاق بعد مجزرة قانا الثانية على وقف انساني للنار لمدة 48 ساعة بأن يوقفوا الغارات، ونحن نوقف قصف الصواريخ، فطبيعي انه من المفترض ان مجاهدي المقاومة كانوا منتشرين في الوديان والجبال والأماكن المختلفة ومجموعات متفرقة، نحن لم نقم بطريقة جيش كلاسيكي، والقوات التي تقصف أيضا الصواريخ على اختلافها أيضا لديهم انتشار واسع في الجنوب. فالملاحظ انه خلال 48 ساعة من اتفاق الهدنة المركزي الذي حصل في بيروت لم يُطلق أي صاروخ. بمجرد انتهاء ال48 ساعة أطلق 400 صاروخ في خلال ظرف وجيز جدا وقبلها الإسرائيليون فسَروا لأنهم لم يستطيعوا ان يستوعبوا أو يتصوروا ان هناك مقاومة لديها هذا المستوى من الإدارة والسيطرة بأنه هل من المعقول ان "حزب الله" استطاع أن يمسك كل المجموعات التابعة له في الجنوب وفي البقاع الغربي وفي المناطق المختلفة، خلال 48 ساعة ولم يقصف أي صاروخ ، هم فسروا ذلك انهم أبادوا البنية الصاروخية للمقاومة، وكانت المفاجأة انه بمجرد انتهاء الهدنة او ال48 ساعة ان القوى الصاروخية أثبتت حضورها أفعل وأقوى من الأيام التي سبقت . هذا مؤشر انه بشكل عام حركة الاتصالات العامة والتواصل مع القوات كان قائما بشكل جيد".

س- طبعا، هو اليوم الأول سماحة السيد حسبما قرأنا في الملفات الإسرائيلية ، يبدو بأن الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية كانت تراقب جيدا وهو ما حاصل منذ سنوات وقد وقفت على مخازن كبيرة للصواريخ فجر 3 وفجر 5 ، وعندما ضُربت منذ اليوم الأول بشكل كبير، رئيس الاركان السابق دان حالوتس اعتبر ان الحرب انتهت منذ الساعات الأولى، ولكن ربما فوجىء بأن الصواريخ أصبحت تسقط ، هل كان هذا تغيير منكم او كان خدعة أو كنتم تعلمون ان إسرائيل قد كشفت مكان السلاح وضللتموها على مدى سنوات ما الذي حصل؟
ج- "أنا أستطيع أن أؤكد لك وأجزم لك بأنه خصوصا في الأيام الأولى التي أدعة الاسرائيليون أنهم ضربوا مخازن الصواريخ ، بالواقع هم ضربوا بيوت وأهداف مدنية وحتى أنا أذكر انه عندما قصفوا بعض البيوت التي استشهد فيها بعض إخواننا مع زوجاتهم وأطفالهم، قالوا إننا ضربنا مخازن الصواريخ وهي كانت مجرد بيوت".

س- حالوتس يقول بشكل صريح بأن هذه الأماكن التي كانوا يضربونها قد دمرت؟
ج- "هو أعلن النصر وكم من مرة الإسرائيليون أعلنوا النصر، مرة حالوتس ومرة بيرتس".

س- هل هذا خطأ منهم أم ضللتموهم في هذه النقطة بالتحديد؟
ج- "أنا لا أعرف كيف يفكرون، ولكن ما أستطيع أن أكون قاطعا فيه، ان الأهداف التي ضربوها لم تكن مخازن صواريخ وان مخازن الصواريخ لم تُقصف". 

س- قبل هذه الوقفة سألتكم ان كبرى المفاجآت كانت قضية البارجة، حدثنا بكل صراحة نحن عرفنا ما الذي حصل، ولكن في نهاية الأمر انتم اطلقتم صواريخ وضربت هذه البارجة، كواليس إطلاق هذه الصواريخ كيف قررتم، كيف اجتمعتم ، ما الذي حصل؟
ج- "في ذاك اليوم حصل التشاور المطلوب بين الاخوة واتخذنا قرارا انه في هذا اليوم نحن نستخدم هذا السلاح، وهذا كان من جملة الأسلحة المخفية التي بالتأكيد لم يكن الإسرائيلي يعلم بوجودها لدينا، بل أستطيع أن أجزم انه لم يكن يحتمل وجودها لدينا، لو كان يحتمل لكان يؤثر ذلك على حركة البوارج الحربية في البحر والزوارق الحربية، ولكن حركته في البحر كانت تًظهر بأنه مرتاح وأننا لا نملك شيء من هذا النوع.

اذا الآن هو وقت الرد، خصوصا انه قد بدأنا في مرحلة قاسية من الحرب ، ونحن يجب أن نبرز عناصر القوة الموجودة لدينا، وأن نخرج من التقليد لأنه في الأيام الأولى كنا مازلنا نعمل على إطلاق الكاتيوشا أي مثل حرب نيسان ، في الأيام الأولى لم نقدَم جديدا، أول الجديد على ما أذكر كان البارجة، فاتخذتا القرار والشباب كانوا جاهزين والسلاح جاهز والطاقم الذي يرمي وتوجهوا الى نقطة على خط الساحل قبالة البارجة العسكرية الإسرائيلية وأعطونا علما بأن البارجة موجودة وتحت مرمانا وطبعا إطلاق الصاروخ لم يكن مسألة بسيطة، بل عملية معقدة، يعني الصاروخ هو صاروخ ذكي واطلاقه عملية معقدة، ويحتاج إلى مجموعة حسابات ترتبط بسرعة الريح، بسرعة البارجة، وبالأمواج وسطح الموج والحرارة الخ.. أمور كثيرة يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار المسافة ما بين الأطلاق والهدف".

س- كما قيل وتردد أنكم وضعتم الصاروخ فوق سطح بناية؟
ج- "كان هناك آلية معينة للاطلاق ما بين أن نحدَد كيف هي الآلية من مكان ثابت ، من مكان متحرك هذه التفاصيل أفضَل أن تبقى سرا ".

س- الذين أطلقوا الصاروخ هل هم خبراء من المقاومة وهم خبراء مهندسون؟
ج- " هم شباب مهندسين من شباب المقاومة ويومها الإسرائيليون قالوا إنهم ايرانيين أو صينيين أو كوريين، هم شباب لبنانيين من مئات السنين آباءهم وأجدادهم، وبالمناسبة على كل حال، ان شاء الله، اذا كان لدينا وقت لكي نتكلم عن بعض جوانب النصر، النصر الالهي، أنا أعتبر ان هذه واحدة من النصر، وهو انه عندما يأتي طاقم لبناني عنده خبرة، وبقدر ما كانت هذه الخبرة ، ولكن هذه هي المرة الاولى التي يرمي فيها في الميدان في الحرب وفي ظروف حربية، بارجة حربية إسرائيلية ويصيبها من الصاروخ الأول، هذا في كل المدارس العسكرية، وعند كل الخبراء العسكريين، أمر غير عادي، وهناك اتجاهين في تفسير واحد يفسَر انها صدفة وآخر يفسَر ان هناك رعاية ما "فلم تقتلوهم وانما الله قتلهم وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى " كما يقول الله تعالى في القرآن المجيد. في كل الأحوال الأخوة اتصلوا بأنهم جاهزون ولكن الموضوع يلزمه بعض الوقت، ونحن كنا على اتصال ، أي غرفة العمليات مع طاقم اطلاق الصاروخ، واتفقنا أنا والأخوة أن نعمل قدر الإمكان على خطاب متزامن كان المفترض أن أطلع وأوجه خطاب مباشر عبر التلفزيون، مع تلفزيون المنار، ونسق مع بقية وسائل الإعلام ، تلفزيون المنار واذاعة النور، وتم التنسيق مع بقية وسائل الإعلام، ولكن أنا لم أحدد وقت، بل طلبت أن يكونوا جاهزين وينتظروا ، لكن بمعزل عن ضرب البارجة كان المطلوب مني أن أتكلم لأنه كان قد تم قصف المربع بشكل كبير ومركز الأمانة العامة دُمرت والبيت دُمر. وقال الإسرائيليون أنهم قتلوا فلان، فحتى الخطاب من خلال تسجيل لم يكن مناسبا، كان لا بد من خطاب مباشر حي ليتأكد الصديق والعدو والمحب والمبغض ان فلانا مازال على قيد الحياة وانه لم يًقتل.

طبعا، هنا أيضا العناية الالهية والتوفيق الالهي، كان ان حديثي المباشر الذي نُسَق وتزامن مع إطلاق الصاروخ على البارجة ، وتدمير البارجة يؤكد ان هذا خطاب مباشر وليس هذا خطاب مسجل قبل ساعة أو قبل يوم أو يومين، وقد كانت كل وسائل الإعلام بالانتظار بأن هناك خطاب مباشر، كلام مباشر، وكنا على اتصال مع الاخوة الى أن حان الوقت المناسب للحديث الذي كان على الأقوى سيتزامن وحسب تقديرات الأخوة مع إطلاق الصواريخ، وانا بدأت الكلام، والأخوة كانوا في صدد الاطلاق، فتزامن هذان الأمران باطلاق الصواريخ وأثناء الكلام أُعطيت الاشارة بأن الأخوة أطلقوا الصواريخ ووفقوا والآن هي تحترق، ولذلك ، لأنني تأكدت مما قاله الأخوة لي، أنا قلت انه "الآن أنظروا هي تحترق" وأنا أعطيت خبر إطلاق الصاروخ وأعطيت خبر إصابة البارجة، لأن الأخوة أخبرونا بأنهم أصابوا هذه البارجة".

س- هذا كان كله على الهواء مباشرة؟
ج- "نعم، وكل هذا كان على الهاتف".

س- كيف أخبرتم بأنها ضربت وتحترق؟
ج - "في المكان الذي كنت أتكلم فيه كان هناك أخوة آخرين موجدودين وهم يتابعون الاتصالات وأحد الأخوة كتب لي ورقة وأخبرني انه ما كنا متفقين عليه حصل، الأخوة أطلقوا الصواريخ وأصابوا وهي الآن تحترق ، وأنا طبعا، أثق بنقل الأخوة، لأني أنا قلت ما قلت بناءا على ان الضابط في غرفة العمليات الذي هو على اتصال مع موقع إطلاق الصواريخ هو الذي أخبرني وأكد لي ذلك".

س- لكن الجانب الإسرائيلي قال بأن إطلاق أو ضرب البارجة جاء بعد نصف ساعة وأقل من نصف ساعة من قصف منزلكم الشخصي وكأنه فُهم وكأنه رد؟
ج - "هم يستطيعون أن يفهموا ذلك، ولكن ثق تماما انه في ثقافة "حزب الله" إن منزل الأمين العام ل"حزب الله" لا يزيد قيمة عن أي منزل آخر في لبنان، يمكن أن يقصف في أي مكان من الأمكنة وبالتالي نحن ما قمنا به هو في سياق حرب وليس رد موضعي على قصف بيتي رغم ان الإسرائيلي يحاول توظيف قصف منزلي باتجاهات معنوية او سياسية معينة".

س- سماحة السيد أنطلق من هذا الخطاب حتى أقول خلال تلك الحرب اعتمدت طريقة الخطاب عدا تلك المقابلة التلفزيونية، لكن اجمالا كنت دائما تتحدث ، هل هذا أيضا كان من الخطط العسكرية السابقة أو انكم قررتم خلال الحرب اعتماد هذا الاسلوب الذي تبين انه كان مؤثرا وناجعا؟
ج- "هذا قُرر أثناء الحرب، في نهاية المطاف هناك أمور عديدة لا تستطيع أن تحسمها أو تلزم بها قبل حصول حرب، لأن السلوك الإعلامي والسياسي وحتى جزء كبير من السلوك الميداني يصبح خاضعا للظروف المستجدة، وللتطورات التي تحصل ولا تستطيع ان تحسم مسار من هذا النوع مسبقا".

س- سماحة السيد عندما كنت تتحدث ، كنا دائما نلاحظ بأنك تتحدث بهدوء، هل كان هدوءا مقصودا عن عمد حتى تخفي حالة التوتر القائمة ، وفي نهاية الأمر هناك حرب وأنت في غرفة عمليات لسنا ندري في أي مكان كنت ، أم ان هذا جزء من أسلوب أردت اعتماده وقتذاك للتأثير وخوض حرب نفسية بطريقة أخرى؟
ج- "في هذا الموضوع أحيانا الصدق أو قول الحقيقة قد يُفهم ان فيه مبالغة، لا أنا كنت رايق وأنا عادة رايق، طبعا عندما أخطب أمام جمهور ، أخطب بحماسة مقصودة لأن هذا خطاب جماهيري ولا أريد أن ينام الناس لذلك يقول الناس بأنهم سمعوني وأنا أخطب حاميا ليس كما أكون في حوار.

الأمر طبيعي اني كنت رايق، ولكن أريد أن أقول شيء من جملة الملاحظات الملفتة في هذه الحرب، هي عنوان الطمأنينة ليس عندي فقط، بل كل القيادات السياسية والعسكرية والتنظيمية ل"حزب الله" المجاهدين في "حزب الله" والناس التي كانت بيوتهم تُدمر وتُقتل أطفالهم والمهجرين الذين كانوا في الخيم أو الحدائق والمدارس، هناك صفة عامة كانت عامة، ولكن هناك صفةعامة اسمها الطمأنينة، كان هناك اطمئنان كبير عندي وعند اخواني وعند كل الناس الذين واكبوا والذين احتضنوا هذه المقاومة والذين راهنوا عليها، كان هناك اطمئنان كبير بالنصر ، واذا رجعت لتسجيلات الأيام الاولى وحتى ان الكثيرين يسألوني انه عندما أنت في الخطاب المباشر يوم البارجة قلت "كما كنت أعدكم بالنصر دائما، أعدكم بالنصر مجددا"، وقلت "النصر آت آت ان شاء الله" ألم تكن تضحَي بمصداقيتك، يعني اذا كنت عم تشتغل حرب نفسة ألم تكن تضحي بمصداقيتك، أنا لم أكن اشتغل حرب نفسية، انا كنت أقول ما أنا مقتنع به، أنا كنت مطمئن وعلى يقين اننا سننتصر واذا سألتني لماذا، أقول لك هذه طمأنينة نفسية، أنا أعتبر انه حتى من مصاديف النصر الالهي انزال الطمأنينة والسكينة في قلوب المؤمنين والمجاهدين والثابتين، وفي المقابل إلغاء حالة الرعب والخوف والهلع والتردد والارتباك في صف العدو، هذا هو المشهد الذي كان عند الإسرائيلي وللحقيقة لم أكن أنا فقط على هذه الحالة، بل كل الذين كانوا معي والذين كانوا حولي، حتى عندما كنا نتكلم مع إخواننا في الجنوب في غرف العمليات الاساسية كانوا جميعا هادئين ورايقين ومطمئنينم وواثقين، رغم ان المواجهة كانت قاسية جدا. وأنا أقرأ هنا نص عن جريدة معاريف يقول "انه في هذه الحرب أطلق الجيش الاسرائيلي سواء في الغارات الجوية أو القذائف الذكية أو القذائف المدفعية أوالعنقودية الخ.. أكثر مما أطلقه في جميع حروب اسرائيل مجتمعة حتى الآن"، يعني رغم هذه النار التي سقطت علينا خلال 33 يوم كنا مطمئنين، أنا لم أكن اصطنع الهدوء".

س- لكن مع ذلك أعتمدتم ذلك الاسلوب فقط أردت ان تواجه الناس؟
ج - "أنا آنذاك كنت هادىء وكان أيضا من الطبيعي أن أبدو هادئا، يعني كان ممكن أن أفتعل خطابا حماسيا، خطابا انفعاليا".

س- سماحة السيد، مبدأ أن تعتمد هذه الخطابات وهذه الرسائل التلفزيونية، هل هو كان الاسلوب الذي اعتمدته خلال الحرب ولم يكن مبرمجا ، لماذا؟ هل كنت تريد ان تتصل بالناس فقط، أوتريد أن تخاطب العدو أم ماذا؟
ج- "أنا أريد أن أخاطب الناس بالدرجة الاولى ، نحن بعد الله سبحانه وتعالى نقطة قوتنا هي الناس ونقطة ضعفنا هي الناس.

الناس نقطة قوتنا لأننا نحن أبنائهم ، أولادهم، هم يحتضنوننا، هم يحمونا، هم يغطونا، هم يساعدونا، وهم يحيطون بنا من كل جانب، فالناس هم نقطة قوتنا وبالتعبير اللبناني، هم البحر، هم الماء التي سمكنا يسبح فيه. بدون الناس نحن سمك نموت، نقطة ضعفنا بمعنى ان ما يؤذي هؤلاء الناس ، ما يلحق بهؤلاء الناس يؤلمنا ويؤذينا. ممكن اننا في المواجهات أسود وفوارس وصنديد ولكن بالتأكيد هناك مشاهد المجازر والأطفال والنساء والسيارات والأشلاء المقطعة، نحن نجلس ونبكي على هذه المشاهد، لأن هؤلاء أهلنا وناسنا، فهذه هي نقطة ضعفنا التي كانت . لذلك الاسرائيلي من أول يوم في الحرب بدأ يقتل الناس وضرب الناس والاعتداء على النقطة التي يعرف انها نقطة ضعفنا، وأنا أفتخر انها نقطة ضعفنا ، والآن هناك من يقول كيف نكشف نقطة ضعفنا للعدو، أنا أفتخر ان هذه نقطة ضعفنا، فكان لا بد من خطاب مع الناس ، هؤلاء الناس عندما يعيشون صورة المعركة وأفق المواجهة والتطورات والتحديات وحتى النقاشات السياسية التي كانت تحصل والأوضاع الميدانية ويطمئنون على واقع المواجهة، ومستقبل المواجهة، بالتأكيد كان الناس بحاجة الى من يخاطبهم ومن يشاركهم ومن يضعهم في الجو، ومن يشد من عزمهم الذي كان عزما قويا ، فكان لا بد من هذا الاسلوب بالتواصل.

أيضا، كان لا بد من ايصال رسائل للعدو، رسائل للصديق لأنه في فترة الحرب كان هناك الكثير من الناس الذين لا أستطيع أن أتكلم معهم أو أتصل بهم، الاتصال يكون من خلال القنوات والوسطاء القائمين، لذلك كان من المفترض أن يسمعني الجميع، الصديق، العدو، الناس من المجاهدين المقاومين، لأننا نحن نتكلم مع القيادات في الجبهة، لكن أنا لا أستطيع أن أطلع وأتكلم مع كل واحد على التلفون أو على جهاز اللاسلكي، فكانت هذه الرسائل هي جزء من الحرب".

س- في هذه الرسائل أيضا سماحة السيد أكثر من مرة لاحظنا بأنك تتحدث للرأي العام العربي والاسلامي، وحتى انك قلت وقتذاك عليكم أن تدركوا بأن هذه ربما تكون فرصة تاريخية لخوض هذا الصراع مع اسرائيل، هل كنت تخطط أو ترغب أو فهمت بأنه يمكن ان تكون قائدا كبيرا في الأمة العربية وليس فقط في "حزب الله" في لبنان؟
ج- "أنا لا أفكر بهذا الطرح، لا قائدا عربيا ولا حتى قائدا لبنانيا، ولا قائدا شيعيا، ولا قائدا اسلاميا، ولا أفكر بهذه الطريقة نهائيا.

كل ما أفكر به بأنه في هذه فرصة الحياة المتاحة لي أن أقوم بواجبي، أنا من الأشخاص الذين يؤمنون بشدة بيوم القيامة، وبأننا سنقف بين يدي الله سبحانه وتعالى لنُسأل عن كل صغيرة وكبيرة، كل هاجسي وهمي عندما أقف بين يدي الله سبحانه وتعالى أن أقدَم الإجابات التي أحصل فيها على رضاه ورضوانه، وأدَعي استطيع أن أدَعي انه ليس لدي أي طموحات دنيوية لا على مستوى زعامة ولا قيادة ولا مناصب ولا ادارة ولا سلطة، ولا أي شيء من هذا القبيل، حتى عندما أوجه خطاب للعالم العربي، أنا أحاول أن أقدَم رسالة دماء الشهداء ودموع الأيتام وتضحيات الشعب اللبناني التي كان يقدَمها في تلك الايام، أقدَمها لمصلحة المعركة ولمصلحة الهدف والقضية المقدسة التي نضحي من أجلها جميعا".

س- ما هي قصة تلك الرسالة التي وجهتها للمقاومين وأنت قلت في البداية ان هناك تواصل مباشر مع هؤلاء، ولكنك آثرت بعدئذ أن توجه اليهم رسالة عبر الأثير المرئي بتلك الطريقة حتى فهمنا بأنه كانت غصة لديك، ما الذي حصل وما قصة تلك الرسالة بالتحديد؟
أجاب: "الأخوة طبعا هم أرسلوا رسالة وبثوها في وسائل الإعلام، عندما بُثت في وسائل الاعلام، أدبيا أنا يجب أن أجيب على هذه الرسالة، لأن هم اختاروا ان ينقلوا هذه الرسالة لي من خلال وسائل الإعلام".

س: لماذا؟
ج- "أعتقد انهم كانوا يريدون أن يسمع الشعب اللبناني وان يسمع العدو، وان يسمع العالم العربي والاسلامي وكل العالم كلمتهم، وان يعرف عزمهم وتصميمهم وارادتهم على المواجهة، لأن هذه الرسالة في الحقيقة كانت تجديد العهد والميثاق مع المقاومة وقيادة المقاومة وخط المقاومة وأهداف المقاومة، وهي بالمناسبة لا أدري اذا كان الأخوة المجاهدون يقصدون بذلك، ولكن ممكن انهم اشتغلوها بطبيعتهم وبفطرتهم وبصدقهم، لكن هذا من أجدى وأنفع أساليب الحرب النفسية في العالم التي تثبت الصديق وتخيف وتزلزل العدو.

اذا، كان لا بد من جواب، وكما كانت رسالتهم من القلب، كان جوابي من القلب، ولذلك في تلك الرسالة أنا تحدثت في البداية عن الوضع السياسي والوضع الميداني، ولكن عندما وصلت الى هذا المقطع، أنا كنت متأثرا جدا وأمسكت بأعصابي لأنني أنا كنت أخاطبهم أيضا من قلبي".

س- هل كنت تكتب رسائلك أم تكتب عناوين؟
ج- " في بعض الأوقات كنت أكتب رؤوس أقلام ، مثل يوم الخطاب المباشر، يوم البارجة، وأحيانا كنت أتوسع في بعض رؤوس الأقلام ، لكن في بعض المقاطع السياسية والحساسة كنت أكتب نص، ولكن عندما كنت أقرأ النص، كنت أُدخل عليه تعديلات، لذلك لم يكن هناك أسلوب واحد معتمد.

س- حتى ان الخطاب الاول الذي كان الأهم والأخطر والأول، كان هناك رؤوس اقلام؟
ج- "نعم كتبت فيه رؤوس اقلام".

س- ألم يكن في ذلك شيء من المغامرة؟
ج- "لا ، ليس هناك مشكلة".

س- لم نكن نستطيع ان نسألك في العام الماضي وقد ذكر الكثير أين كنت في التحديد، هل في السفارة الإيرانية أو في بعلبك أو سورية، أين كنت؟

ج- "هذا فليبقى سرا ، طبعا لم أكن في سوريا ولم أكن في السفارة الايرانية، ولا في كثير من الأماكن، ولكن هم عندما حاولوا ان يقولوا في السفارة الإيرانية او سورية أنا كنت بين اخواني وبين أهلي وفي أرضي وفي المكان الذي كان يجب أن أكون فيه".

س- أريد أن أختم في هذا الجزء الأول طالما اننا نتحدث عن سورية سماحة السيد في هذا الجزء الأول وهذه مسألة أساسية وأنا أود من فضلك اجابة صريحة، في تلك الفترة تم الحديث عن أمكانية ان تدخل سورية في تلك الحرب، والحقيقة انه عندما بدأ الهجوم البري الاسرائيلي كُثر الذين تحدثوا عن ان هذه الحرب قد تتوسع اقليميا، ومن ثم قد تدخل سورية وهناك عدة معلومات وصلتنا لا أريد أن أذكرها ، ولكن على الأقل ألخصها في عنوانين أساسيين: عنوان كان يقول، بأن سورية كانت تريد أن تدخل الحرب فعلا ولكنكم أنتم في قيادة "حزب الله" نصحتم بعدمه في ذلك الوقت. وعنوان ، بالعكس أنتم كنتم في "حزب الله" تريدون أن تتوسع الحرب حتى تحصنوا أنفسكم أكثر، لكن يبدو ان القيادة السورية لم تكن مهيأة ، أين الصحة في ذلك وما حكي عنه؟
ج- "في البداية أنا أستطيع أن أؤكد بشكل جازم بأنه لم تكن لدي قيادة "حزب الله" أي رغبة في توسع الحرب لكي تصبح حربا اقليمية لأسباب كثيرة، سياسية واقتصادية وعسكرية وأمنية وهذه الحسابات كانت حسابات صحيحة، فنحن لم نكن نرغب بذلك ولم نفعل ما يؤدي الى ذلك، ولم نطلب من سورية أو من أي صديق آخر مثلا ، البعض يتحدث عن ايران "ان تفضلوا وادخلوا الحرب الى جانبنا" على الاطلاق، لم يكن هذا في نيتنا ولا في رغبتنا ولم نكن نرى مصلحة في ذلك".

س- لماذا عدم المصلحة فيها؟
ج- لأننا كنا مطمئنين بأننا سننتصر في هذه الحرب وان لدينا القدرة على المواجهة وان توسعة الحرب الاقليمية قد تؤدي الى تطورات اقليمية كبيرة والى تطورات دولية كبيرة ولا نعرف أين ستصبح المنطقة كلها.

الحرب في لبنان عندما كنا نخوضها كنا نرى أمامنا أفقا واضحا انه في نهاية المطاف، هناك خسائر سوف تلحق بلبنان ولحقت بلبنان، ولكن يمكن ان نصل الى نقطة تقف فيها الحرب ، تنتهي فيها الحرب وننتصر ونمنع العدو من تحقيق أهدافه.

اذا، بقاء الحرب في الدائرة اللبنانية كان يعني بقاءها تحت السيطرة توسع الحرب اقليميا، كان يمكن أن تذهب الى خدود لا تعود بالتأكيد تحت السيطرة، ولا نعرف ماذا يمكن أن تكون النتائج، هذا من وجهة نظرنا ومن قناعاتنا.

أما القيادة السورية كانت تنوي أو كانت لا تنوي، أنا أعتقد ان قرارا بهذا المستوى لا تناقشه معنا القيادة السورية، وخصوصا ونحن في حالة حرب ومواجهة قاسية وحادة. ولكن ما أعرفه أنا وما أعلمه بالتأكيد ان سورية أبلغت من خلال وسطاء حكومة العدو بأن أي تقدَم بري في منطقة العرقوب باتجاه منطقة حاصبيا- راشيا بما يحاذي سلسلة الجبال الشرقية، يعني هذا الذي يُعتبر الحريم الأمني لدمشق فان سورية لن تقف متفرجة وانها ستدخل المعركة، وطبعا حيثياتها هي الدفاع وهذه حقها الطبيعي الدفاع عن أرضها وعن عاصمتها وعن مدينتها وحتى ما أعلمه أنا ان التهديد كان يفترض دخول قوات سورية الى سلسلة الجبال الشرقية حتى ضمن الأراضي اللبنانية لملاقاة القوات الاسرائيلية التي سوف تدخل من تلك الزاوية، وما أعلمه ايضا ان الاسرائيليين أخذوا هذه الرسالة على نحو الجدية الكبيرة، ولذلك تلاحظ انه لم يحصل على ذاك المحور أي تقدم بري على الاطلاق، لم يتقدم أي جندي اسرائيلي على ذاك المحور، وكل التقدمات البرية حصلت على المحاور الأخرى التي كنا نواجهها نحن".

س- هذا الكلام أكيد سماحة السيد بأن سورية كانت تهدد بامكانية أن تدخل حرب وقت ذاك؟
ج- "نعم لو دخلت القوات الاسرائيلية من ذاك المحور باتجاه منطقة حاصبيا- راشيا، لأن هذا سيعني ان دمشق أصبحت تحت النار ومن حق سورية أن تتصرف ان هذا تهديد وتهدَد بالمقابل الى حد ما هذه معلوماتي".

س- أكثر شيء أزعجكم في تلك الحرب عسكريا؟
ج- "نحن أثناء الحرب كان عندنا خيارات جيدة في الجانب العسكري، يعني في البحر اطلاق الصواريخ على البارجة استطعنا ان نخرج القوة البحرية الاسرائيلية من المعادلة المائية، وعندما حاولت البارجة أن تقترب في اتجاه شواطىء صور ايضا أطلقنا عليها، وأنا أجزم اننا أصبناها "الاسرائيلي ينكر لا ينكر هذا شأنه" ولكن الكل شاهد على شواطىء صور كيف أن هناك مجموعة من السفن الحربية الاسرائيلية جاءت الى نقطة اطلاق النار ، لماذا هذا الاستنفار البحري، ومن ثم لاحقا قصف زورق بحري في مقابل شواطىء صور الذي شوهد على شاشات التلفزة.

اذا، نحن استطعنا ان نعطل القوة البحرية الاسرائيلية ، هذا واحد، ثانيا على مستوى الجو، المروحيات أسقطنا عدد من المروحيات وهذاكانت نتيجته ان المروحيات الاسرائيلية باتت لا تجرؤ على الطيران في سمائنا في النهار ، في الليل، نعم كان عندنا مشكلة الرؤية في الليل فظلت طائرات الهيليوكوبتر تعمل ليلا ولكن أخرجناها من المعادلة في النهار.

اخراج القوة البحرية من المعركة وتعطيل حركة الهيليوكوبتر نهارا هو الذي أجبر العدو الاسرائيلي أن يعتمد بشكل مكثف ولا سابقة له على سلاح الجو، على الطائرات الحربية لأنه لم يتوفر لدينا قدرة مواجهة سلاح الجو، ولذلك كان عدد الغارات ، ومعاريف تتكلم عن عن 12 الف طلعة وأغلب هذه الطلعات كانت قتالية يعني كان الطيران يستطلع استطلاع قتالي.

ميدانيا، قدرتنا على اصابة كل الأهداف في شمال فلسطين والضرب على حيفا وما بعد حيفا واستمرار هذه القدرة الى اليوم الذي توقفت فيه الحرب، هذا كان عامل قوة كبير جدا بالنسبة لنا وكل سلاح الجو الاسرائيلي الذي كان يراهن عليه عجز عن ان يمنع انطلاق هذه الصواريخ حتى آخر يوم، وطبعا حتى آخر يوم نحن كنا جاهزون لضرب تل أبيب في ما لو تعرضت بيروت للقصف وهذه الامكانية بقيت قائمة حتى آخر لحظة".

س- عندما هددتم بضرب تل أبيت كنتم جادين في هذا الأمر؟
ج- "طبعا، وبالتأكيد وما بعد تل أبيب، حتى في تموز وآب 2006 لم يكن هناك مكان في فلسطين المحتلة لا تطاله صواريخ المقاومة، تل أبيب وغير تل أبيب، أي زاوية ، أي نقطة في فلسطين المحتلة كان يمكن ان نطالها بكل تأكيد والآن يمكن ان نطالها بكل تأكيد .

في المواجهة البرية كانت مفاجأة الصواريخ ضد الدروع وهذا التدمير الكبير للدبابات الذي حصل والذي غير موازين الحرب في الأيام الاخيرة من الحرب لأنهم راهنوا أخيرا على العملية البرية فأيقنوا ان أي عملية برية ستكون فاشلة، وسوف تلحق خسائر كبيرة جدا بدباباتهم وضباطهم وجنودهم.

لذلك عسكريا، أنا أستطيع أن أؤكد وطبعا هناك تضحيات وشهداء ومواجهة، وهناك مقاتلون يقاتلون، والنار من فوقهم ومن حولهم، ولكن المعنويات كانت ممتازة، الإدارة ممتازة، والحضور الميداني ممتاز.

النقطة الوحيدة بالموضوع الذي كان يضغطنا هو الناس حتى شهداء المقاومة، رغم انه يؤلمنا ولكن لم يكن يشكل عامل ضغط لأن هذه الحرب والشباب كان خيارهم ولكن عندما كانت تحصل المجازر وكان يقتل المدنيين وتدمر البيوت في النهاية حتى اليوت كنا نتأثر لتهديمها، لأنك اذا أردت ان ترجع وتعمر هذه عملية صعبة، ولكن أشد ما كنا نتأثر به هو الناس.

وللحقيقة، أنا عندما قلت يا أشرف الناس، ويا أكرم الناس، ويا أطهر الناس هذه قلتها في نفس رسالة المجاهدين، ولكن رسالة المجاهدين أخذت الجو الاعلامي، ولكن في نفس الرسالة أنا وجهت هذا الخطاب للناس، وقلت هذا من كل قلبي لأن هؤلاء الناس الذين كانت تدمر بيوتهم وتقتل رجالهم ونساءهم وأطفالهم وارزاقهم، وهناك مناطق بكاملها هُجرت . ومع ذلك كان موقفهم الى جانب المقاومة كان موقفا شريفا وعظيما، وأنا أعلم ان هناك وسائل اعلام كثيرة كانت تجول على مراكز المهجرين والمدارس والحدائق ، وان هناك وفود من سفارات أجنبية كانت تجوب لتلتقط كلمة واحدة من مهجر او من مهجرة تدين فيها المقاومة، أوتدين فيها المجاهدين او "حزب الله" ولكنهم لم يسمعوا الا كلاما قويا وعزيزا ومتينا من مشردين، من مهجرين تدمر بيوتهم ويقتل اعزاؤهم.

ان حجم الحب والعاطفة الذي نحمله للناس مثيله قليلا ، ولذلك صدق تماما بأني واخواني عندما تقتل امرأة أو بنت أو ابن أو طفل نشعر بأن والدتي هي التي استشهدت وان طفلي هو الذي استشهد ، هذه هي النقطة الوحيدة التي كانت تؤلمنا . أما بقية الأمور، الضغوط العسكرية، الضغوط السياسية كلها والحمدلله كنما نملك القدرة أو الجهوزية على الصمود أمامها".

س- هناك معلومة أود أن أعاود تأكيدها هل فهمي دقيق بأن ل"حزب الله" الآن وليس حرب تموز العام الماضي ايضا، امكانات صاروخية بأن تطال أي زاوية داخل اسرائيل أو فلسطين؟
ج - "لقد قلت ذلك قبل قليل وأنا اؤكد الآن انه في تموز 2006 وفي تموز 2007 أنا أستطيع ان أؤكد ، نعم نحن نملك القدرة بأن نطال أي هدف ، أي نقطة في فلسطين المحتلة بعون الله تعالى والحمد لله".

مشاهدي الكرام ، شكرا على حسن المتابعة، ونلقاكم في الجزء الثاني باذن الله وفي أمان الله.

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع