شارك هذا الموضوع

الصفا ليلة الحادي عشر من شهر رمضان لعام 1445هـ/2024م

واصل سماحة الشيخ ابراهيم الصفا سلسلة محاضراته الرمضانية بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، و ذلك في ليلة الحادي عشر من شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ ، وتحت عنوان " أزواج فاشلون لا تزوجوهم " ، ابتدأ سماحته بحديث عن النبي ألأكرم (ص) ، وقال ( ص) : " ما بنى بناء في الاسلام أحب إلى الله من التزويج " تعتبر العلاقة الزوجية من أقدس العلاقات في الإسلام و لأهميتها تدخّل الشارع المقدّس تدخلًا مباشرًا في وضع الحقوق و الخصائص والصفات التي تنبغي أن تتوافر في البناء الزوجي الرصين ، أكد على أن مفتاح العلاقة العقد الشرعي وانكسارها بالطلاق ، والعلاقة مرهونة بحالتين ، ( إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ) ولا يجوز الإضرار في تلك العلاقة المقدّسة ، و لكي يضمن المشرّع الإلهي دوام العلاقة وضع شروطًا لها ووضع معالم وصفات للشريكين ، وقد تحدّث المعصومين حول أبرز تلك الصفات .

أشارت النصوص الى بعض السجايا و الخصائص المعنوية وبعض الخصائص المادّية ، حيث الشارع يوجّه بالعناية نحو الحالتين معًا ، فأكّد على ضرورة الأخلاق العالية و أكّد على حالة التديّن و التقوى و الخصائص الأخلاقية كالحلم غيرها من الخصائص المعنوية و الصفات النفسانية التي لها آثارها السلوكية ، كما أكّد على بعض الخصائص الجسمانية ، أي أن البعد الجمالي مهمًّا ، و للمرآة جمالان مهمان جمال الوجه و الشعر وكلاهما مادّيان ، فكما يؤكد الشارع على مراعاة البعد الجسماني فانه يؤكد أيضًا على البعد المعنوي ، عن النبي (ص) " إذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوجوه " ، عندما يتزاحم البعد المادي و المعنوي يُقدّم المعنوي فعليك بذات الدين . نتحدّث حول بعض الصفات التي حذر الشارع منها ، و حذّر الرجل و المرأة من التورّط فيها والتي من شأنها أنها تتسبب في تصدّع العلاقة الزوجية .

أول الصفات المذمومة و التي لها انعكاسات على الروابط الأسرية هي البخل ، من سورة النساء " الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا (37)" . البخل تعدٍّ على الشركاء و تعدٍّ على الله عز وجل ، عندما يُضيّق الإنسان على نفسه يسبب الإساءة لنفسه ولزوجته و لأبنائه ، وكان النبي (ص) يتعوّذ من البخل ، قال الصادق عليه السلام: " حسب البخيل من بخله سوء الظن بربه من أيقن بالخلف جاد بالعطية " ، وعنه عليه السلام قال: " شاب سخي مرهق في الذنوب أحب إلى الله عز وجل من شيخ عابد بخيل " . ، وفي رواية أن أمير المؤمنين (ع) سمع رجلا يقول: إن الشحيح أغدر من الظالم ، فقال له(ع) : " كذبت إن الظالم قد يتوب ويستغفر ويرد الظلامة على أهلها و الشحيح إذا شح منع الزكاة والصدقة وصلة الرحم وقري الضيف والنفقة في سبيل الله وأبواب البر; وحرام على الجنة أن يدخلها شحيح" . ، وعنه (عليه السلام): " بالبخل تكثر المسبة " ، و عنه (عليه السلام): " البخل جلباب المسكنة " .

الصفة الثانية التي حذر منها الشارع الشريف هي شرب الخمر - و العياذ بالله - ، فمثل هذا لا يُزوّج ، فشرب الخمر من المحرّمات و هو مؤشرخطير لتهاوي الوازع الدّيني ، جاء رجل إلى الحسن (ع) يستشيره في تزويج ابنته؟ فقال: " زوّجها من رجل تقي، فإنه إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها " ، الضمانة لحفظ الحقوق الزوجية هي الحالة الدينية ، قال رسول الله ( ص ) : " من شرب الخمر بعدما حرمها الله على لساني فليس بأهل أن يزوج إذا خطب ، ولا يشفع إذا شفع ، ولا يصدق إذا حدث ، ولا يؤتمن على أمانة ، فمن ائتمنه بعد علمه فليس للذي ائتمنه على الله ضمان ، وليس له أجر ، ولا خلف . " وعنه (ص) : " شارب الخمر لا تصدقوه إذا حدث ، ولا تزوجوه إذا خطب ، ولا تعودوه إذا مرض ، ولا تحضروه إذا مات ، ولا تأتمنوه على أمانة ، فمن ائتمنه على أمانة فاستهلكها فليس له على الله أن يخلف عليه ، ولا أن يأجره عليها ، لان الله يقول : ( ولا تؤتوا السفهاء أموالكم ) وأي سفيه أسفه من شارب الخمر ؟! ."

الصفة الثالثة سوء الخلق ، وهو مؤشر على ضعف الإيمان عند الإنسان ، البعد الأخلاقي يشير الى التكامل الروحي عند الإنسان ، و عندما يكون الإنسان صاحب أخلاق عالية يكون إنسانًا يتوقدّ رحمة و لُطفًا ، فلو كان المُتقدّم منسلخ الأخلاق لا يُزوّج ، حيث لا تؤتمن الزوجة عند هذا ، عن أبي عبد الله (ع) قال: " إن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل " ، و عن علي (ع) : " سوء الخلق يوحش القريب وينفر البعيد " ، فيعيش الشريك الغربة و الوحشة و كأنه لا شريك له في الحياة . سوء الخلق أحيانًا يكون بعد الزواج فماذا يصنع؟ ، فجاء الشارع الشريف و دعا الى ضرورة الصبر وتجاوز تلك الصدمات بعقلائية ، عنه (ص) " من صبر على سوء خلق امرأته واحتسبه أعطاه الله (بكل مرة) يصبر عليها من الثواب مثل ما أعطى أيوب على بلائه وكان عليها من الوزر في كل يوم وليلة مثل رمل عالج " ، فالصبر على أذى الشريك فيه ثواب عظيم و لكن ليحذر الإنسان سوء الخلق. عن رسول الله (ص) قال: " فأي رجل لطم امرأته لطمة، أمر الله عز وجل مالك خازن النيران فيلطمه على حر وجهه سبعين لطمة في نار جهنم " .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع