شارك هذا الموضوع

الصفا ليلة الحادي من شهر رمضان لعام 1445هـ/2024م

ابتدأ سماحة الشيخ ابراهيم الصفا سلسلة محاضراته الرمضانية بحسينية الحاج أحمد بن خميس ، و ذلك في ليلة الحادي من شهر رمضان المبارك لعام 1445 هـ ، وتحت عنوان " من أسرار الصيام " ، ابتدأ سماحته بالآية الكريمة من سورة البقرة " أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183) " ان الله تعالى لما وسم نفسه بالعلم و الحكمة و القُدرة ، فإن كل فعل يصدر منه لابد له غايات و أهداف ، الإله الحكيم لا يصدر منه حكم أو تشريع بدون هدف ، من سورة المؤمنون " أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ (115) " .

كل فعل بدون غاية يسمى فعل عبثي ، ومن أنكر وجود الله عز وجل وذهب الى أن وجود الإنسان وما فيه هو محض صدفة أنتجها الإنفجار الكوني عبر تفاعل كيميائي في المادة الأولى ( الصمّاء ) . لا يمكن له أن يتصور أهدافًا ولا غايات و لا مبادئ ولا قيمًا ، حيث أن الهدفية فرع الإدراك ، و العقل و المادة الصماء لا عقل لها فينكر ذلك الحدود و الأحكام و التشريع . مبادئ الله العليا تقول ان هذا الكون خاضع لارادة إله حكيم ، و قد أمرنا الله بالصيام ، وقد ذكر الله تعالى سبب الصيام في الآية التي ابتدأنا بها " لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" فماذا يعني أن يصل الإنسان الى حالة التقوى التي هي سلوك عملي . أتى رجل أبا عبد الله الصادق عليه السلام فقال يا بن رسول الله أوصني فقال(ع) : " لا يفقدك الله حيث أمرك ولا يراك حيث نهاك" .

هناك مجموعة من الأسرار للصيام ، السر الأول أن الصيام محطة من أهم محطات العودة الى الله عز وجل ، و العودة لله ضرورية ، و لا غنىً للإنسان عنها لضعفه و حاجته ، و عودته اما أن تكون اختيارية أو قهرية ، عد أيها الانسان بنفسك ، من الصحيفة السجادية " إلهي هل يرجع العبد الآبق إلا إلى مولاه" . فرار الإنسان ادبارعن أمر الله ، و شهر رمضان تدعى فيه للضيافة الإلهية ، عنه (ع) " يا داود! لو يعلم المدبرون عني كيف انتظاري لهم، ورفقي بهم، وشوقي إلى ترك معاصيهم، لماتوا شوقا إلي وتقطعت أوصالهم من محبتي " ويتحدّث هنا الله عن المدبرين و العصاة وليس عن المؤمنين . ان رحمة الله عظيمة خصوصا في هذا الشهر الذي يغفر الله فيه للمؤمن و العاصي التائب و غير التائب . لابدّ أن نعلم أن هذا الشهر محطة روحية للعتق و للعودة الى الله .

السر الثاني ، ان شهر رمضان هو شهر تعميق معاني الإخلاص ، ان الإخلاص لُباب العمل ، وان كل عمل دون اخلاص هباء ، مهما كان حجمه ومقداره ، فكل عمل اذا ما ابتلي بالشرك - وان كان خفيًا - لا فائدة له ، ينبغي على المسلم أن يُراقب نفسه جيّدًا ، فما يتمتع به الصائم في شهر رمضان له خصوصية على سائر العبادات كعدم جواز قطع نية الصيام و جوازها في الصلاة والغسل و الوضوء . من خطبة السيدة فاطمة الزهراء (ع) " والصيام تثبيتاً للإخلاص " ، و الإمام علي يؤكد هذا الإبتلاء ، هناك تركيز أساسي في هذه الدورة الالهية أن يكون العمل خالصًا لله عز وجل ، قال الله تعالى‏:‏ " الصوم لي وأنا أجزي به‏" . ما أحوجنا للاخلاص اليوم ، حيث كل أسباب الأحقاد و الضغائن في مؤسساتنا اليوم انما تكون لغياب الإخلاص لله عز وجل .

السر الثالث ، أن شهر رمضان محطة ترويض النفس وتهذيبها ، وهي من أعظم المحطات حيث ان الخطبة النبوية التي استهل بها شهر رمضان ، " أيها الناس، من حسن منكم في هذا الشهر خلقه، كان له جواز على الصراط يوم تزل فيه الاقدام " ، فلابد أن يُهذب الإنسان نفسه فإن اصلاح النفس وتزكيتها جزاؤه المرور على الصراط ، الصيام ليس صيامًا فقهيًا محضًا عن المفطرات كما ورد في الرسائل العملية ، حيث لابد أن يكف الإنسان عن الأخطاء أيضُا .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع