شارك هذا الموضوع

السيد ميثم المحافظة ليلة الثامن عشر من شهر رمضان لعام 1444 هـ

واصل سماحة السيد ميثم المحافظة سلسلة محاضراته الرمضانية بحسينية الحاج أحمد بن خميس خلال النصف الثاني من شهر رمضان المبارك ، وذلك في ليلة الثامن عشر من شهر رمضان لعام 1444 هـ ، وتحت عنوان " محبطات الأعمال و مكفرات الذنوب " إبتدأ سماحته بمقدمة أن الإحباط هو بعض المعاصي التي يرتكبها الإنسان بعد عمل الطاعات ، وهناك عملية عكسية بعمل الحسنات بعد السيئات وهو التكفير ، وهناك آيات كثيرة نحدثت حول هذا الأمر ، وهذا الأمر يخيف الإنسان بغض النظر عن وجهة نظر الشيعة حول الإحباط .

اللغويون أشاروا أن إحباط العمل هو افساده من الأساس ، فلا يبقى العمل و لا أثره ، أما المتكلمّون العامّة يقولون أن إحباط العمل هو ازالة أثر الطاعة بعد معصية لاحقة مع ثبات العمل ، والآراء الاسلامية اختلفت حول هذا الأمر ، المعتزلة قالوا بأن الإحباط أي أن السيئات تأكل الحسنات ، وانقسموا في ذلك بينهم الى ثلاثة أقسام ، القسم الأول يرى أن الإحباط هو أن السيئات عندما تلحق السيئات فتأكل السيئاتُ الحسناتَ بكاملها . وتعدو كبائره تُذهب حسناته وتبطل عمله كاملًا ، و مذاهب المسلمين تعارض ذلك الأمر حيث ذلك يؤدي الى عدم اقتران الحسنات مع السيئات في واقع الإنسان ويلغي موازين يوم القيامة ويكون ميزانًا أحاديًا ، ومما لا شك فيه أن ذلك يسبب ابطال رحمة رب العالمين وعفوه . قسم آخر من المعتزلة ، حيث يقول الجبائي أن السيئات تأكل الحسنات بقدرها و تبقى السيئات رصيدًا عليه وأن مفعول السيئة أقوى من الحسنة ، وهذا خلاف عدل الله تعالى ورحمته ، من سورة الأنعام " مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا ۖ وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَىٰ إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (160) " . القسم الثالث وازن ذلك الأمر وقال بمحصلة الموازنة ، والشيعة تنفي ذلك الأمر بدليل الآية القرآنية " فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8) " فيرى الإنسان يوم القيامة أعماله الصالحة فيجازى بها و أعماله السيئة فيُعاقب عليها .

فهنا يجب أن يقف الشيعة حول آيات الإحباط ، فذهبوا أن مفهوم الاحباط هو أن يقلّ أثر الطاعة و يضعف أمام أثار المعصية في محصلة أعماله النهائية جميعًا وليس عملًا لعمل ، أي حينما يذهب ليوم القيامة وترجح سيئاته جميعها على مقدار حسناته جميعُا يوم القيامة . وتوجيه الآيات " وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65)" ، أن هذه الآيات تتحدث عن عدم الارتداد و عدم الشرك اللذان هما شرطان لقبول العمل من الأساس لا أن يُكتب ثمّ يُمحى . من سورة البقرة " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ كَالَّذِي يُنفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۖ "وهذه تعني عدم احتساب الأجر من الأساس بسبب أن شرط القبول غير موجود و هو عدم الرياء و الشرك ، ومتى ما انقبل العمل فسيكون مؤثرًا على ميزانك النهائي يوم القيامة ، قال النبي (ص) ": إياكم والحسد، فان الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب " ، فعندما تقوم بالحسد فإنك تجمع لك من السيئات ما يرجح كفة السيئات على الحسنات فتكون كما لا عمل لك ، والله يجعل مفعول الحسنة أقوى من السيئة وهو مظاهر رحمته عز وجل . وهذا من مظاهر الإعتقاد عندنا الإمامية بالأمل و التطلع نحو رحمة رب العالمين ، حيث تَعاملَ ربُّ العالمين مع الحسنة بعشر أعمالها و السيئة بمثلها ، و نرى التكفير ولا نرى الإحباط على أن السيئة تأكل الحسنة و هذا من رحمة رب العالمين بالعباد ، فيتحرّك الإنسان نحو طلب الرحمة من الله . اسعَ الى تثقيل أعمالك الحسنة على ميزان السيئات . وفي هذا الشهر لا تتوقف عن التزوّد حيث أنها مضاعفة ، ومن قرأ آية كانما ختم القرآن .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع