شارك هذا الموضوع

السيد ميثم المحافظة ليلة السادس عشر من شهر رمضان لعام 1444 هـ

بدأ سماحة السيد ميثم المحافظة سلسلة محاضراته الرمضانية بحسينية الحاج أحمد بن خميس خلال النصف الثاني من شهر رمضان المبارك ، وذلك في ليلة السادس عشر من شهر رمضان لعام 1444 هـ ، وتحت عنوان " وفاءَ للخطيب الكاشي " إبتدأ سماحته بمقدمة في مديح سماحة الشيخ الكاشي الذي كان عميدُا للمنبر الحسيني و قد ساهم في تطور الخطاب في الداخل و الخارج . وهذا حق واجب علينا أن نستذكر أفضاله ولابد ان يكون لنا موقفًا مع مثل هذه الشخصيات التي لا يمكن أن تُنسى ، وهو مدرسة سلوكية متحرّكة وليس تاريخًا جامدًا . و لو أن الخطباء جعلوا لهم رسمًا للخطاب المنبري بعيدًا عن التشتت و الإختلاف ، فالبوصلة و النموذج الموجود عندنا مثل الدكتور أحمد الوائلي و الكاشي ، من ِشأنها توحيد وجهات النظر في تكوين هذا المنبر متحركًا و مثمرًا ، و لذلك نرى بأن هذا التشتت لابدّ أن يُعالج .

الشيخ عبدالوهاب الكاشي اختصرت شخصيته في أنه تربية المراجع ، و مراجع النجف بالخصوص ، ولذلك كان الخطاب معطاءً و معالجًا و مصلحًا و مثريًا بعيدًا عن ناحية الاستهلاك ، وهذه امكانيات و فروقات فردية يتباين فيها أهل المنبر ، ما يريده العلماء و أهل البيت هو أن تُنصب هذه المنابر ، وشخصية الشيخ كانت بمثابة تلميذًا للمراجع ، و قد تجلّى النشاط الديني في هذه القرية اثر توجيهاته و نصائحه ، و لعلّ قرية السنابس من القرى المميزة التي عملت و تأثّرت به ، و الدليل على ذلك وجود شخصية مثل الأستاذ أحمد الإسكافي ، الكثير من التسجيلات و النماذج الموجودة في المجتمع الآن تجسّد لنا انعكاسًا لدروسه ونصائحه واستمرارية منهجه ، وتُسمّى تلك بالرسالية .

تميّز الشيخ بين الخطباء بتنوّع أحاديثه ، حيث في زمانه كان خطاب المنبر يقتصر على التاريخ والقصص و سرد فضائل أهل البيت (ع) حسب الامكانات المتوفرّة آنذاك ، و امكانات الحوزة أمس ليست كاليوم ، ولكن الشيخ تحدّث عن الظواهر السلوكية التي تأخذ بلباب الناس و تضع لها العلاج وكان سابقًا لعصره وزمانه في تنوّع اطروحاته ، ومنهجيته في القراءة و النعي يركّز على أمورًا ثابتة ، و تميّز أيضًا في التأني من جانب الروايات ونقل الأحداث الثابتة ، وكانت طريقة حديثه منظمة و أكاديمية ، تشتمل على المقدّمة و الترتيب و التسلسل و الأفكار الرئيسية و يسقطها بعد ذلك على القضايا العامة ، و يناقش قضايا المجتمع و يضع لها حلولًا فأثمر خطابه كونه جذابًا و مُطعّمًا بالأدلة و الشواهد ، و كان نموذجًا للخطاب المنبري.

نموذج الدكتور الوائلي كان قريبًا من نموذج الشيخ عبدالوهاب الكاشي وبينهما اختلافات فنية بسيطة ، وتميّزت حنجرته التي كان يبكي الناس خلفه من خلال أطواره الأصيلة المبكية و الشجية بعيدًا عن التميّع و التصنّع و الإستعراض ، كان يقرأ في بيوتات المراجع لفترة خمس سنوات تقريبًا مما اكسبته الجرأة ، و سجن اثرها لدى السلطات ، ما بقي من الأشرطة التي نسمعها من الشيخ كانت تتحدّث عن ذلك الزمان ، و كأنها حاضرة عندنا اليوم وكانت رسالة المنبر عميقة في الوقت ذاك ، ورأينا الخطاب للدكتور الوائلي يتحدث عن التفسير القرآني و الخطاب المتزن ، و خطاب الشيخ الكاشي كان خطابًا سلوكيًا محركًا للمجتمع . فهذا النموذج هو الأفضل لنرجع له .

وهنا المرجعية توصي الخطباء بعدة أمور ، يقول السيد السيستاني انه يتوجّب على المنبر الديني تحرّي الدقة في الآيات و بيان مفادها و استشهاداتها ، وينبغي لطالب الحوزة أن يجتهد في ذلك ولا يقع في التعثرات ، وأيضًا يوصي سماحته بنقل الروايات المُعتبرة ، ولا ننتظر من المستمع فرض ذلك الامر علينا ، و المعتبرة ليست رأيًا شخصيًا بل دراسة حوزوية لكي يكون الطرح قويًا ، والتسامح في التاريخ لا يفيد نقل القصص من دون تحقيق فيجب أخذ الروايات التاريخية من المحققين و ليس ممن يجمعوا القصص دون أن يحققوا في وقوعها . وكذلك سماحته يدعو للابتعاد عن القصص الخيالية و الأحلام التي ربما تضيّع وقت الناس ، فهذا المنبر ليس لسرد الخرافات و الخيالات . فليتحمّل كل مسؤوليته ، فلنرتق بخطابنا ونتكلّم على المنبر بما يرضاه أهل المنبر ، و يؤكد سماحته بطرح القضايا الإجتماعية ووضع الحلول والعلاجات .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع