شارك هذا الموضوع

الإسراء و المعراج - الديهي في ليلة الثامن و العشرين من شهر رمضان 1438هـ

أكمل سماحة الدكتور عبدالله الديهي سلسلة محاضراته الرمضانية ، وذلك في ليلة الثامن و العشرين من شهر رمضان ، وقد إبتدأ موضوعه بالآية المباركة من سورة الإسراء " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " ، حديثنا سيكون أولُا حول الإيحاءات هذه الليلة ، وهي من أواخر شهر رمضان ، وهي ليلة من ليال القدر ، وهي ليلة تتعلّق بالآية المباركة ، ما هي تلك الإيحاءات ، هي كثيرة ، ولكن سنأخذ منها خمسة إيحاءات ، الجانب الثاني ، آخر جمعة من شهر رمضان تذكّرنا بالإسراء و المعراج ، ما هي القضية التي دار حولها الحديث ، أنكرها البعض و بعض يصدّق الإسراء و يُكّذب المعراج ، الله واضع القوانين الطبيعية ، حيث لا يتغيّر الكون ما دام الله يضع قانونًا مكان قانون ، الجانب الثالث ما هو إيماننا بذلك ؟ نحن نعتمد على آيات ، فمن كذبها كذّب القرآن ، ومعتمدون على الروايات وهي أغلبها صحيحة ،و في النهاية أَلوِيةُ الرحمة التي توضع في هذه الليلة .
الإيحاء الأول ، نتذكّر القيادة ، القيادة العظمى لنبيّنا (ص) كأنّما هذه الليلة تُنبّأنا بأن النبي قائد لكل الناس و الأنبياء ، الإيحاء الثاني ان هؤلاء الأنبياء يمثلون أممًا وشرائع ، وليسوا أئمة عاديين ، كل أنبياء العزم حضروا بين رسول الله ، وهذه تدلّ على وحدة المسار بين الديانات ، من سورة آل عمران " إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ۗ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ ۗ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ " فلم نحنُ مُتفرّقون ؟ أليس من الأولى أن نكون أول من يلتحم ، لأن نبيّنا هو الذي وحّد بين الأنبياء و المسارات ، الإيحاء الثالث ، هذه الليلة ليلة موالاةٌ لله ولرسوله ( ص ) ، لمّا نعترف بأن النبي إمام الأنبياء ، وأنه خطيبهم ، وأنه وحّدهم ، تكون الموالاة لله ولرسوله ، ولمن حثّ الرسول على الموالاة لهم ، " وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ۗ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَىٰ ۗ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ۙ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ" ولم يقل الأنبياء لأنهم لا يملكون الهوى النفسي و الغرائز بين البشر ، الإيحاء الرابع ، أنّ هناك مساجد مقدّسة ، وهذه المساجد المُقدّسة لها أبٌ و أمٌّ ، سرت القدسية منه من الأبوين الى تلك العيال ، " سبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى "تقديم المسجد الحرام لأن المسجد الحرام هو أول بيت وُضع لعبادة الله على الأرض " إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ " و كلام علي يعتبر وثيقة الهية " أَلَا تَرَوْنَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ اخْتَبَرَ الْأَوَّلِينَ مِنْ لَدُنْ آدَمَ صلوات الله عليه إِلَى الْآخِرِينَ مِنْ هَذَا الْعَالَمِ بِأَحْجَارٍ لَا تَضُرُّ وَلَا تَنْفَعُ وَلَا تُبْصِرُ وَلَا تَسْمَعُ فَجَعَلَهَا بَيْتَهُ الْحَرَامَ الَّذِي جَعَلَهُ لِلنَّاسِ قِيَاماً ثُمَّ وَضَعَهُ بِأَوْعَرِ بِقَاعِ الْأَرْضِ حَجَراً وَأَقَلِّ نَتَائِقِ الدُّنْيَا مَدَراً وَأَضْيَقِ بُطُونِ الْأَوْدِيَةِ قُطْراً بَيْنَ جِبَالٍ خَشِنَةٍ وَرِمَالٍ دَمِثَةٍ وَعُيُونٍ وَشِلَةٍ وَقُرًى مُنْقَطِعَةٍ لَا يَزْكُو بِهَا خُفٌّ وَلَا حَافِرٌ وَلَا ظِلْفٌ ثُمَّ أَمَرَ آدَمَ عليه السلام وَوَلَدَهُ أَنْ يَثْنُوا أَعْطَافَهُمْ نَحْوَهُ فَصَارَ مَثَابَةً لِمُنْتَجَعِ أَسْفَارِهِمْ " ، " وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا ۖ إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ " وليس إذ يبني ، الإيحاء الخامس الرّبط بين المسجدين على وجهِ الخُصوص ، كأن الله يريد أن يقول ، حافظوا على المسجدين ، وتحتاج المسألة الى بحث خاص ، النبي في العهد المكي كان يصلي الى البيت الأقصى و هناك رأي أن النبي كان يصلي على زاوية الى البيتين معًا ، وهناك رأيٌ آخر أنه كان يصلي الى المسجد الحرام ، ولكن في فترة مُعيّنة ليستقطب النصارى ، نجد أن من زمن البعثة الى زمن المدينة ثمانية عشر شهرًا ، فأي تعظيم للمسجد الٌأقصى تعظيمٌ للمسجد الحرام ، ومن دنّس ذلك المكان يعتبر مدنّسًا للبيت الحرام ، فاعتبره المسلمون القبلة الأولى وثالث الحرمين ، ومسرى النبي محمّد (ص) .
الجانب الثاني ، تذكرّنا هذه الليلة بالمعجزة العظيمة الإسراء والمعراج ، الإسراء يعني المشي ليلًا ، قضية الإسراء و المعراج لابدّ أن نلاحظ أربعة طوائف من الروايات ، الروايات الأولى تذكر لنا القضية مطلقة بلا تفصيل ، وكذلك بالنسبة لعروجه " ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ ، فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ " ، التفصيل يأتي من الروايات ، حيث نعتد عليها في تفصيل الإسراء و المعراج ، نعتقد بأن الإسراء و المعراج قد وقع ، والتكذيب به كذب بالقرآن ، التفاصيل على قسمين ، قسم ورد بأحاديث صحيحة وتكذيبها تكذيب بمن حدّث بها ، التفاصيل غير مطلوبة منّا ، مختصر ما وقع فيها ، الإسراء هي رحلة أرضية ولو كانت في الواقع جوّية ، هل أن البراق مشى على الأرض ؟ ، هي قضية إعجازية والروايات كثيرة فيها ، نحن نؤمن بها إيمان إجمالي ، لما رجع الى مكة ، كان هناك موقف المكذّبين ، حيث رأسهم أبو جهل ، و هناك البعض يتسائل ، مصعب بن عدي ، يقول بيننا و بين فلسطين شهرين ، شهر ذهاب وشهر إياب ، فكيف تدّعي بأنك ذهبت في الليل و رجعت في الليل ، فأخذ يخبرهم بتفاصيل القوافل التي ستصلهم ، فصدّقه قومٌ وكذّبه آخرون ، الطائفة الثانية من الروايات تتحدّث أن النبي صلّت وراءه الأنبياء و الملائكة ، النبي لما صعد و إذه يرى اناسًا يُعذّبون ، لأن هناك عقاب قبل يوم القيامة ، و يسمّى بعذاب القبر ، الروايات تقول بان النبي رأى أجسادًا مثالية ، حيث تتلبّس الروح بلباس الروح و يسمّى جسد المثال وهو من يُلقى عليه النعيم و العذاب ، الطائفة الرابعة هناك روايات لا يمكننا أن نصدّق بها ، حيث تتنافى عن الجانب العقلي أو تتصادم مع القرآن و الأحاديث الصحيحة ، نعتبرها باطلة لأنه روايات يهودية .
الجانب الأخير ، من النتائج أنّ الله يريد منّا أن نتغلّب على المصاعب ، حيث سيأتينا وقت من الأوقات نحتاج الى أن نحلّق في السماء ، لنخترع ما يُذلّل لنا تلك الصعوبات ، ثانيًا ما البراق ؟ مأخوذ من البرق ، و حيث أن الضوء هو أسرع شيء ، ما المانع أن يكون البراق أسرع من الضوء ، على المسلمين ان يخترعوا وسائل للمواصلات ، و يريد القرآن أن يُخرجنا من عالم الخرافات و هي بعيدة عن العلم ، حيث لا يوجد سوى الأرض و الأفلاك " وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ ، وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ " النتيجة الرابعة أن الله أسرى وعرج بالنبي روحًا وجسدًا ، لنهتمّ بالروح كما نهتمّ بالجسد ، النتيجة الخامسة ، لنرعَ حرمة هذين البيتين ، كمثال وليس كموضوع ، الله في هذه الليالي العشر ، يأمر ملائكة خاصين ينصبون ألوية الرحمة و خصوصًا في ثلاثة أماكن ، المكان الأول الذي ينصب فيه لواء الرحمة هو بيت الله الحرام ، المكان الثاني مسجد رسول الله (ص) ، المكان الثالث هو الوادي المقدس ، و الرأي الأول هو الذي ذكره الله في قوله " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى " ، والرأي الثاني قيل المراد منه المكان الذي دفن فيه أمير المؤمنين عليه السلام .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع