شارك هذا الموضوع

الشيخ إبراهيم الصفا ليلة الثامن من شهر رمضان لعام 1438 هـ

أكمل سماحة الشيخ إبراهيم الصفا سلسلة محاضراته الرمضانية ، وذلك لليلة الثامنة من شهر رمضان المبارك لعام 1438 هـ ، وتحت عنوان " آثار قيام الليل " ، إبتدأ سماحته بآية من سورة الإسراء " وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا " القرآن الكريم ومن خلال آياته ، تحدث حول فضل قيام الليل و صلاة الليل ، والآية المباركة التي إبتدأنا بها تبين أن صلاة الليل في تراثنا الروائي و في كتاب الله عز وجل من أعظم النوافل و المستحبات ، صلاة الليل بالنسبة للنبي واجبة ، حالها حال الفرائض الخمس ، أما بالنسبة لعامة المؤمنين فصلاة الليل من النوافل المستحبة ، وهي مطية العروج لله عز وجل ، عندما نتحدث الليلة حول صلاة الليل ، فلابد أن نعلم أننا نتحدث عن نافلة لها بالغ الأثر في حياتنا ، الحياة الدنيوية و الحياة الأخروية ، هذه الصلاة لو لا أن لها أثر عظيم لما أوصى بها النبيُّ عليًا ، و تكراره عليه ، ليؤكد على أهمية تلك الصلاة ، حتى قال علي ( ع ) " ما تركت صلاة الليل منذ سمعت رسول الله يقول : صلاة الليل نور " و لم يفرّط بها عليه السلام ، من أراد مقامات القرب من الله عز وجل ، فإن السفر لله وسيلته صلاة الليل ، النصوص تؤكد على أهمية هذه الصلاة .
آثار صلاة الليل ، تلك الآثار تعتبر بالمصطلح العلمي المحفّزات ، القرابيون هم الذي تقربهم المكافأة أمّا الإبتعاديون فيحركهم الخوف من الخسارة أو الضرر ، هذا المنهج القرآني أو العرفي ، نحن نتكلم عن المحفزات التي تدفع بالإنسان نحو المحافظة على صلاة الليل ، عندما يقف الكثير من المؤمنين مع صلاة الرغائب ، و تعجّ المساجد بالمؤمنين في تلك الليلة ، مع طول الصلاة و مشفتها ، إنما هو الأجر الجسيم المدّخر فيها ، و عظيم الأجر ، - مع ما لها من كلام علمي - ، لو توقّفنا هذه الليلة مع صلاة الليل و آثارها ، الأول أن صلاة الليل في سر لإستقامة أمور العباد ، الأسرية و الإجتماعية و المعاشية والسياسية و الحياتية و الإقتصادية ، مدبّر الأمور هو الله عز وجل و لا ريب أن أمور المؤمنين تستقيم بقيام الليل ، من يطرق باب رحمة الله كل ليلة أن يعرض الله عنه ، جاء في الحديث القدسي " من أحدث ولم يتوضأ فقد جفاني، ومن أحدث وتوضأ، ولم يصل ركعتين فقد جفاني ، ومن أحدث وتوضأ وصلى ركعتين ودعاني ، ولم أجبه فيما سألني من أمر دينه ودنياه ، فقد جفوته، ولست برب جاف " .
الأثر الثاني ، رفع العذاب عن الناس ، كيف ؟ ، الله في القرآن الكريم أبان للناس أن سبب عدم نزول العذاب لوجود أمانين ، الأمان الأول هو رسول الله ، من سورة الأنفال " وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ۚ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ " و الأمان الثاني الإستغفار ، و هناك أمان ثالث يغفل عنه أهل المعصية وهم المستغفرون بالأسحار و أهل المساجد ، من سورة المؤمنون " وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَمَن فِيهِنَّ ۚ بَلْ أَتَيْنَاهُم بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَن ذِكْرِهِم مُّعْرِضُونَ " ، الله عز وجل يظهر غضبه في أمور يغفل عنه العباد ، عَنِ النَّبِيِّ ( ص ) ، قَالَ : " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ، يَقُولُ : إِنِّي لأَهُمُّ بِأَهْلِ الأَرْضِ عَذَابًا ، فَإِذَا نَظَرْتُ إِلَى عُمَّارِ بُيُوتِي ، وَإِلَى الْمُتَحَابِّينَ فِي ، وَإِلَى الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ صَرَفْتُهُ عَنْهُمْ " ، في الأرض من يحارب الله علنًا بالمعصية فيوشك الله أن ينزل عذابه فيوقف العذاب لوجود المؤمنين و عمّار المساجد .
الأثر الثالث ، رفع عذاب القبر ، وهي عقبة من أخطر العقبات التي ترتعد فرائس المؤمنين عندها ، هذا القبر الذي يصرخ في كل يوم " أنا بيت الدود ، أنا بيت الظلمة ، أنا بيت الوحشة " هذا البيت الذي لابدّ أن يسكنه كل إنسان صغيرًا كان أو كبيرًا ، فإن أردته أن يكون روضة من رياض الجنة فبيدك ، و إن أردته أن يكون حفرة من حفر النار فبيدك أنت أيضًا ، من دعاء أبي حمزة الثمالي " وَقَدْ نَزَلْتُ مَنْزِلَةَ الايِسِينَ مِنْ خَيْرِي فَمَنْ يَكُونُ أَسْوَأ حالاً مِنِّي اِنْ أَنا نُقِلْتُ عَلى مِثْلِ حالِي إِلى قَبْرِ لَمْ اُمَهِّدْهُ لِرَقْدَتِي وَلَمْ أَفْرُشْهُ بِالعَمَلِ الصَّالِحِ لِضَجْعَتِي " ، علينا بصلاة الليل لنحوّل هذا القبر ، أوحى الله إلى موسى (ع) : " قمّ في ظلمة اللّيل ، أجعل قبرك روضة من رياض الجنان " . الأثر الرابع هو زيادة الرزق و السعة فيه ، لا نقول أن صلاة الليل هي سبب الرزق ، أصل الرزق ثابت لكل الخلائق حتى النملة ، إنما صلاة الليل لها مدخلية في سعة الزرق أي في إضافة البركة في رزقه وفي عطاء الله اليه ، قيام اليل مصحة البدن ، و رضا الرب ، الأثر السادس أن قيام الليل وسام التشيّع ، الإرتباط بأهل البيت و العلقة الروحية بهم تعبّر عن استقامة وتعبّر عن كمال . من أبرز صفات الإنسان الشيعي أن يحافظ على صلاة الليل ما استطاع .عن الصادق عليه السلام " ليس من شيعتنا من لم يصلي صلاة الليل " . بصلاة الليلة تروّض النفوس وتكون قادرة على تحمّل الأعباء ، و صلاة الليل تمثل البعد المعنوي ولا سيما في الشدائد و المحن .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع