شارك هذا الموضوع

العيد أم الضياع القادم


تتجمع مباهج الفرحة والسعادة النفسية لدى عامة فئات المجتمع من صغير السن إلى الشيخ الكبير، تترقب وتستعد وتتلهف لنشر وتبادل الفرحة.


 


ولكن كلٌ على شاكلته فالأبناء فرحين ويستجمعون كل طاقتهم للفرحة غير آبهين، والآباء لطالما كانوا يعيشون هذا اليوم وهم قد أفلسوا من كل مدخولهم الشهري أو قل الذي جمعوه من متبقيات المعاش لفرحة أولادهم طوال العام المنصرم، فتراهم –الآباء- مكفهرين الوجه أحياناً مع أبنائهم لما قد نالوا الأبناء من مبالغ للاستعداد لفرحة العيد من شراء حاجيات ومقتنيات الفرحة ولعل هذا الأب المسكين قد أستلف هذا المبلغ لأبنائه ولكنه لا يخبرهم ولكن هل أن ملامح وجهه تنبأ بغير ذلك كلا فهو حتى –عيدكم مبارك حبايبي- قد لا يقولها لأبنائه وتراه في المقابل يفترش الديوانية –المجلس- بأنواع الأطباق والحلويات وأصناف الفاكهة التي الله الأعلم من أين آتى بها وهي ليست بموسمها، والتي يمنع أبناءه من لمسها!


 


فيا ترى هل يريد هذا الأب لأبنائه أن يستعطوا الفرحة الجميلة والكلمة الأحلى من عامة الناس، إذ لا يجدونها في وجه أبيهم ويا خسران حين يقبل الابن بكلمة من لسان لاسع ماكر ويا حسرتاه على الضياع القادم من وراء ذلك إذ يرفض الابن عش أبيه، ويَقبل عش هذا الماكر لحلاوة لسانه ولا يعلم منه بدءاً سوى اللسان المعطر بأحرف السعادة والمرح واللهو ،، وثم الانحراف ،، !!


 


النظرية قرآنية:


وهل يكلف الله نفساً أن تبذر هذه الأموال لملى هذه الأطباق في المجالس والطرقات وتزيين المنازل وظاهرة –تزيين السيارات، والدواب- تجهيزاً لا لصاحب المناسبة ولكن لمن قد يزورونه مهنئين له وهم معدودين بالأصابع، وهل أن الشريعة السمحاء حين أمرت بإكرام الضيف تناست حالة الإنسان الذي يستطيع الإطعام (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) ( سورة البقرة آية 276) وهل تناست هذه الآية حاجيات أخرى تترتب عليها تربية الأولاد واستقرار العائلة تحت سقف الأبوة الحنون...!


 


مبادرة حسنة لتطبيق النظرية:


وما نلاحظه اليوم من تبني الحسينيات بالمنطقة وبقية المؤسسات الأهلية والاجتماعية وبعض الأيدي الخفية المعطاءة، تبني إحياء هذه المناسبات في مركز الحسينيات لاستقبال الأحبة والأخوة للتهاني ولفرحة العيد وتوفير الحلوبات البسيطة المعقولة وفنجان القهوة ولجان استقبال الضيوف لهو بادرة حسنة للفرحة التي نصت عليها هذه الآية (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) ( سورة البقرة آية 276) حيث أن سعت اليد أصبحت مجتمعة ببقية أيادي الأهالي فبذلك عمَّ الخير والفرحة التي طلبها الشارع من أحياء الأمر (أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا) قرب الإسناد: ص18 التي لا تستجلب ورائها عتاب أو هدر للأموال، وهدر للطاقات وهدر للوقت.


 


فيا ترى هل يبادر الأهالي لمعاونة إدارات الحسينيات والمؤسسات الأهلية بالمساندة والمعاونة بضم اليد لهم والاشتراك تحت سقف واحد، في محافل ليلة النصف من شعبان مولد الإمام الحجة بن الحسن(عج) وحفل ليلة النصف من شهر رمضان المبارك مولد الإمام الحسن بن علي (ع)، إذ باتت هذه الليالي لصيقة بهدر الأموال والطاقات، متمثلة بما يجنيه الأهالي في أماكن متفرقة وقد مقتربة من موائد أمام منازلهم والله أعلم إن كان هذا وذاك من الآباء قد أعطى لأبنائه -عيديهتهم- أو ما يكسو فرحتهم من ملبس جديد كبقية الأبناء في الحي أو إنهم الله يكفينا وإياكم باتوا في أيدٍ سيئة تتقلبهم الرياح كيف شاءت من يد الموضة والفسق...


 


وإن لهذه المبادرة الحسنة التي قامت بها الإدارات متمثلة في لجان الخدمات من تجهيزات في هذه الليالي لجمع ونشر وإحياء الفرح ولاستجلاب بقية الطاقات والموائد أمام ساحة الحسينيات لهو أحد العوامل التي تأخذ بيد بعض الأهالي للمشاركة والدعم مع اللجان لتكون الفرحة واحدة والمائدة واحدة واليد واحدة تحت راية الحسين (ع) ولتكون أيادي الخبث والدسائس الصبيانية المتمثلة في الاختلاط الحركات السيئة للمراهقين والضوضاء في وسط أحياء الأهالي كلها أيادٍ مبتورة ومكسورة.


 


لنكون من الشيعة:


(شيعتنا يفرحون لفرحنا ويحزنون لحزننا)، (أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا) قرب الإسناد: ص18 الكثير من النصوص الدينية من أهل بيت العصمة (ع) تحثنا وتؤكد على أحياء أمر ومناسبات أهل بيت العصمة (ع) ولكن تحت ضوء (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)( سورة البقرة آية 276)، فإننا حين نطالع مجمل أحاديثهم (ع) نجد جانب منها يحثنا على أحياء أمرهم ولو بالنفس والمال والعاطفة وفي جانب مقابل مراعاة جانب أخر وهو رعاية الأبناء والمحافظة على عش الأسرة والمال العام، فيجدر بنا ونحن نطلب أن نكون ممن يشملهم هذا العنوان (شيعتنا) وممن يشار لهم يوم القيامة (أحيوا أمرنا) أن نتحرك كمكلفين –مراعاة رأي الشارع المقدس- للعمل في إحياء أفراح وأحزان آل محمد (ص) والمناسبات الإسلامية تحت هذه الآية (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) (التوبة: 105) وفي رواية (أخلص العمل فإن الناقد بصير بصير... )( بحار الانوار 13: 432) وفي رواية: (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه) أي يجب أن نحي أفراهم وأحزانهم على أحسن وجه وفي حدود معينة لا تستجلب لنا عتاب الآخرين وتكون عامل جذب لأن من أسس الإسلام أنه بُنيّ على القدوة الحسنة فيجب أن يكون إحيائُنا لهذه المناسبات بمظهر جذاب ونستطيع الاختصار بثلاث نقاط نستطيع من خلالها المحافظة على مظاهر المناسبة:


 


1-            الاستعداد الروحي المعنوي للإحياء.


2-            مراعاة التكليف تجاه المناسبة.


3-            جمع الطاقات تحت لواء صاحب المناسبة.


 


الفرحة حدودها ومظاهرها:


كان الآباء وكبار السن يخبروننا أنهم لطالما أخذوا نصيباً من الحياة الأحلى الجميلة المملوءة بالمحبة والأخوة التي ترتسم على برائهم وجمعتهم ويدهم الواحدة، ويخبروننا أنهم كانوا يحيون هذه المناسبات باليد الواحدة والجماعات التي تهنئ الجماعات وما كان مأكلهم ومشربهم في هذه الليالي وأيام الأعياد تحت مائدة جماعية بسيطة يشترك في إعدادها الجميع حتى الوجهاء ويسود لقاءهم المحبة والبساطة وعدم -الكلافة- ودائماً ما كانوا يختارون أكبر ديوانية –مجلس- فيجتمعون فيه ليكون في الغذاء أو مائدة العشاء وهذه أحد مظاهر الفرحة، أما عن حدودها فإن القاعدة الشرعية خير مثال لتبين لنا حدودها وهي (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)( سورة البقرة آية 276).


 


نتمنى تطبيق هذه النظرية:


أخواناً وآباء وإدارات كلنا يد بيد مع الحسينيات والمؤسسات التي بادرت بجمع الطاقات تحت سقف هذه المناسبات الإسلامية محاولة تجميع الطاقات وتوجيه المناسبة نحو ما يليقها من شأن إسلامي شرعي ومظهر مشرف وإن ما نال شيء من الخلود بقدر ما يناله بالجهود المجتمعة، إذ الآية الكريمة تحثنا على التعاون للخير (وتعاونوا على البر والتقوى).


والحمد لله رب العالمين


محمد  علي أحمد آل حيدر


11 ذو الحجة 1424هـ

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع