شارك هذا الموضوع

الطاعة لـ

 


          هبت رياح الغضب جميع غابات الأسود، وبدأت العواصف تضرب القلوب، وما أن يأتي الليل حتى تهدأ النفوس المتعبة عند هبوب رياح الشمال الباردة. ويفكرون جلياً  في كل ليلة ظلماء كيف يستطيعون أن يروضوا قلوبهم لتحمل مثل هذه الزوابع والأعاصير التي دمرت ولا زالت تدمر كل شبر من الأراضي التي احتلتها الوحوش.


          تغير حال الطقس في الغابة أدى إلى لجوء بعض الأسود إلى محمية برية ضخمة تحتوي على قفص كبير يحمي الأسود المنحدرة من سلالة نادرة وذات دم أصيل. بالإضافة إلى توافر تشكيلة جميلة من الطعام زائداً الوسائل والاساليب الترويحية التي تساعد الأسود على تهدئة روعهم جراء الأزمات التي حلت عليهم في الغابة وما يتعلق بها. على رغم عناد بعض الأسود عند دخولهم الى القفص الا أنهم سرعان ما تم ترويضهم بطرق المتخصصين في تربية الأسود. ويعتقد المتخصصون في المحمية أن الأسود يستهلكون كميات كبيرة من الطعام والرعاية الطبية الفائقة التي يحسدون عليها من قبل بقية الحيوانات في المحمية. إلا أن الاستفادة المستقبلية تكون عظيمة ومتفوقة في ذلك على ميزان المدفوعات، إذ يغدو الأسد عاجزاً عن عمل أي شيء بدون إشارة من المدرب.


الإستثناء يجعل القاعدة غير متزنة في كثير من الأحيان، فعند هيجان أحد الأسود عن طاعة المدرب يصبح أمر السيطرة عليه ليس بالامر السهل في الوقت الحاضر، أما بالنسبة للمستقبل فيمكن حدوث تغيير بسيط في حالته النفسية المضطربة - اذا لم يكن هناك تحول سريع - وهذا يحدث غالباً للحيوانات التي يتم جلبها إلى المحمية بشكل اجباري.


لجوء الأسد إلى المحمية خلف وراءه الكثير ممن يحكمهم - باعتباره ملك الغابة - فيبحث هؤلاء المحكومين عن وسائل وحلول لتجنب مثل هذه الزوابع والاضطرابات، وتلافياً مساعدة الغير في حل المشاكل الخارجية والداخلية الناتجة عن الأزمات المناخية الصعبة والخطيرة في معظمها التي قد تودي إلى انهيار الغابة وعدم المقدرة على حماية الحيوانات الضعيفة من الضياع.


          وعندما يتحسن الجو في الغابة نسبياً ترجع الأسود إلى مجاريها. حيث تقوم بالسيطرة القوية على الحيوانات في الغابة نتيجة عدم الإذعان لما يأمر به الملك المسير من قبل المدرب الذي أملى شروطه عليه بحيث لا ينسى تدريبات المدرب الذي علمه الحب والولاء للمحمية التي حضنته في يوم من الأيام.


          على رغم وصف الأسد في الماضي بالقوة والشجاعة والذكاء المفرط والإنقضاض على الفريسة بدون الإكتراث إلى أي منافس مهما كانت جبروته، إلا أن هذه الصفات لا تنطبق على أسد هذه الأيام ذي المخالب المتكسرة والجسد الهزيل المتعطش لتناول قطعة من اللحم حتى لو كانت صغيرة.


          فكيف يخيل لك أن الأسد وهو الذي يضرب به الامثال وتحكى من اجله القصص والحكايات راسمة أسمى صور البطولة والجهاد في العديد من المعارك التي خاضها في الماضي محاولاً إثبات وجوده والتضحية من أجل لقمة العيش، نراه الآن يهان ويستهزأ به ويضرب – في أغلب الأوقات – بصفاته عرض الحائط وخصوصا من الحيوانات التي يحكمها. والزمن أثبت للعالم كله ضعف سيطرة الاسد على الأوضاع التي تحتضنه، بحيث تفرض بعض المحميات سيطرتها وقوتها على هذه الأسود غير القادرة على حماية كيانها من الأخطار وبالتالي تمحو قاعدة ( الأسد ملك الغابة ). وذلك حينما أُمر بعدم إظهار مخالبه في وجه سيده (مدرب المحمية) حفاظاً على حياة شريفة له ولعائلته.


          ولكن هل سيعود الأسد إلى رشده حاملا راية الكرامة والعزة التي أنعمها الله عليه. وترجع الغابة التي تعد مملكة الأسد الأصلية إلى عصر ازدهارها بحيث تكون عودة بلا رجعة.

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع