شارك هذا الموضوع

سيرة النبي قبل البعثة النبوية الشريفة وشهادته (صلى الله عليه وآله)

سيرة النبي قبل البعثة النبوية الشريفة وشهادته  (صلى الله عليه وآله)


ولادته ونشأته صلى الله عليه وآله:


ولد النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم يوم الجمعة السابع عشر من شهر ربيع الأوّل من عام الفيل (570 للميلاد)، واستُشهد صلوات الله عليه وآله مسموماً في اليوم الثامن والعشرين من شهر صفر في السنة العاشرة من الهجرة (632 للميلاد) وكان عمره الشريف 63 سنة.


ويذكر أن أُمّه السيدة آمنة بنت وهب قد حملت به في أيّام التشريق من شهر رجب، وكانت مدّة حملها به ثمانية أشهر وأيّاماً.


وكانت أُمّه عليها سلام الله قد سمّته أحمد قبل أن يسمّيه جدّه. وفي اليوم السابع لمولده المبارك، عقّ عبد المطلب عنه بكبش شكراً للّه تعالى، واحتفل به مع عامة قريش.


وقال عن تسميته النبي الكريم محمّداً (صلّى الله عليه وآلِهِ وسلم) وعن سببه: أردت أن يُحمَد في السماء والاَرض.


وقد وقعت يوم ولادته المباركة أحداث عجيبة ، فقد وُلِد مختوناً، وهو يقول: " اللّه أكبر والحمد للّه كثيرا، سبحان اللّه بكرةً وأصيلا".


وقد روي عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام بشأن ولادة النبي محمد صلى الله عليه وآله :


( كان إبليس - لعنه الله - يخترق السماوات السبع ، فلما وُلد عيسى عليه السلام حُجب عن ثلاث سماوات ، وكان يخترق أربع سماوات ، فلما وُلد رسول الله - صلّى الله عليه وآله - حُجب عن السبع كلها ، ورميتْ الشياطين بالنجوم ، وقالت قريش :


هذا قيام الساعة الذي كنا نسمع أهل الكتب يذكرونه ، وقال عمرو بن أمية - وكان من أزجر أهل الجاهلية -: انظروا هذه النجوم التي يُهتدى بها ، ويُعرف بها أزمان الشتاء والصيف ، فإن كان رُمي بها فهو هلاك كل شيء ، وإن كانت ثبتت ورُمي بغيرها فهو أمر حدث.


وأصبحت الأصنام كلها صبيحة ولد النبي - صلّى الله عليه وآله - ليس منها صنمٌ إلا وهو منكبٌّ على وجهه ، وارتجس في تلك الليلة أيوان كسرى ، وسقطت منه أربعة عشر شرفة ، وغاضت بحيرة ساوة ، وفاض وادي السماوة ، وخمدت نيران فارس ، ولم تخمد قبل ذلك بألف عام ، ورأى المؤبذان في تلك الليلة في المنام إبلا صعابا تقود خيلا عرابا ، قد قطعت دجلة ، وانسربت في بلادهم ، وانقصم طاق الملك كسرى من وسطه ، وانخرقت عليه دجلة العوراء ، وانتشر في تلك الليلة نور من قبل الحجاز .


ثم استطار حتى بلغ المشرق ، ولم يبقَ سريرٌ لملك من ملوك الدنيا إلا أصبح منكوسا ، والملِك مخرساً لا يتكلّم يومه ذلك ، وانتُزع علم الكهنة ، وبطُل سحر السحرة ، ولم تبق كاهنةٌ في العرب إلا حُجبت عن صاحبها ، وعظُمت قريش في العرب ، وسُمّوا آل الله عزّ وجلّ ).



وُلد الرسول (صلى الله عليه وآله) يتيماً وترعرع في كنف جده عبد المطلب لعامين بعد وفاة أمه ليتكفله عمه أبو طالب فكان يمثلُ امتداداً لذلك الرعيل الذي آمن بأن لا حياة إلا لمرفوعي النواصي فهو سيدُ قريش مكانةً وزعامةً ولم يكن غير امتدادٍ لتلك القوة الجبارة منتقلةً إليه من أبيه وجدهِ هاشم ليستودعها في أبنائه، تدرج رسول الله من راعي غنم إلى رفيق أسفارٍ مع عمه. من غلامٍ يحجبُ سنى طلعته الفقر إلى فتىً يُستسعى الغمامُ بوجهه.


كُشف في أحد أسفاره لعمه أبي طالب عنه، فقد أخبرهُ (بحيرا) الراهب لما سيؤول إليه فتاه (فالشمسُ على يمينه والقمر على يساره) فهو ذو شأن عظيم. فنشأ (صلى الله عليه وآله) وجيهاً مهاباً وقوراً صادقاً أميناً فلقب بها قبل أن يدعو الناس لربه.


تنازع القومُ على من يضعُ الحجر الأسود عند إعادة بناء مكة فكادوا يتقاتلون لولاهُ فحكم بينهم وانتهى الأمرُ بأن أخذ كل منهم بطرف الرداء لحمل الحجر ووضعه في مكانه فكان ديدنه هذا حتى طبقت صفاته الحميدةُ الآفاق. كلُ ذلك كان قبل أن يعرفوه نبياً داعياً لرسالة السماء.


لقد نشأ رسول الله ورعاً فاضلاً رشيداً بعيداً عن الترف والضياع في المنزلقات الدنيوية والشهوات. تلوحُ على محياه آثار التفكر والتأمل؛ يلبث أياماً متفكراً في آثار القدرة الإلهية وعظمة الصانع البديع.



زواجه صلى الله عليه وآله من خديجة عليها السلام:


إن تاريخ النساء لعاجزٌ حقاً أن يأتي بامرأةٍ كخديجة خديجةُ بنت خويلد (عليها السلام) حيث لم تحفظ لنا ثناياهُ أن امرأءة فاحت سيرتها بالعطاء والعفاف مثلها فقد بلغت ققم الفضائل كلها. فهي سعيدةٌ بما بلغته في دنيا التجارة التي آلت ثروتها إليها من أبيها. ولكن حياتها لم تكتمل فكان قلبها يرنو إلى حياةٍ زوجيةٍ رفيعة فيها سموُّ وبذلٌ وتضحيةٌ وكفاحٌ في سبيل تحقيق غايةٍ سامية ونبيلة. فهي سيدةُ نساء قريش عاليةُ الهمة جياشة العواطف واسعةُ الأفق مفطورةٌ على التَدين والنقاء والطهر وقد عرفت بالطاهرة بين أترابها من النساء.


رأت فيما يرى النائم شمساً عظيمة تهبط من سماء مكة لتستقر في دارها وتملأ جوانب الدار بالنور والبهاء. وقد فاض ذلك النور من دارها ليعمرُ كلَّ ما حولها بالضياء هبت من نومها إلى ابن عمها الضرير الكاهن الموحد ورقة بن نوفل تقصُ عليه رؤياها لعلها تجدُ عِنده مبتغاها. وما أن انتهت من كلامها حتى تهلل وجهه بالبشر قائلاً: أبشري يا ابنة العم لو صدق الله رؤياك ليدخلن نورُ النبوة دارك. وليفيضنَّ منها نور خاتم الأنبياء.


ولو تصفحنا الذاكرة الإنسانية لرأينا أن هناك أسباباً لا تمتُ للماديات بصلةٍ دفعت الرسول للاقتران بها. وقبول عرضها ودفعتها هي الأخرى للإصرار عليه دون سادات قريش الذين طلبوا ودَّها.


ومن تلك الدوافع ما ذكرناه آنفاً وما سنذكره لاحقاً فلقد كان بيتُ خديجة كعبةً يؤمها المساكين والمحرومين فلماذا نستكثرُ عليها تربيتها لبنات أختها بعد وفاة شقيقتها ومحمدٌ نفسه تبناهُ عمهُ أبو طالب وهو (صلى الله عليه وآله).


ثم اخبار ورقة بن نوفل لها وهو ابن عمها وكان من كهان قريش قرأ صحف شيتٍ وإبراهيم (عليهما السلام) والتوراة والإنجيل والزبور. وفيها ما يؤكد ظهور نبي من قريش وتنبأ لها قائلاً: (يا خديجة سوف تتصلين برجلٍ يكون أشرف أهل الأرض والسماء.) هذه من أهم الأسباب التي جعلت خديجة تعزف عن الزواج من سادات قريش وتعلقها بمحمد وعرضها لنفسها عليه فهي كانت حنيفية موحدة لله قبل بعثة الرسول مؤمنة بأنه خاتم الأنبياء والمرسلين فعرضت نفسها عليه قائلة: (يا ابن عم أبي قد رغبتُ فيك لقرابتك وشرفك وأمانتك وحُسن خلقك وصدق حديثك).

ويذكر أن النبي محمد صلى الله عليه وآله لم يتزوج بغير الصِّديقة خديجة الكبرى عليها السلام إلا بعد وفاتها فقد كانت السكن لنفسه والمرأة التي سَمت بشرفها وطهارتها وأخلاقها ومواقفها وتضحياتها وجهادها في سبيل الله وهي لم تسجد لصنم قط.


ولكن أداء الرسالة حتم على النبي صلى الله عليه وآله الزواج بعد وفاة خديجة عليها السلام وذلك لإزاحة علة المبطلين والذين يتحينون الفرص للقضاء على دين الله وتعطيل بعض أحكامه وتحريم ما أحل الله في كتابه الكريم. فالنبي صلى الله عليه وآله هو الأسوة الحسنة وقوله حُجة وعمله حُجة. فما كان له أن يغفل عن ذلك الشيء. فقد ضحى بنفسه من أجل الدين وقد شاء الله أن تكون ذريته من زوجته خديجة عليها السلام ولم يجعلها في من رفعت المعاول في وجهه. وركبت الجمل لمحاربة وَصِيِّه. وامتطت البغل لمنع دفن إبنه وثمرة فؤاده الإمام الحسن سيد شباب أهل الجنة عند قبره والذي دَسَّت له السم ابنت أختها. فما كان النبي ليتزوج بنسب كهذا بعد وفاة خديجة عليها السلام إلا تضحية منه وفداء لهذا الدين وقد تحمل الألم والشقاء حتى قُتل شهيدا ولما أراد كتابة الوصية التي أوصاهم بها يوم الغدير اتهمه أحد الأشقياء والذي لطالما عاند النبي صلى الله عليه وآله في حياته وشكك في نبوته يوم صلح الحديبية وقال: إن النبي يهجر! فحب السلطة كان من الممكن أن يجعل مثل ذلك الشقي ينقلب على النبي ويحدث بلبلة ورِدَّة كبيرة عن دين الله في فترة حرجة جدا وهي وفاة النبي صلى الله عليه وآله. حتى بقى مقتل النبي مسموما طي الكتمان وأوصى النبي صلوات الله عليه وعلى آله الطاهرين وصيه الإمام علي عليه السلام بالصبر على هضم حقه وإنقلاب بعض أصحابه على أعقابهم واختيارهم لغيره بعد أن قضى الله ورسوله بولايته.


 


شهادته صلوات الله عليه وآله مسموما:


قال الله تبارك وتعالى: (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئاً وسيجزي الله الشاكرين) آل عمران 144.


قال رسول الله (صلى الله عليه وآله ): (إن هذا الامر يملكه اثنا عشر إماماً من ولد علي وفاطمة, ما منّا إلا مسموم أو مقتول) (بحار الانوار ج27 ص217).


قالت عائشة: لددنا رسول الله في مرضه فجعل يشير إلينا أن لا تلِدّوني، فقلنا: كراهية المريض للدواء. فقال:
(لايبقى أحد في البيت إلا لد، وأنا أنظر إلا العباس فإنه لم يشهدكم. (صحيح البخاري ج 7 ص 17 وصحيح مسلم ج 7 ص 24 و ص 198).


كان النبي ينعى نفسه إلى أصحابه وأهل بيته وزوجاته، ويخبرهم أن تلك السنة آخر سنوات حياته الشريفة المباركة، وأن شمس وجوده قد اقتربت من الغروب، ولهذا قام بتعيين الخليفة والإمام القائم.


فمن جملة الأحكام الشرعية والتعاليم الإسلامية هو الوصية عند الإحساس بخطر الوفاة، قال الله تعالى: (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيراً الوصية).


فهل من المعقول أن يموت صاحب الشريعة الإسلامية والمقتدى لقوافل المسلمين على مر القرون والأجيال ـ بلا وصية؟ وهل يمكن أن يأمر النبي أمته بالوصية ويتركها هو؟ وعمله حجة وسنة يأخذ بها المسلمون؟ وهو القائل: (من مات بلا وصية مات ميتة جاهلية).


إن الأخبار والأحاديث والنصوص الواردة حول وصية النبي (صلّى الله عليه وآله) مستفيضة متواترة عن أئمة العترة الطاهرة، وحسبك مما جاء من طريق غيرهم في قول النبي (صلّى الله عليه وآله) وقد أخذ برقبة علي: (هذا أخي ووصيي، وخليفتي فيكم، فاسمعوا له وأطيعوا).


رواه محمد بن حميد الرازي عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (لكل نبي وصي ووارث، وإن وصيي ووارثي علي بن أبي طالب (عليه السلام).


وروى الطبراني في الكبير بالإسناد إلى سلمان الفارسي قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): (إن وصيي وموضع سري، وخير من أترك بعدي، ينجز عدتي، ويقضي ديني، علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وهذا نص في كونه الوصي، وصريح في أنه أفضل الناس بعد النبي، وفيه من الدلالة الإلتزامية على خلافته، ووجوب طاعته، ما لا يخفى على أولي الألباب.


وأخرج أبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء عن أنس، قال: قال لي رسول الله (صلّى الله عليه وآله): يا أنس أول من يدخل عليك هذا الباب: إمام المتقين، وسيد المسلمين.


قال أنس: فجاء علي فقام إليه رسول الله (صلّى الله عليه وآله)، مستبشراً فاعتنقه وقال له: أنت تؤدي عني، وتسمعهم صوتي، وتبين لهم ما اختلفوا فيه من بعدي.


وأخرج الطبراني في الكبير بالإسناد إلى أبي أيوب الأنصاري، عن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قال: يا فاطمة، أما علمت أن الله عز وجل اطلع على أهل الأرض، فاختار منهم أباك فبعثه نبيا، ثم اطلع الثانية فاختار بعلك، فأوحي إلي فأنكحته واتخذته وصيا.


الحديث في (أول ص 403 ج 6 من الكنز)، ولما وضع على السرير وأرادوا الصلاة عليه (صلّى الله عليه وآله) قال علي: لا يؤم على رسول الله أحد، هو إمامكم حياً وميتاً، فكان الناس يدخلون رسلاً رسلاً، فيصلون صفاً صفاً، ليس لهم إمام ويكبرون، وعلي قائم حيال رسول الله يقول: سلام الله عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، اللهم إنا نشهد أن قد بلغ ما أنزلت إليه، ونصح لأمته وجاهد في سبيل الله حتى أعز الله عز وجل دينه، وتمت كلمته، اللهم فاجعلنا ممن يتبع ما أنزل الله إليه، وثبتنا بعده وأجمع بيننا وبينه، فيقول الناس: آمين آمين، حتى صلى عليه الرجال ثم النساء ثم الصبيان، روى هذا كله باللفظ الذي أوردناه ابن سعد عند ذكره غسل النبي من طبقاته، وأول من دخل على رسول الله يومئذ بنو هاشم، ثم المهاجرون، ثم الأنصار ثم الناس، وأول من صلى عليه علي والعباس وقفا صفاً وكبرا عليه خمساً.



وفي كتاب أبي إسحاق قال: دخل أبو بكر على النبي (صلّى الله عليه وآله) وقد ثقل (اشتد مرضه)، فقال: يا رسول الله متى الأجل؟ قال: قد حضر، قال أبو بكر: الله المستعان على ذلك فإلى ما المنقلب؟ قال: إلى السدرة المنتهى وجنة المأوى وإلى الرفيق الأعلى والكأس الأوفى والعيش المهنى، قال أبو بكر: فمن يلي غسلك؟ قال رجال أهل بيتي، الأدنى فالأدنى قال: ففيما نكفنك؟ قال: في ثيابي هذه التي علي أو حلة يمانية أو في بياض مصر قال: كيف الصلاة عليك؟ فارتجت الأرض بالبكاء فقال لهم النبي (صلّى الله عليه وآله) مهلاً، عفا الله عنكم، إذا غُسلت فكُفنت فضعوني على سريري في بيتي هذا على شفير قبري ثم أخرجوا عني فإن الله تبارك وتعالى أول من يصلي علي ثم يأذن الملائكة في الصلاة علي فأول من ينزل جبرائيل (عليه السلام) ثم إسرافيل ثم ميكائيل ثم ملك الموت (عليه السلام) في جنود كثير من الملائكة بأجمعها ثم أدخلوا علي زمرة زمرة، فصلوا علي وسلموا تسليما ولا تؤذوني وليبدأ بالصلاة علي الأدنى من أهل بيتي ثم النساء ثم الصبيان زمراً.


قال أبو بكر: فمن يدخل قبرك؟ قال: الأدنى فالأدنى من أهل بيتي مع ملائكة لا ترونهم، قوموا فأدوا عني إلى من ورائكم؟ فقلت للحرث بن مرة: من حدثك هذا الحديث؟ قال: عبد الله بن مسعود.


عن علي (عليه السلام) قال: كان جبرائيل ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي قبض فيه كل يوم وفي كل ليلة، فيقول: السلام عليك إن ربك يقرؤك السلام فيقول: كيف تجدك؟ وهو أعلم بك ولكنه أراد أن يزيدك كرامة وشرفاً إلى ما أعطاك على الخلق، وأراد أن يكون عيادة المريض سنة في أمتك، فيقول النبي (صلّى الله عليه وآله) ـ إن كان وجعاً ـ : يا جبرائيل أجدني وجعاً فقال له جبرائيل: اعلم يا محمد إن الله لم يشدد عليك وما من أحد من خلقه أكرم عليه منك، ولكنه أحب أن يسمع صوتك ودعاك حتى تلقاه مستوجباً للدرجة والثواب الذي أعد لك، والكرامة والفضيلة على الخلق، وإن قال له النبي (صلّى الله عليه وآله) أجدني مريحاً في عافية.


قال له: فاحمد الله على ذلك فإنه يحب أن تحمد وتشكره ليزيدك إلى ما أعطاك خيراً فإنه يحب أن يحمد ويزيد من شكر.


قال: وإنه نزل عليه في الوقت الذي كان ينزل فيه فعرفنا حسه فقال علي (عليه السلام): فيخرج من كان في البيت غيري؟ فقال له جبرائيل: يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويسألك وهو أعلم بك كيف تجدك؟ فقال له النبي: أجدني ميتاً.


قال له جبرائيل: يا محمد أبشر فإن الله إنما أراد أن يبلغك بما تجد ما أعد لك من الكرامة.


قال له النبي صلى الله عليه وسلم: إن ملك الموت استأذن علي فأذنت له، فدخل واستنظرته مجيئك فقال له: يا محمد إن ربك إليك مشتاق فما استأذن ملك الموت على أحد قبلك ولا يستأذن على أحد بعدك.


فقال النبي (صلّى الله عليه وآله): لا تبرح يا جبرائيل حتى يعود، ثم أذن للنساء فدخلن فقال لأبنته: أدني مني يا فاطمة فأكبت عليه فناجاها، فرفعت رأسها وعيناها تهملان دموعاً فقال لها: أدني مني فدنت منه فأكبت عليه فناجاها فرفعت رأسها وهي تضحك، فتعجبنا لما رأينا فسألناها فأخبرتنا أنه نعى نفسه فبكيت فقال: يا بنية لا تجزعي فإني سألت ربي أن يجعلك أول أهل بيتي لحاقاً بي فأخبرني أنه استجاب لي فضحكت، قال: ثم دعا النبي (صلّى الله عليه وآله) الحسن والحسين (عليهما السلام) فقبلهما وشمهما وجعل يترشفهما وعيناه تهملان.


في علل الشرائع: عن الإمام الصادق عن أبيه عن جده (عليهم السلام) قال لما حضرت رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الوفاة دعا العباس بن عبد المطلب وأمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال للعباس: يا عم محمد تأخذ تراث محمد وتقضي دينه وتنجز عداته؟ فرد عليه وقال: يا رسول الله: أنا شيخ كبير كثير العيال، قليل المال، من يطيقك وأنت تباري الريح؟ قال: فأطرق هنيئة ثم قال: يا عباس أتأخذ تراث رسول الله وتنجز عداته وتؤدي دينه.


فقال: بأبي أنت وأمي أنا شيخ كبير كثير العيال قليل المال، من يطيقك وأنت تباري الريح؟ فقال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): أما إني سأعطيها من يأخذ بحقها.


ثم قال: يا علي يا أخا محمد أتنجز عداة محمد وتقضي دينه وتأخذ تراثه؟ قال: نعم بأبي أنت وأمي.


فنزع خاتمه من إصبعه فقال: تختم بهذا في حياتي فوضعه علي (عليه السلام) في إصبعه اليمنى فصاح رسول الله (صلّى الله عليه وآله): يا بلال علي بالمغفر والدرع والراية وسيفي: ذي الفقار وعمامتي: السحاب والبرد والأبرقة والقضيب.


فقال: يا علي أن جبرائيل أتاني بها.


فقال: يا محمد إجعلها في حلقة الدرع واستوفر بها مكان المنطقة ثم دعا بزوجي نعال عربيين إحداهما مخصوفة والأخرى غير مخصوفه، والقميص الذي اسري به فيه، والقميص الذي خرج فيه يوم أحد والقلانس الثلاث قلنسوة السفر وقلنسوة العيدين وقلنسوة كان يلبسها.


ثم قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): يا بلال علي بالبغلتين: الصهباء والدلدل والناقتين: العضباء والصهباء والفرسين الجناح الذي كان يوقف بباب مسجد رسول الله لحوائج الناس، يبعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الرجل في حاجته فيركبه وحيزوم وهو الذي يقول أقدم حيزوم. والحمار اليعفور.


ثم قال: يا علي إقبضها في حياتي حتى لا ينازعك فيها أحد بعدي.


وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في مرضه الذي قبض فيه لفاطمة (عليها السلام) بأبي وأمي أنتِ! أرسلي إلى بعلك فادعيه لي.


فقالت فاطمة للحسين (عليه السلام): إنطلق إلى أبيك فقل: يدعوك جدي.


فانطلق إليه الحسين فدعاه فأقبل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) حتى دخل على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) وفاطمة (عليها السلام) عنده وهي تقول: واكرباه لكربك يا أبتاه.


فقال لها رسول الله (صلّى الله عليه وآله): لا كرب على أبيك بعد اليوم يا فاطمة.


ثم قال يا علي أدن مني.


فدنا منه فقال أدخل أذنك في في.


ففعل.


فقال: يا أخي ألم تسمع قول الله تعالى في كتابه (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية)؟ قال: بلى يا رسول الله.


قال: هم أنت وشيعتك يجيئون غراً محجلين، شباعاً مرويين، أولم تسمع قول الله في كتابه (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية)؟ قال: بلى يا رسول الله.


قال: هم أعداؤك وشيعتهم، يجوزون يوم القيامة ظماء مظمئين، أشقياء معذبين، كفار منافقين، ذلك لك ولشيعتك، وهذا لعدوك ولشيعتهم.


ولما حضره الموت كان أمير المؤمنين (عليه السلام) حاضراً عنده فلما قرب خروج نفسه (صلّى الله عليه وآله) قال له: ضع يا علي رأسي في حجرك فقد جاء أمر الله تعالى فإذا فاضت نفسي فتناولها بيدك وامسح بها وجهك، ثم وجهني إلى القبلة وتول أمري وصل علي أول الناس، ولا تفارقني حتى تواريني في رمسي، واستعن بالله تعالى.


فأخذ علي (عليه السلام) رأسه فوضعه في حجره فأغمي عليه فأكبت فاطمة (عليها السلام) تنظر في وجهه وتندبه وتبكي وتقول:


وأبيض يستقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة الأرامل


ففتح رسول الله (صلّى الله عليه وآله) عينه، وقال بصوت ضئيل: يا بنية هذا قول عمك أبي طالب لا تقوليه ولكن قولي (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل أنقلبتم على أعقابكم) فبكت طويلاً وأومأ إليها بالدنو منه فدنت منه فأسرّ إليها شيئاً تهلل وجهها له.


ثم قبض (صلّى الله عليه وآله) ويد أمير المؤمنين (عليه السلام) تحت حنكه ففاضت نفسه (صلّى الله عليه وآله) فيها فرفعها إلى وجهه فمسحه بها، ثم وجهه وغمضه ومد عليه إزاره واشتغل بالنظر في أمره.


وقال جعفر بن محمد الصادق (عليه السلام): إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أوصى إلى علي (عليه السلام) أن لا يغسلني غيرك فقال علي (عليه السلام): يا رسول الله من يناولني الماء؟ إنك رجل ثقيل لا أستطيع أن أُقلّبك؟ فقال: جبرائيل معك يعاونك، ويناولك الفضل الماء، وقل له فليغمض عينيه، فإنه لا أحد يرى عورتي غيرك إلا انفقأت عيناه.


كان الفضل بن العباس يناوله الماء وجبرائيل يعاونه، وعلي يغسله، فلما أن فرغ من غسله وكفنه أتاه العباس فقال: يا علي إن الناس قد اجتمعوا على أن يدفن النبي (صلّى الله عليه وآله) في بقيع المصلى، وأن يؤمهم رجل منهم، فخرج علي إلى الناس فقال: يا أيها الناس: أما تعلمون أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إمامنا حياً وميتاً؟ وهل تعلمون أنه (صلّى الله عليه وآله) لعن من جعل القبور مصلى؟ ولعن من يجعل مع الله إلهاً؟ ولعن من كسر رباعيته وشق لثته؟ فقالوا: الأمر إليك فاصنع ما رأيت.


فقال: إني أدفن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في البقعة التي قبض فيها.


ثم قام على الباب فصلى عليه ثم أمر الناس عشرة عشرة يصلون عليه ثم يخرجون.


لما أراد أمير المؤمنين (عليه السلام) غسل الرسول (صلّى الله عليه وآله) استدعى الفضل بن العباس فأمره أن يناوله الماء لغسله فغسله بعد أن عصب عينيه، ثم شق قميصه من قبل جيبه حتى بلغ إلى سرته وتولى (عليه السلام) غسله وتحنيطه وتكفينه والفضل يعطيه الماء ويعينه عليه فلما فرغ من غسله وتجهيزه تقدم فصلى عليه وحده، ولم يشترك معه أحد في الصلاة عليه، وكان المسلمون في المسجد يخوضون فيمن يؤمهم بالصلاة عليه، وأين يدفن، فخرج إليهم أمير المؤمنين (عليه السلام) وقال لهم: إن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) إمامنا حياً وميتاً فيدخل عليه فوج بعد فوج منكم فيصلون عليه بغير إمام، وينصرفون، وإن الله تعالى لم يقبض نبياً في مكان إلا وقد ارتضاه لرمسه فيه، وإني لدافنه في حجرته التي قبض فيها.


فسلم القوم لذلك ورضوا به، ولما صلى المسلمون عليه أنفذ العباس بن عبد المطلب برجل إلى أبي عبيدة بن الجراح وكان يحفر لأهل مكة ويضرح، وكان ذلك عادة أهل مكة، وأنفذ (أرسل) إلى زيد بن سهل وكان يحفر لأهل المدينة ويلحد، فاستدعاهما وقال: اللهم خر لنبيك.


فوجد أبو طلحه فقيل له: احفر لرسول الله.


فحفر له لحداً، ودخل أمير المؤمنين والعباس بن عبد المطلب والفضل بن العباس وأسامة بن زيد ليتولوا دفن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فنادت الأنصار من وراء البيت: يا علي إن نذكرك الله وحقنا اليوم من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أن يذهب، أدخل منا رجلاً يكون لنا به حظ من مواراة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) فقال ليدخل أنس بن خولي وكان بدرياً فاضلاً من بني عوف من الخزرج، فلما دخل قال له علي (عليه السلام) انزل القبر.


فنزل ووضع أمير المؤمنين رسول الله (صلّى الله عليه وآله) على يديه ودلاّه في حفرته، فلما حصل في الأرض قال له أخرج.


فخرج ونزل علي (عليه السلام) إلى القبر، فكشف عن وجه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ووضع خده على الأرض موجهاً إلى القبلة على يمينه ثم وضع عليه اللبن وأهال عليه التراب.


وكان (عليه السلام) يرثي رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ويقول:



الموت لا والداً يبقي ولا ولـد ... هذا السبيل إلى أن لا ترى أحد


هذا النبي ولم يخلد لأمتــــــه ... لـــو خلّد الله خلقاً قبله خلـــــدا


للموت فينا سهام غير خاطئة ... من فاته اليوم سهم لم يفته غدا



وكان (عليه السلام) يصلح قبر رسول الله بمسحاته، وكانت وفاة النبي (صلّى الله عليه وآله) في اليوم الثامن والعشرين من شهر صفر في السنة العاشرة من الهجرة كما هو مشهور عند أهل بيته عليهم و(عليه السلام).


 



بعض الأحداث الأليمة التي وقعت بعد وفاته صلوات الله عليه وآله:



ولما فارق النبي الحياة وهو بعد لم يدفن اجتمع الناس في موضع يقال له (السقيفة) وقد رشح سعد بن عبادة نفسه للإمارة وهو سيد الخزرج، وأسيد بن حصين أو بشير بن سعد قد رشح نفسه أيضاً لأنه سيد الأوس، وبين الأوس والخزرج عداء وتنافس قديم.


ودخل أبو بكر وعمر وأبو عبيدة في ذلك المجتمع واستمعوا إلى كلام المرشحين للإمارة والرئاسة، وتكلم أبو بكر ودعا الناس إلى عمر أو أبي عبيدة، وامتنع الرجلان أن يتقدما أبا بكر لأنه صاحب الغار، وجرى كلام ونزاع طويل واصطدام عنيف فيما بين المهاجرين والأنصار وبين أبي بكر وأهل السقيفة، حتى آل الأمر إلى التهديد والشتم.


وهنا انتهز رئيس الأوس الفرصة، وتضعيفاً لجانب سعد بن عبادة (منافسه) وافق على تأمير أبي بكر، وضم صوته إلى صوت عمر وأبي عبيدة وقال: أنا ثالثكما.


ولما رأى الأوس سيدهم انحاز إلى تلك الناحية اتبعوا رئيسهم، وأقبلوا إلى أبي بكر وبايعوه، وكاد سعد بن عبادة يموت تحت الأقدام، فصاح قتلمتوني.


فصاح عمر: اقتلوا سعداً قتله الله.


وهكذا وقع الانتخاب، وبويع لأبي بكر بالخلافة.


وحدثت حوادث مؤلمة مشجية لا نذكرها تحفظاً على العواطف أن تخدش، وإن كانت تلك الحوادث مذكورة في الآلاف المؤلفة من كتب الحديث والتاريخ، ومشهورة عند المسلمين.


ونذكر جملة عن موقف الإمام في ذلك العهد: فلقد أخذوا البيعة من الناس لأبي بكر، وجاؤا إلى علي ليخرجوه من البيت ليبايع لأبي بكبر فلم تأذن لهم فاطمة بالدخول في بيتها، فصدر الأمر بالهجوم فهجموا وأخذوا علياً بعد أن خلعوا عنه سلاحه وأخرجوه من البيت يريدون به المسجد، وخرجت فاطمة خلفهم وهي بأشد الأحوال، إذ إنها أجهضت جنينها فكأنها نسيت آلامها فجعلت تعدو وتصيح: خلوا عن ابن عمي؟ خلوا عن بعلي! والله لأكشفن عن رأسي ولأضعن قميص أبي على رأسي وأدعوا عليكم!


ووصلت إلى باب المسجد فرأت منظراً مؤلماً لا نستطيع أن نصفه إلا إنها استطاعت أن تخلص زوجها من أيدي الناس وتحول بينهم وبين أخذ البيعة منه، ورافقت زوجها إلى البيت سالماً.


أظلمّت الدنيا في عين علي (عليه السلام) وضاقت عليه الأرض بما رحبت، لأنه فقد الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله) ومصيبة النبي أعظم مصيبة على قلب كل أحد، ولم تنته الكارثة، فقد خيمت الأحزان على بيت علي، وانقلب البيت إلى مجلس عزاء وحزن وبكاء، فلقد كانت الصديقة الطاهرة لا تفارق البكاء على وفاة أبيها وعلى مصائبها ونوائبها التي استولت على قلبها المجروح، ولم تجد من الناس أي تعزية وتسلية.


ومما زاد في حزنها إخراج أراضيها (فدك) من يدها وهناك قضايا وقضايا ساعدت على انحراف صحة فاطمة، واشتداد علتها واستيلاء الهزال عليها، فكانت تبكي ليلها ونهارها، ومنعوها عن البكاء، فكانت تخرج إلى قبر حمزة سيد الشهداء أو إلى البقيع أو إلى بيت بناه لها أمير المؤمنين خارج المدينة وسماه (بيت الأحزان) وعاشت بعد أبيها مظلومة مهضومة باكية العين محترقة القلب منهدة الركن معصبة الرأس حليفة الفراش عليلة مريضة.


بعد الخطبة الفدكية التي ألقت فيها عليها السلام الحجة على من ظلموها عطفت فاطمة على قبر النبي صلى الله عليه وآله وقالت:



قَدْ كان بَعْدَكَ أَنْباءٌ وَ هَنْبَثَةٌ __ لَوْ كُنْتَ شاهِدَها لَمْ تَكْبُرِ الخَطْبُ


إِنّا فَقَدْناكَ فَقْدُ الأَرْضِ وابِلُها __ وَاخْتَلَّ قَوِمُكَ فَاشْهَدْهُمْ وَقَدْ نَكِبوا


وَكُلُّ أَهْلٍ لَهُ قُرْبى وَمَنْزِلَةٌ __ عِنْدَ الإِلهِ عَلَى الأَدْنَيْنِ مُقْتَرِبُ


أَبْدَتْ رِجالٌ لَنا نَجْوى صُدورِهِمِ __ لَمّا مَضَيْتَ وَحالَتْ دونَكَ التُّرَبُ


تَجَهَّمَتْنا رِجالٌ واسْتُخفَّ بِنا __ لَمّا فُقِدْتَ وَكُلُّ الأَرْضِ مُغْتَصَبُ


وَكُنْتَ بَدْراً وَنُوراً يُسْتَضاءُ بِهِ __ عَلَيْكَ تُنْزَلُ مِنْ ذي العِزَّةِ الكُتُبِ


وَكانَ جِبْريلُ بِالآياتِ يونِسُنا __ فَقَدْ فُقِدْتَ فَكُلُّ الخَيْرِ مُحْتَجِبٌ


فَلَيْتَ قَبْلَكَ كانَ المَوْتُ صادَفَنا __ لِما مَضَيْتَ وَحالَتْ دونَكَ الكُتُبُ


إِنّا رُزِئْنا بِما لَمْ يُرْزَ ذُو شَجَنٍ __ مِنَ البَرِيَّةِ لا عُجْمٌ وَلا عَرَبُ


 


ودخل عليها علي (عليه السلام) قبل وفاتها فوجدها تغسل ثياب أولادها وتغسل رؤوسهم فسألها عما دعاها إلى العمل المجهد؟ فقالت: يا ابن عم إنه قد نعيت إلى نفسي، وإنني لا أرى ما بي إلا أنني لاحقة بأبي، ساعة بعد ساعة، وأنا أوصيك بأشياء في قلبي.


 



 

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع