شارك هذا الموضوع

من أخبار الإمام العسكري عليه السلام ومناقبه وآياته ومعجزاته

 


نبدأ بنبذ مما شاهده ابو هاشم الجعفري ورواه الطبرسي من كتاب ابن عياش وغيره من غيره: فمن ذلك، ما روى انه قال ابو هاشم دخلت على ابي محمد (عليه السلام) وانا اريد أن اسأله ما اصوغ به خاتماً اتبرك به، فجلست ونسيت ما جئت له، فلما ودعته ونهضت رمى الي بخاتم، فقال: اردت فضة فاعطيناك خاتماً وربحت الفص والكرا، هنأك اللّه يا أبا هاشم، فتعجبت من ذلك فقلت يا سيدي إنك وليّ اللّه وامامي الذي ادين اللّه بفضله


 


وطاعته، فقال غفر اللّه لك يا ابا هاشم. وعنه ايضاً قال شكوت الى ابي محمد (عليه السلام) ضيق الحبس وثقل القيد فكتب اليَّ تصلي الظهر اليوم في منزلك، فاخرجت في وقت الظهر وصليت في منزلي كما قال (عليه السلام)، وقال: كنت مضيقاً فاردت ان اطلب منه دنانير في كتابي، فاستحييت فلما صرت الى منزلي وجه اليَّ مئة دينار وكتب الي اذا كانت لك حاجة فلا تستحيي ولا تحتشم(1) واطلبها فانك ترى ما تحب، قال: وكان ابو هاشم حبس مع ابي محمد (عليه السلام)، كان (المعتمد ظ) حبسهما مع عدة من الطالبيين في سنة ثمان وخمسين ومئتين، وروي عنه قال: كنت في الحبس مع جماعة فحبس ابو محمد (عليه السلام) واخوه جعفر، قال: وكان الحسن (عليه السلام) يصوم فاذا أفطر أكلنا معه من طعام كان يحمله غلامه اليه في جونة مختومة وكنت اصوم معه، فلما كان ذات يوم ضعفت فافطرت في بيت آخر على كعكة وما شعر بي واللّه احد، ثم جئت فجلست معه، فقال لغلامه اطعم ابا هاشم شيئاً فانه مفطر فتبسمت، فقال: ما يضحكك يا ابا هاشم؟ اذا اردت القوة فكل اللحم فان الكعك لا قوة فيه، فقلت صدق اللّه ورسوله وانتم عليكم السلام، فأكلت، فقال لي: افطر ثلاثاً فان المنة(2) لا ترجع لمن انهكه(3) الصوم في اقل من ثلاث. وعنه قال: سأل الفهفكي ابا محمد (عليه السلام) ما بال المرأة المسكينة تأخذ سهماً واحداً ويأخذ الرجل سهمين؟ فقال ان المرأة ليس عليها جهاد ولا نفقة ولا معقلة(4) انما ذلك على الرجال، قال ابو هاشم، فقلت في نفسي: قد كان قيل لي ان ابن ابي العوجاء سأل ابا عبد اللّه (عليه السلام) عن هذه المسألة فأجابه بمثل هذا الجواب، فأقبل ابو محمد (عليه السلام) فقال:


___________________


(1) الاحتشام: الانقباض والاستحياء.


(2) المنة بالضم: القوة (منه).


(3) أي أضناه واجهده.


(4) معقلة، بضم القاف: الدية (منه).


 


نعم هذه مسألة ابن ابي العوجاء والجواب منها واحد، اذا كان معنى المسألة واحداً جرى لآخرنا ما جرى لأولنا، وأولنا وآخرنا في العلم والامر سواء، ولرسول اللّه وامير المؤمنين (صلوات اللّه عليهما وآلهما) فضلهما.


وعنه (رضي اللّه عنه) قال: سمعت ابا محمد (عليه السلام) يقول: من الذنوب التي لا يغفر قول الرجل ليتني لا اؤاخذ الا بهذا، فقلت في نفسي ان هذا لهو الدقيق، وينبغي للرجل ان يتفقد من نفسه كل شيء. فأقبل عليّ ابو محمد (عليه السلام) فقال: صدقت يا ابا هاشم الزم ما حدثتك به نفسك، فان الاشراك في الناس اخفى من دبيب الذر(1) على الصفا(2) في الليلة الظلماء ومن دبيب الذر على المسح(3) الاسود.


اقول: يعبر عن هذا القسم من الذنوب بالمحقرات، قال ابو عبد اللّه (عليه السلام): ان رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم) نزل بارض قرعاء فقال لاصحابه ائتونا بحطب، فقالوا يا رسول اللّه نحن بأرض قرعاء ما بها من حطب، قال فليأت كل انسان بما قدر عليه، فجاءوا به حتى رموا بين يديه بعضه على بعض، قال رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم) هكذا تجتمع الذنوب، ثم قال إياكم والمحقرات من الذنوب، فان لكل شيء طالباً وان طالبها يكتب ما قدموا وآثارهم وكل شيء احصيناه في امام مبين.


وحكي عن توبة بن الصمة انه كان محاسباً لنفسه في اكثر اوقات ليله ونهاره، فحسب يوماً ما مضى من عمره فاذا هو ستون سنة فحسب ايامها فكانت احد وعشرين الف يوم وخمسمئة يوم، فقال يا ويلتي القى كذا ما لك باحد وعشرين الف ذنب، ثم صعق صعقة كانت فيها نفسه.


_______________


(1) الذر: صغار النمل.


(2) الصفا: الحجر الصلب الملس.


(3) أي اللباس او الكساء من شعر.


254


وعنه قال: سمعت ابا محمد (عليه السلام) يقول ان في الجنة لبابا يقال له المعروف لا يدخله الا اهل المعروف فحمدت اللّه في نفسي وفرحت مما اتكلفه من حوائج الناس فنظر الي ابو محمد (عليه السلام) وقال: نعم فدم على ما انت عليه، وان اهل المعروف في الدنيا هم اهل المعروف في الآخرة، جعلك اللّه منهم يا ابا هاشم ورحمك.


وعن ابي هاشم ايضاً انه راكب ابو محمد (عليه السلام) يوماً الى الصحراء فركبت معه فبينما يسير قدامي وانا خلفه اذ عرض لي فكر في دين كان عليَّ قد حان أجله، فجعلت افكر في أيّ وجه قضاؤه فالتفت الي وقال: اللّه يقضيه، ثم انحنى على قربوس سرجه فخط بسوطه خطة في الأرض فقال يا ابا هاشم انزل فخذ واكتم، فنزلت فاذا سبيكة(1) ذهب، قال: فوضعتها في خفي وسرنا، فعرض لي الفكر، فقلت: ان كان فيها تمام الدين والا فاني ارضي صاحبه بها ونحب ان ننظر في وجه نفقة الشتاء وما تحتاج اليه فيه من كسوة وغيرها، فالتفت الي ثم انحنى ثانية فخط بسوطه مثل الاولى، ثم قال: انزل وخذ واكتم، قال فنزلت بسبيكة فجعلتها في الخف الاخر وسرنا يسيراً ثم انصرف الى منزله وانصرفت الى منزلي فجلست وحسبت ذلك الدين وعرفت مبلغه، ثم وزنت سبيكة الذهب، فخرج بقسط ذلك الدين وعرفت مبلغه، ثم وزنت سبيكة الذهب، فخرج بقسط ذلك الدين ما زادت ولا نقصت، ثم نظرت ما نحتاج اليه لشتوتي من كل وجه فعرفت مبلغه الذي لم يكن بد منه، على الاقتصاد بلا تقتير(2) ولا اسراف ثم وزنت سبيكة الفضة، فخرجت على ما قدرته ما زادت ولا نقصت.


وعنه (رضي اللّه عنه) قال دخلت على ابي محمد (عليه السلام) وكان يكتب كتاباً فحان وقت الصلاة الأولى فوضع الكتاب من يده وقام الى الصلاة فرأيت القلم يمر على باقي القرطاس من الكتاب ويكتب حتى انتهى. إلى


_______________


(1) السبيكة: القطعة من الفضة او الذهب ذوبت وافرغت في قالب.


(2) التقتير: ضد الاسراف وهو المماكسة في المعيشة.


آخره، فخررت ساجداً، فلما انصرف من الصلاة اخذ القلم بيده واذن للناس.


اقول: هذا قليل من كثير ما شاهده ابو هاشم من آياته ودلائله فقد روى عنه، رحمه اللّه، قال: ما دخلت على ابي الحسن وابي محمد (عليهما السلام) قط الا رأيت منهما دلالة وبرهاناً.

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع