شارك هذا الموضوع

يوم القُدس العالمي بحناجر شوفينية

مأتم سياسي آخر لما يُسمّون بالإصلاحيين في إيران. نُخبُهم وقواعدهم أرادوا تثمير مناسبة يوم القدس العالمي لصالح شعاراتهم المُتيبّسة لكنهم وقعوا في أقلّ من (الإخفاق) الشخصي والسياسي فضلا عن التثمير المُرتجَى.


نأى الشيخ هاشمي رفسنجاني بنفسه عنهم وخرج في توقيت مغاير لتوقيت الثالوث المهزوم في الانتخابات خاتمي/ موسوي/ كرّوبي. ولم يتضامن معهم أقرب مريديهم كـ محمد رضا عارف وحجة الإسلام محمود دعائي. هم أشبه ما يكونون بغُربة سياسية.


في السابق كانوا يتكئون على جادة «شمال طهران» الثريّة في إبداء الاعتراض السياسي على نتائج الانتخابات، حتى أصبح ذلك (منهم) مزحة بلا رائحة. هي كخزّان مثقوب تتسرّب من قعره الصّدقيّة والمشروعية وما تبقّى من ذاكرة التاريخ الشخصي.


الخاسران في الانتخابات الإيرانية مير حسين موسوي ومهدي كرّوبي امتهنا إنزال ناسِهم إلى الشارع. وفي مراسم العزاء كانوا يُثَلِّثُون أحزان الموتى ويُسَبَّعُونها طمعاً في مكاسب سياسية، ثم يضربون الأرقام ببعضها لنيل سروج الأربعينيات لمواصلة التتفيه السياسي وليس العزاء.


وعندما لم تُجدِ تلك السلوكيات نفعاً، أرادوا مُزاحمة المناسبات الكبيرة والجماهيرية كيوم القدس العالمي لتعزيز حضورهم المُذاب وسط أندادهم. وكم كانت المأساة عندما هَتَفَ أنصارهم بشعارات شوفينية تُطابِق ميول قمّة الهرم بقاعه «لا غزّة ولا لبنان .. نحيا من أجل إيران».


كان ذلك الشعار بحقّ سقوط في براثن الشوفينية الفارسية القديمة التي رسّخها النظام الشاهنشاهي المقبور، والتي أهان فيها قضايا العرب والمسلمين، وقدّم النَّفَس القومي المتعصّب على أيّ اعتبار آخر.


اليوم جذور القضية وترابها ونَسَغِها لا تزيد على معادلة واضحة المعالم بات النظام في إيران معني بالالتفات لها جيداً ولا تحتاج منه إلى مواءمات داخلية أكثر مما فعل؛ لأن كلفتها بالنسبة له لا تستحق أن تُستَوفى إن جاء أجلها.


غاية الأمر ومنتهاه أن جزءاً من المسطرة السياسية الإيرانية قد تبرعمت ببثور الصّدأ، وحان له أن يسقط. هو الآن على أطراف الأطراف وداخل الأحزاب المُهمّشة والبائسة والقومية وليس في مناشط الدولة، لذا فإن اقتلاعه أسهل بكثير من كونه قريباً من النواة.


لقد بيّنت أحداث ما بعد الانتخابات في إيران حجم ذلك الصدأ وخطورته. هنا ما يفترضه المرء من النظام في إيران هو ما يقتضيه عادة منطق الأشياء. فالجبهة السياسية التي يريد أن يقيمها هذا الثالوث المُمتد إلى خارج الحدود يجب أن تُفَت ما أمكن وإلاّ أصبحت شيئاً بعد حين.


إذا أرادت النخبة الحاكمة في إيران أن تُبقِي على مُكوّنات هذا الإسفين فإنها قد تحصد ما حصدته موسكو من وَيْلِ بوريس يلتسن مذ كان رئيساً للجنة الحزبية الإقليمية للبناء في سفيردلوفسك داخل الحزب الشيوعي السوفيتي.


فهذه طبائع الخصوم في دواخل الأنظمة والدول. حصل ذلك في إيطاليا والولايات المتحدة في القرن التاسع عشر ودول أخرى أيضا ولكن بأوجه مختلفة لكنها مُتّحدة المركز، وبموضوع شبيه.


اليوم وحين يُصرّ الإيرانيون في السلطة على أن هؤلاء الأفراد المتمرّدين هم جزء من النظام والثورة فهم يدفعون لهم بذلك صكّ براءة من أيّة عقوبة أو محاسبة. بل ويدفعون بهم للارتباط بنظام المصالح القائم داخل أنسجة الدولة رغم أنهم أغيار عن النظام.


قوّة الدولة المادية والمعنوية لم تُجعَل إلاّ لحماية تلك القوة والمخزون الشرعي من أطراف تحاول الزحف نحو المركز. أمّا قبول التشكّل وفق ما يريده هؤلاء فهو إنتاج لمجموعة من نقائض الأشياء التي تُرهِق (على المستوى البعيد) كاهل النظام وخط الدولة.


كل من تلمّظ الحركة التي قادها مير حسين موسوي بعد هزيمته المُدوّية (ومعه بقيّة الثالوث) في الانتخابات العاشرة لن يجد فيها أكثر من صور بيتان الفرنسي، ويوشنكو الأوكراني. تناغم غير طبيعي بينه وبين الخارج وتخالف غير طبيعي أيضا بينه وبين تسويات الداخل!


عندما أمر المرشد الأعلى بإغلاق معتقل كهريزك جاء الردّ سريعاً من الثالوث عندما قال على لسان خاتمي «لا يكفي إغلاق مركز اعتقال والقول إنه لا يطابق المعايير. ماذا يعني لا يطابق المعايير؟ هل يعني ذلك أن نظام التهوية والمراحيض لا تعمل؟»


هذا الرد وردّ الرد لا يُفيد ولا يُؤكّد إلاّ ما ذكرته سلفاً. فالثالوث لا يُريد أقلّ مما يريده من هم وراء المحيطات والبحار. وإلاّ لقال ما يُساعد على التجاوب مع حديث المرشد وحلحلة أزمة هو (خاتمي) يراها كذلك، وقبل ذلك هو من أجّجها وأدارها وزاد من أوارها.


نسى هذا الثالوث أنّه صفّق لخطوة باراك أوباما في دعوته لإغلاق معتقل غوانتنامو رغم أن هذا المعتقل يعمل على إذلال وتعذيب أزيد من 600 سجين بتهمة الإرهاب دون أن يُقدّموا لمحاكمة.


لقد قالوا في تلك الخطوة (المأمولة) ما لم يقله مالكٌ في الخمر، لكنهم يستنكفون أن يقولوا مثل ذلك في شؤون الداخل الإيراني. والسبب هو أجندات خاصة تمنعهم من قول ما يجب قوله.


آن الأوان لأن يُقَرَّع هؤلاء كما قُرِّعَ في السابق نظرائهم في لبنان من منتسبي الرابع عشر من آذار خلال السابع من آيار. حينها سيفهم الجميع حجمه ومداه. وسيعلم الجميع أيضا ما هي السياسة وما هو حلالها وحرامها وما هي مُباحاتها. وللحديث صلة.

التعليقات (5)

  1. avatar
    محب للثورة الإسلامية

    أخي الكريم أبو عبدالله لقد أثلج صدري مقالك الذي أؤيد ماجاء فيه .. هؤلاء يستحقون من الآن فصاعدا عقابا يناسب حجمهم فقد بينوا أن المطلوب هو النجاح في الإنتخابات بالقوة وبينوا أن الدولة لاتعنيهم في شئ وإنما تعنيهم فقط أنفسهم الأمارة بالسوء ... وأنا أطالب الجمهوية الإسلامية وقضاتها بمحاكمة أي خارج على الدولة الإسلامية خصوصا وأنهم بدؤوا بالفعل ينخرون في جسد الدولة ويشوهون سمعتها كلما سنحت لهم الفرصة في ذلك .. فيوم القدس هو يوم لايختلف عليه اثنان ولكن هذه الشرذمة القليلون أرادوا تحويله إلى مساء عفن كما هو عفنهم المخبوء تحياتي لقلمك الصداح

  2. avatar
    سنابسي

    اللهم ادفع عن الجمهورية كل شر وبلاء ورد كيد من أراد النيل منها الى نحره ****روحي فداء القائد العظيم ابن الجواد **اللهم أقر به عيوننا

  3. avatar
    المعارض

    بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم و رحمة الله و بركاته الأستاذ الكاتب محمد عبدالله تحية طيبة و بعد ، أودّ أن أحصر أفكاري في نقاط لكي يسهل تناولها لحضرتكم و للأخوة و الأخوات القرآء : 1- المعالجة السياسية : بلاشك إن زعزعة الأمن الداخلي في الجمهورية الإسلامية في إيران سينعكس على كل المصالح الشيعية في المنطقة و خاصة المقاومات الإسلامية ، و لا يوجد مسلم غيور يقبل أن يعيش الشارع الإيراني في صراع دائم ما بين تيار إصلاحي و تيار محافض ، لا أريد أن أقول من أخطئ أو من بدأ و من تعنت و من و من .. لكني أريد أن أسلط الضوء على الجوانب الدبلماسية التي من شئنها أن تنزع فتيل الفتنة. لقد إتهمت المعارضة بعد فشلها في الإنتخابات أن الحكومة تلاعبت في صناديق الإقتراع مما أدى إلى فوز كفتها ، نقول بأن الحكومة كانت تستطيع أن تكلف لجنة تقصي الحقيقة مكونة من كلا الخصمين متفادين التصعيد الجماهيري ، و لو أن الحكومة من البداية رضت باللجان الدولية و لتكن لجان مكونة من دول صديقة و منظمات متفق عليها تستطيع أن تلعب دور المراقب الدولي إذا كان المراقب الدولي الذي تعينه الأمم المتحدة يشكل حساسية و نفور سياسي من قبل الحكومة. 2- اللجوء إلى السلطة الثالثة القضاء: إن القضاء يعتبر الركيزة التي يبنى عليه أي نظام دمقراطي فالحكم حكمه نافذ على كلا المختصمين ، من حقّ أي شخص أنّ يشكك و لكن ليأتي بالبينة ، و من حقّ أي شخص ا، يدافع و يرجع إلى القضاء ، الأمر المؤسف أن المختصمين لجؤ إلى القضاء ة لكن بعدما ضج الشارع بالشجارات و التصعيد من كلا الطرفين و أعيدها من كلا الطرفين ، سماحة المرشد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي الخامنئي لم يستطع أن يسكت حينما رأى ظحايا تقتل في الشارع و كلنا تتبعنا إنتقاداته التي وجهها في خطبته لصلاة الجمعة ينتقد الحكومة على التطاول على الشعب و تخريب ممتلكاته و لقد أعبني صراحة سماحته و شجاعته في الإنتقاد رغم موقفه قريب من الحكومة أكثر من منه من المعارضة و لكنه رفع الشكوى إلى المحكمة العليا للنظر في التجاوزات التي إرتكبتها الحوكمة في حق الشعب . 3- دور المرشد الإسلامي : يلعب دور المرشد الأعلى للثورة السلامية دوراً سياسياً أكبر من كونه مراقب و حتى أكبر من السلطة القضائية نفسها حسب الدستور للجمهورية الإسلامية و العرف السياسي أيضاً ، وهو الأب الواعض و الحنون تتسع عبئته إلى كل المختصمين، إنفتاح المرشد على المعارضة قد يقلل من الإحتقان السياسي الداخلي و بلاشك أن هنالك آليات عديدة من خلاخلها يتطيع الأطراف السياسية المتنازعة أن تتلاقى للتلاقح أفكارهم و تتوصل إلى موقف موحد يقي إيران حرباً أهلية سواء كانت برادة أم حقيقية. 4- السلطة الرابعة: يعتبر السياسيون أن الإعلام يلعب دور السلطة الرابعة بمحادات السلطات السياسية الثلاث التنفيذية و التشريعية و القضائية التي يعتمد عليها النظام الدمقراطي ، و بتطور التكنلوجيا أخذت وسائل الإعلام تتعدد و تكثر فاعليتها ، فلا يمكن أن تخبئ ما يجوب في شوارع إيران في الإشتباكات بين قوات مكافحة الشغب و المعارضين ّ ، قد تقول يا كاتبنا العزيز بأن المعارضين خطرين و شرسين و لذلك حملت الشرطة الإيرانية عليهم بعنف ، و قد تقول بأن بريطانية و أمريكا تدس في أوساطهم الخونة الذين يغذون الطلاب بأفكار تحرض على الحكومة و النظام الإسلامي ، و أنا إن لم أقبل بكل كلام لا يعتمد على بينة ، إذا المعالجة الإعلامية التي لجئت إليها الحكومة أنها إنهمت بريطانيا و الغرب بالمباشرة في تسيير المعارضة و نحن مازلنا ننتظر تقرير من المحكمة يقول لنا لمتتبعي للقضية الإيرانية و الشعب الإيراني كيف تم ذلك و من هم من حرضوا و كيف تمّ ذلك .... أسئلة كثيرة ماتزال الحكومة الإيرنية تطالب بالإجابة عليها . و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

  4. avatar
    محب للخامنئي

    بطاقة شكر ومحبه وتقدير للأستاذ محمد عبدالله البعض يتكلم عن معالجة سياسية وهل تركوا مجال للمعالجة السياسية ؟ نزول ما يسمى بالمعارضه بكل قوتها في الشارع مباشرة وباستمرار غريب كدنا أن نصدق بأن الجمهورية انتهت أو سقطت بحرب أهليه وسوف تدمر وقيله ثوره مخمليه ولعب الاعلام المعادي للجمهورية في تكبير الحدث ومع كل أسف تأتيك المعارضة الثلاثية وتصر على خراب البلد وبين لنا بأن هناك شئ غير طبيعي ولو أمكنهم تدمير الجمهورية لما ترددوا لحظه والدليل أما الكرسي أو لا تنازل.

  5. avatar
    فاضل عباس

    بسم الله الرحمن الرحيم لقد قرأت تعليقات القراء و أعجبني الإطروحات التي طرحها الأخ المعارض، وأرغب بأن أضيف على أن الحوزة العلمية بقيادة المرجعيات السياسية سواء في قم أم النجف عليها أن تتدخل لتلعب دوراً دلماسية من شئنه أن يقرب أوجه النظر و ينزع فتيل الفتنة. أتمنى أن ترجع الأمور إلى مجاريها و ترجع المحبة و الألفة بين قلوب الأفرقة في إيران ، فأمن إيران من أمننا . و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع