شارك هذا الموضوع

عاشوراء البحرين... إنعاش جماعي للذاكرة التاريخية

تشهد الكثير من مناطق البحرين استعداداتٍ واسعةً لإحياء موسم عاشوراء، ذكرى مقتل سبط الرسول (ص) الإمام الحسين (ع) في واقعة كربلاء على يد الجيش الأموي، قبل 1370 عاماً.


وتبدأ الاستعدادات في الأسبوع الأخير من شهر ذي الحجة من كل عام، إذ تجرى تهيئة المآتم والمساجد والحسينيات لاستقبال آلاف المعزين الذين سيظلون يواظبون على حضور المجالس الحسينية طوال عشرة أيام بلياليها، للاستماع إلى محاضرات دينية يتم التطرق فيها إلى مختلف المواضيع الفكرية والتاريخية والدينية والاجتماعية، في عملية إنعاشٍ للذاكرة الجمعية بأدقّ تفاصيل الحادثة التي تركت شرخاً عميقاً في الوجدان الإسلامي العام.


من الظواهر التي يشهدها زائر البحرين في هذه الفترة من كل عام، انتشار الملابس السوداء، التي تأتي مكملة للإطار العام الذي يصطبغ بالأسى والأحزان. وأكثر ما يكون ذلك عند الأطفال، الذين يصرون على اقتناء الملابس السوداء والشرائط الخضراء والسلاسل الصغيرة.


على مستوى المؤسسات الدينية، الرجالية والنسائية، بدأت المحاضرات من ليلة الحادي من المحرم، وتستمر حتى ليلة الثاني عشر، بينما بدأ الأطفال بالخروج في شوارع القرى في مواكب صغيرة، يقودها رواديد صغار أيضاً، أكثرهم يجد طريقه لقيادة موكب الكبار بعد سنوات، بعد أن تكتمل له أدوات الصنعة والأداء.


الشوارع الداخلية وعلى مداخل المناطق والقرى، ترتفع الرايات السوداء المعبرة عن الحزن، واللافتات التي تحمل آيات قرآنية وأحاديث نبوية، وكلمات أطلقتها شخصياتٌ شاركت أو حضرت في كربلاء، وغالباً ما تدور حول قيم الحق والتضحية والعدل والفداء والإباء. هذه اللافتات كانت في الماضي تتم على أيدي الخطاطين والفنانين الموهوبين، إلا أن أكثرها اليوم أصبحت تنتجها محلات الإعلانات التي تصمّم وتنفذ اللافتات حسب آخر الخطوط المبتكرة في الكومبيوتر.


في السنوات الأخيرة برزت ظاهرة إقامة الاستراحات أو نصب الخيام لتقديم المشروبات والمأكولات الخفيفة، بحيث لا تكاد تخلو منها قرية من القرى، فضلاً عما تحفل به أحياء قلب المنامة العاصمة. وإلى جانب الأطعمة الساخنة، تقدم العصائر والماء البارد، وفي هذا العام الذي يتوقع أن يشهد موجة من البرد، سيزيد تقديم الشاي بأنواعه. وغالباً ما تكون من تبرعاتٍ مادية أو عينية يقدمها محبّو الإحسان طمعاً في الأجر والثواب. والوجبات التي تقدّم للعشاء، وللغداء أحياناً، وكان يتم طهيها على أيدي النساء غالباً، وأحياناً بعض الرجال المهرة، أصبحت اليوم تقدّمها المطاعم المختصة حسب الطلب، فالمرأة أصبحت أكثر انشغالاً وأقل تفرّغاً للطبخ، بعد أن أصبحت تنوء تحت أعباء العمل والتزامات المنزل والأطفال.


ومع بداية موسم عاشوراء من كل عام، يعود سوق الكاسيت للازدهار من جديد، فهذا موسم رواج الإصدارات الجديدة التي يحرص الكثير من الشباب والشابات على اقتناء الجديد منها، فبعضهم يتوقف مؤقتاً عن سماع الأغاني، واستبدالها بأشرطة الرثاء.



أتى هذا المقال من صحيفة الوسط
www.alwasatnews.com
الملف الأصلي للصفحة

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع