شارك هذا الموضوع

ملا عيسى بن احمد بن حجي علي بن عبدالحي

نسبه :
هو الحاج ملا عيسى بن أحمد بن حجي علي بن عبدالحي بن محمد بن حجي مهدي بن حسن بن علي بن محمد ، والذي ينتهي نسبه الى ابراهيم بن مالك الاشتر النخعي اليمني .


والدته هي : الحاجة فاطمة بنت الحاج جاسم بن محمد ، وأمها هي خاتون بنت السيد جواد بن السيد حسين الكامل الجدحفصي ، ومنها يأتي الرباط الذي يربط عائلة الكامل بعائلة عبدالحي ، حفظ الله الباقين ورحم الله الماضين منهم .


وابنائه سته وهم : محمد علي ، وعبدالنبي ، وعباس ، وعبدالرضا ، وعبدالحسين ، وعبدالامير ، أما بناته فهم أربع : مريم ، وفاطمة ، وزينب ، وفتحية ، وكلهم قد تزوجوا في حياته ، وانجبوا ذرية صالحة ، وكلهم من يتوسم فيهم الخير وذلك ببركة حسن تربيته ولطف عنايته .


سيرته وحياته :
كانت ولادته رحمه الله في اليوم الثامن من شهر ربيع الاول من عام 1337 هجري ، الموافق العشرين من شهر يناير من عام 1919م .


نشاء وترعرع في كنف والديه يرعيانه ويعطفان عليه ويلقنانه حنانهما ، خاصة لانه الابن الاصغر بين اخوانه ، وقد عمل واجتهد والده في العناية به وتربيته التربية الحسنة ، فما أن بلغ من العمر السابعة حتى أرسله الى المؤدب الحاج ملا جاسم بن عبدالله بن ابراهيم ، والذي علاوة على قربه من منزل العائلة كان قد اكتسب شهرة وسمعة طيبة قي قدرته وكفاءته في اداء وظيفته لتعليم القرآن وتحفيظه ، اضافة الى بعض القيم والعادات الاجتماعية ، وكان ذلك في عام 1344 هجري ، الموافق 1926م ، وقد عمل على العناية والاهتمام به حيث أتم حفظ القرآن وهو بعد لم يتجاوز سن الحادية عشرة ، وكان ذلك في عام 1347هجري ، الموافق 1929م.


هذه المعلومات استقينها من ابن العمة الكبيرة المرحوم الحاج أحمد بن الحاج علي بن حسن ، المتوفي صباح يوم الجمعة 12 شعبان 1400هجري ، الموافق 25 يونيو 1980م عن عمر ناهز 95 سنة .


بعدها بدأ ينخرط في مهنة العائلة ، وهي (الزراعة) ، والتي كانت تشغل معظم أوقاته ، ومع ذلك فان الرغبة في العلم والاستزادة من مناهله كانت الامنية التي تراوده ، كما هو الحال مع معظم أقرانه في ذلك الوقت .


ولقد وجد بعض ضالته في تلك الدروس التي كان ينهل منها بعض الاحكام الشرعية والدينية ، علاوة على تعلم الكتابة والخط لدى الحاج ملا جاسم بن الشيخ ، حيث وجد منها معينا يسد بعض الرمق في المزيد من الاستزادة ، وقد صحبه لتلك الدروس أخويه الأكبرين منه عبدالله وحبيب ، اضافة الى بعض الاقارب كالحاج أحمد بن علي بن حسن ، والحاج حسن بن يوسف رحمهم الله جميعا .


الى هذا وذاك ، فقد بدأ واضحا شغفه بقراءة وحفظ الشعر خاصة المراثي الحسينية ، وقد كان ينتهز الفرصة المناسبة ليحفظ مرثية أو قصيدة ليقوم بجمع أقرانه ( ومنهم المرحوم السيد هاشم السيد عاشور والحاج جعفر بن فردان وغيرهم ) ، ممن كان في سني عمره ليقوم بتضمينها في المجلس الحسيني الذي يقوم بالقائه عليهم ، ولاشك أن تكرار ذلك جعل من مثل هذا الامر مما ينمو الى علم كبار ورجال أفراد العائلة ، والذين بدورهم لقي مثل هذا الفعل استحسانهم ومن ثم تشجيعهم له ليقوم بصقل هذه الموهبة والمهارة ، ومن هنا جاء التحاقه بالمرحوم الحاج ملا جعفر بن عبدعلي بن صادق علي ، والذي عرف عنه اهتمامه وتشجيعه ورعايته للمبتدئين الى جانب ما اكتسبه من شهرةوسمعة طيبة في مجال القراءة الحسينية .


بدأ المرحوم الحاج ملا جعفر بن عبدعلي بن صادق علي بالعناية به ، مركزا في بداية المشوار على أهمية حفظ وكتابة بعض القصائد الشعرية ، وتشيعه على المطالعة ، اضافة الى ارشاده وتعليمه بالاصول والمبادئ الاساسية والمتبعة من حيث تركيبة المجلس الحسيني (تقسيم المجلس وتوزيع أطواره) وما هي الا فترة بسيطة بقي خلالها ملازما للمرحوم الملا جعفر حتى بدأ ينفصل بالخطابة ، وذلك اعتبار من موسم عام 1367هجري ، اضافة الى ذلك فلقد استمر في مواصلة تحصيل العلوم الدينية عند سماحة العلامة المرحوم الشيخ عبدالحسن بن الحاج سلمان آل الطفل ، وذلك قبل افتتاح مدرسته الدينية حيث درس على يديه النحو العربي ((متن الاجرومية)) اضافة الى مقدمات في الفقه ، وممن درس معه رحمه الله في تلك الفترة سماحة الشيخ سليمان بن المرحوم الشيخ محمد علي المدني الذى كان يدرس مقدمات الفقه لدى سماحة المرحوم الشيخ عبدالحسن ، وذلك قبل توجهه الى الدراسة الحوزوية في مدينة النجف الاشرف .


استمر المرحوم في دراسته ، والتتلمذ على يد المرحوم الشيخ عبدالحسن ، وذلك حتى أنهى المستوى المقرر ، وذلك في العام 1370هجري ، الموافق 1951م.


وكما سبق فاعتبارا من موسم عام 1367هجري ، بدأ القراءة بمنطقة النويدرات لمدة موسمين ، وذلك بترتيب من المرحوم ملا حسن بن حجى منصور الديهي ، ثم أعقبتها ولمدة موسمين أيضا في سترة قرية مهزه لدى أبناء الحاج أحمد بن صالح ، ثم تواصل عطائه في هذا الجانب الى العديد من قرى البحرين ، ظل حتى اختار الله شقيقه عبدالله عندما تحمل المسئولية كاملة عن المأتم ، فظل يقرأ في المأتم ليلا وصباحا ، تفرغ للقراءة قي باقي المناطق عصرا ، وظل التزامه بالمنبر حتى عجزه رحمه الله في أواخر سني عمره ، فلقد استمر خادما للمنبر الحسيني حيث تميزت مجالسه بالصدق والتفاعل الوجداني والاخلاص لله سبحانه وتعالى ولمحمد صلى الله عليه واله وسلم ولعترته الطاهرة ، بعيدا عن كل بهرج وزخرف من زخارف هذه الدنيا ، فرحمه الله وجعل الله أوليائه وسادته خير شفعاء له في دار آخرته .


ولئن حفظ الله له القدر وتوفيق الله سبحانه وتعالى الاستمرار ومواصلة العمل في مهنة الخطابة حتى أعجزه المرض عنها ، فان القدر كان أسرع في تخليه وتنحيه عن مهنته الاولى ومهنة آبائه وأجداده (مهنة الفلاحة) ، فأعتبار من ديسمبر للعام 1966م ، الموافق شعبان لسنة 1386هجري كان اخر مطافه بها وذلك بعد أن قام المرحوم الحاج حسن محمود بشراء المزرعتين اللتان كان يقوم بالعمل بهما ، وهما ((محي الدين والماموية)) حيث كان يضمنهما بعقد من مالكهما ، وقد قام الاخير بشرائهما وتحويلهما الى مخطط سكني بعد أن قام بقطع النخيل وقسم الارض وباعها في شكل قسائم سكنية للمواطنين.


تحمل العديد من المهام والمسئوليات العائلية منذ صغره ، فقد شاءت ارادة الله أن يصاب والده في عينيه ويكف بصره ى، وقد بقي ملازما له يرعاه ويعتني به ويصحبه لقضاء فروضه في المسجد القريب من منزلهم ، حيث ظل وفيا له ورهن اشارته حتى وفاته رحمه الله .


تزوج في الليلة الثانية من شهر ربيع الثاني من عام 1364هجري ، الموافق 15 مارس 1945م ، وقد رزقه الله من الذرية الصالحة ممن حباهم الله بالهداية والرعاية.


كانت العائلة تحمله مسئولية الاهتمام والرعاية باحدى المزارع التى تستاجرها خارج المنطقة ، وقد كان يظعن بها خلال موسم الصيف ، حيث يقوم بالعناية بالنخيل وجني الرطب وتجفيف الفائض منه، ومن ثم تعبئته في أكياس ليتم بيعه واستهلاكه في ما يتبقى من العام ، وقد استمر في ذلك حتى صيف العام 1952م عند ما انتقل أخاه الاكبر عبدالله الى جوار ربه في صبيحة يوم الثلاثاء 14 ربيع الاول 1372هجري ، الموافق الاول من ديسمبر 1952م ، وذلك بشكل مفاجئ أثر نوبة قلبية ، وهو الذي كان يتحمل مسؤولية العائلة.


هنا بدأ التحول الأكبر في حياته عندما أنيطت به مسئولية ورعاية الاسرة ، وذلك بتزكية جميع الأهل والأقارب ، الامر الذي ألقى عليه حجما من المسئوليات أكبر من ذي قبل وظل ينؤ بهذا الثقل وحتى وفاته رحمه الله ، وقد ظل متمتعا بصحة جيدة مداوما على فعل الخيرات كما نذر نفسه ليكون خادما لأهالي المنطقة ، وخاصة تجهيز الموتى والصلاة عليهم ورعاية شئونهم ، ولقد ظلت تلك سجية وميزة امتازت بها منطقة السنابس على ما عداها من القرى المجاورة .


كما ظل مجلسه مفتوحا محافظا على طباع وعادات الأجيال السابقة، والتى كانت مجالسهم تفتح اعتبار من الفترة التى تلي صلاة الفجر وحتى انصراف الأهالي الى أداء أعمالهم مع مطلع يوم عمل جديد، كما ظل مشرفا على شئون المأتم والمسجد يتعهدها بالرعاية والاهتمام الى أن أختاره الله الى جواره صبيحة يوم الاثنين الثالث من شهر ذي القعدة الحرام لسنة 1418هجري ، الموافق الثاني من مارس 1998م ، بعد أن اقعده المرض خاصة في السنتين الاخيرتين من عمره.


وقد تم تشيعه ودفنه بعد ظهر ذلك اليوم وبحضور عدد كبير من رجالات الطائفة من علماء وخطباء وطلبة علم ، ناهيك عن جملة من أبناء المنطقة وشخصيات أخرى من داخل البحرين وخارجها ، فرحمه الله حين ولد وفي مماته ، وحين يبعثه الله مع من أحبهم وأخلص في ولائهم وجعلهم خير شفعاء له عند ربهم ، يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم .


صفاته:
امتاز المرحوم بالعديد من الصفات والسجايا ، والتى دلت على طيب ودماثة خلقه ، وبحيث أن الواحد منها مما يعجز القلم عن سطره والتعبير عنه في هذا الايجاز ، وللامانة و بلا ادنى مماطلة فانه يكفيك اللقاء به ولو بشكل عابر ، حتى تجد نفسك مشدودا اليه وبين أتون محموعة من الخصال والخلق الرفيع التى تجتذب اليها وتشعر نحوها بالامن والطمأنينة والحنان والعطف ، ولا يخال لك بان هذا الشخص الذى أمامك انما تلتقي به للمرة الاولى في حياتك ، بل وأنه لم يكد يمضى على معرفتك اياه سوى دقائق معدودات يكفيك مجرد التأمل في سمات وجهه، تتعمق في بساطته التى يضفي عليها هدوءه بعدا اضافيا ، تنتبه فجأة وسريعا لتجد نفسك أمام شخصية بسيطة جدا ، طبيعية بعيدة عن كل تزلف وتكلف ، ربما لا تزيد في الكثير من معطياتها عن العديد من الشخصيات التى تلاقيها في كل حين وبالعشرات بل وبالألاف ، سوى من ذلك الايمان الصادق والمخلص لله سبحانه وتعالى ولمحمد صلى الله عليه واله وسلم وعترته الطاهرة ، وأئمته السادة الاطهار عليهم السلام ، قولا وعملا ، لا أجد سرا لتفسير هذه الجاذبية وهذا السحر في شخصيته الكريمة سوى هذا التفسير ، ولا اجد جانب الصواب والحقيقة في ذلك ، فلا شك أنني عندما أجدني أمر بالعديد من خصاله لا أجد وصفا ينطبق عليها بأكثر مما لو كان تعميمها وتطبيقها وتفصيلها وفق مقاييس ما كان يعتقد ويؤمن به ويقوم بتنفيذه عمليا .


كان تقيا ورعا زاهدا متحرجا على دينه في المستحبات فضلا عنه في الواجبات ، كان مداوما على صلاة الليل منذ تكليفه ، كان كثير ما يحث أبناءه ومستمعي مجالسه على أهمية هذه الصلاة وهذا السلوك ، طوع نفسه منذ صباه على هذه العادة وهذا السلوك القويم ، حتى باتت جزء من سلوكه اليومي ، ولا شك أن الكثير من الجاذبية في شخصيته الكريمة كان مرده ومبعثه الى ذلك ، لما لهذا السلوك من انعكاس ايجابي على نفسية وشخصية المداوم عليها .


كان قد استلم رعاية والاهتمام بشئون مسجد السيد ابراهيم عن والده ، حيث ظلت مسئولية التناوب على خدمة المسجد ارثا في العائلة أبا عن جد ، حيث يتم فتح المسجد لمواقيت الصلاة الثلاثة ، ولا يمكن أن تنسى اضافة الى ذلك بأن هذا المسجد والى ما قبل العام 1983م ((عندما تم بناء مأتم آل عبدالحي)) ، المكان الذي تتم فيه القراءة لاحياء المياقيت المختلفة لعترة النبي الطاهرة ، وبالتالي فلقد لزمته مسئولية المأتم تباعا ، وقد التزم بهذه المسئولية للمأتم بعد تشييده في بناء منفصل ولزم المسئولية حتى وفاته .


من صفاته الايمانية أيضا أنه كان مداوما على استهلال أيامه بقراءة آي من القرآن الكريم ، وكذا دعاء الصباح ، فبمجرد الانتهاء من صلاة الصبح يجتمع في مجلسه والذي هو على بعد خطوات قريبة من المسجد  مع عدد من الاصدقاء والاقارب والذين تعودوا الاجتماع في المجلس يوميا ، ويستهل هذا الاجتماع ببعض من آيات القرآن الكريم يعقبها دعاء الصباح ، ويظل جمع الأحبة مستمرا بعد ذلك حتى يبدءوا في الانصراف مع مطلع ىالشمس ، أ, قبل ذلك بشكل تدريجي لقضاء وأداء أعمالهم ، ولقد ظلت واستمرت هذه العادة الطيبة الحسنة في منزله ، وهي مستمرة حتى يومنا الحاضر بعد أن كادت تنقرض من باقي البيوتات الأخرى بلأن هذا المجلس بالذات بقي يجمع الأحبة أيضا لما بعد فريضة الظهرين أيضا ، ونسأل الله الموفقية لأبنائه لأن يظل هذا المجلس عامرا بأحبائه ، فهي ميزة ويمة حسنة فيها من الثواب الأخروي والمنفعة الاتية لجمع المؤمنين الكثير.


عرف أيضا بالكرم ، وهي عادة لازمت شخصيته وبحيث أنه طبق شعار ما كان له فهو للجميع عمليا ، وأذاب صفة الأنا في الاطار الاجتماعي العام ، فلقد كان مجلسه مضيفا للجميع سواء من أهالي القرية أو المنطقة أو لضيوفه القادمين من دول الجوار .


كان مثالا يحتذى به في صلة الرحم وزيارة اقاربه وأهله والسؤال عنهم وعن أحوالهم ، ان الكثير من سلوكياته قد افتقدناها بعد وفاته وبحيث بات مناسبة المرور باحداها أو مصادفة موقف معين مناسبا أيضا للترحم على روحه ونفسه الشريفة .


كانت هذه الروح الايمانية تدفعه دائما وتعيشه في اطار الطاعة والالتزام التام بأدائه الواجبات الشرعية ، وبشكل يكاد يكون مثاليا ، بل ويكاد أن يكون التزامه وتمسكه بأداء المستحبات وتطويع نفسه لأدائها في نفس المستوى أدائه للواجبات .


توجه لأداء فريضة الحد لأول مرة موسم 1377هجري ، الموافق يوليو 1958م ، وقد صحبه في أداء فريضة الحج بعضا من أقاربه كالمرحومين الحاج احمد بن علي بن حسن ، والحاج جاسم بن أحمد بن ناصر ، والحاج حسن يوسف ، اضافة الى بعض الاصدقاء والجيران ، وكان ذلك بحملة المرحوم الحاج ابراهيم الصيرفي ، حيث كان يتولى عملية الارشاد الديني في الحملة سماحة العلامة الشيخ عبدالله بن الشيخ محمد صالح ، وقد حصل على ثقة سماحة الشيخ حيث أوكل اليه مهمة ارشاد وتوجيه ووعظ الحجاج ومساعدته في ذلك ، ولقد تعمقت هذه الثقة بحيث أن سماحة المرحوم العلامة الشيخ عبدالله قد طلب منه أن يكون مساعدا له لارشاد وتوجيه الحجاج في مناسكهم ، وهذا ما جعله مواصلا لحملات الحج اعتبارا من ذلك العام حيث استمر في أداء هذه الشعسيرة بشكل سنوي ملازما لسماحة الشيخ عبدالله حتى وفاته .


كما تكررت من المرحوم الصلة والمداومة على أداء هذه الفريضة ، كلما سمحت له ظروفه الى ذلك ، وقد كانت حجته فى العام 1411 هجري ، الموافق يوليو 1991م ، اخر المطاف له في ذلك ، كما تكررت منه أداء شعيرة العمرة كذلك .


  وأما فيما ستعلق بزيارة العتبات المقدسة ، والمراقد الشريفة للائمة الاطهار عليهم السلام ، فلقد كررها كذلك مرارا ، فلقد بدأها بزيارة الاربعين وذلك في الثاني من شهر صفر لعام 1382هجري ، والموافق الرابع من شهر يوليو 1962م ، كما وفق لزيارة الحسين عليه السلام أيضا وبقية المراقد الشريفة ضمن فضيلة شهري رجب وشعبان في العام 1395هجري ، الموافق للحادي من شهر أغسطس 1975م ، وقد صحبه في هذه الزيارة عددا من الاهل والاصدقاء ، منهم السيد محمد السيد حسين علوي ، والسيد علي السيد محمد الساري ، والعائلة وبعض الاقارب ، اضافة الى الحاج أحمد الحاج ابراهيم العسكري .


وقد وفق لزيارة عرفة أيضا سنة 1402هجري الموافق 20 سبتمبر 1982م، وقد صحبه في الزيارة السيد سلمان السيد حسين علوي .


وقد ختم سفره الى العراق في صيف عام 1989م بعد انتهاء شهر محرم الحرام من عام 1410هجري ، وكان بصحبته نجليه محمد علي وعبدالنبي ، اضافة الى السيد مصطفى السيد علوي الشرخات وعائلته ، والسيد نزار السيد سلمان السيد حسين ، والمرحوم فقيد الاسرة الشاب السيد فاضل السيد عبدالله السيد حسين .


كما وفق لزيارة الامام علي بن موسى الرضا عليه السلام ، واخته المعصومة عليها السلام ، وبقية المقامات الطاهرة لأحفاد الرسول (ص) الموجودة في جمهورية ايران الاسلامية ، وذلك في أوائل ربيع الثاني من عام 1388 هجري ، الموافق الاول من يوليو 1968م مع جملة الاهل والاصدقاء ، وقد اختتم هذه الزيارات الى الجمهورية الاسلامية في أوائل من شهر صفر من عام 1415هجري ، الموافق العاشر من شهر يوليو 1994م بصحبة ابنه الحاج عبدالنبي ، وهو قائد الحملة بالاضافة الى مجموعة من الاصدقاء ، منهم على سبيل الذكر لا الحصر : المرحوم علي احمد حسن كريم ، والحاج رضي بن سالم الحلواجي ، فلقد كان رحمه الله حسن المعشر في السفر والحضر ، وكان صديقا ورفيقا ماجدا مشار اليه في الحث على السفر.


أدواره :
لاشك أن الدور الذي يقوم به أي انسان يعبر عن كنه وهوية هذا الشخص ، ولا يلزم في ذلك أن يرتبط هذا الدور والجهد بسقف واطار معين ، ولا بمستوى فكري أو اجتماعي أو اقتصادي للشخص ، صحيح أن ذلك مما يستحب مداره في هذا المجال ، ولكن يبقى المدار الاهم في ذلك أن يظل الساعي الى تحقيق الهدف مؤمنا وصادقا وملتزما بقول وصدق فعلي لما يطرحه .


لعب أدوارا جليلة للمنطقة حسب امكانياته ، ومنها التالي :


لقد افتقدت القرية طويلا لصلاة الجماعة ، وللنتائج الايجابية التى تنجم عن المداومة على اقامة هذه الشعيرة ، فلقد ظلت القرية تنوه وترزح تحت طائلة العزوف ان جاز لنا تعبيرا عن أداءها ، ولقد تنبه رحمه الله مع جملة من أهله وأقاربه الى أهمية هذه الصلاة وفضلها ، والذي أسهمت كتب علمائنا الاجلاء في بيان فضلها وفضيلتها الاجلة والعاجلة ، ولذا جاء التنسيق فيما بينهم للطلب من سماحة العلامة السيد جواد الوداعي أدام الله ظله بتفريغ نجله سماحة السيد سعيد لاقامة الصلاة في مسجد السيد ابراهيم ، وذلك في العاشر من سبتمبر من عام 1980م ، الموافق أول ذي القعدة الحرام من عام 1400هجري حيث تنسب اليه الريادية في اقامة هذه الصلاة ، ولقد قام سماحة السيد سعيد بدور وجهد مشكورين في هذا المجال ، أظننا نقطف الكثير من ثمرات هذا الجهد حاليا ، فلقد أتبع هذه الصلاة والتى تقام مساء فقط ((صلاة العشائين)) بدروس شملت العديد من المفاهيم الاسلامية الواجبة في مجال العبادات والمعاملات وغيرها ، كما شملت للعديد من السلوكيات ، كما ركز سماحة السيد سعيد في بدايته على خلق منطقة متميزة تكون بصمات السلوك الاسلامي واضحة عليها ، موجاء ذلك من خلال حثه وتركيزه على موضوع أهمية ((الاستهلال)) متابعة الهلال في بداية الشهر حيث كان دائم التكرار على أننى أريد أن تكون رؤية الهلال وتثبته من منطقة ((السنابس)) ، اضافة الى تهيئة وتدريب وتعليم عدد من الشابات على كيفية تغسيل المتى ، ليقمن بدورهن في تجهيز الموتى من الاناث ، وذلك بعد أن لوحظ عزوفا من الشابات في تلك الفترة عن أداء هذه المهمة.


والحمد لله فان أهداف السيد الجليل أطال الله في عمره قد تحققت وفي زمن قياسي ، وبفضل تعاون الاهالي مع نداءاته.


لاشك أن هذه النجاحات شجعت الطرفين للمزيد من العطاء ، ولقد قام السيد الجليل وخلال فترات الاجازات باضافة فريضة الظهرين ومن ثم الصبح لاحقا وخاصة في الشهر الفضيل (شهر رمضان).


كما خصص ظهر يوم الجمعة ليقوم بالصلاة جماعة بالنساء وذلك في مأتم النساء الكبير (الوسطي) ، ولاشك أن ذلك كان دافعا للتحسس لأهمية النظر والتفكير بعيدا لتوسعة المسجد بعد أن بدأ يضيق بالمصلين ، ومن هنا جاء التفكير بالعمل باتجاهين ، الاول : هو توسعة المسجد بشكل أفقي ، ومن خلال اضافة المساحة المتبقية بعد انجاز بناء ماتم آل عبدالحي ، والثاني : عمودي ، من خلال اضافة طابق آخر يخصص للنساء ، ولاشك أن مثل ذلك المقترح الذي كان متقدما على ظروف الزمان آنذاك اضافة الى غرابته ، حيث أن المنطقة لم تألفه بحاجة الى قوة دفع شرعية الامر الذي تطلب معه استجلاء بعضا من الغموض حوله ، وذلك من خلال الشارع المقدس ، فلقد قام رحمه الله باعداد خطاب بعثه الى سماحة اية الله العظمى الشيخ محمد أمين زين الدين رحمه الله يستفتيه فيما يجب فعله ، وقد أثمر ذلك عن حصوله على الفتوى بالايجاب (اضافة الطابق العلوي) ، والتى جاءت متضمنة ضرورة ترك فراغ مما يلي الجهة التي يكون فيها مصلى الامام ، وذلك على النحو الذى يوجد عليه مبنى المسجد حاليا ، اضافة الى الموافقة على استئجار الارض الفارغة والموجودة بين الماتم والمسجد على أن يذهب ريع الايجار لتعميير شئون المسجد .


وفي المقابل كان فريق العمل الذي شكل بغرض بحث أوجه تحويل مشروع البناء ومتابعته يأتي على رأسه المرحوم السيد علوي السيد مكي الشرخات ، والذي لعب دورا فاعلا وكبير في مشروع اعادة البناء الذي بدأ فيه اعتبار من السابع عشر من شهر جمادى الاولي من عام 1408 هجري ، الموافق السادس من شهر يناير من عام 1988م ، ولقد أضحى هذا المسجد بعد امامه نموذجا احتدى على بناءه العديد من المساجد التي تم بناءها لاحقا.


وينبغي التنويه هنا الى أن هذا المسجد (مسجد السيد ابراهيم) ، قد شهد وعلى مدى عمر المرحوم الحاج ملا عيسى ، اعادة البناء ثلاث مرات ، حيث كانت الاولى في السابع من شهر شوال من عام 1378 هجري ، الموافق العاشر من ابرايل 1959م ، والثانية كانت في التاسع من شهر ربيع الاول 1394 هجري ، الموافق أول ابرايل 1974م حيث كانت مساهمة ملحوظة في بناءه من الوجيه السيد عبدالله السيد كاظم الشرخات المعروف (بالفلة) ، اضافة الى أفراد القرية ، اضافة الى الاخيرة والتى تمت في العام 1988م.


دوره في بناء مأتم آل عبدالحي :
كما سبق الاشارة فان التعزية التى كانت العائلة قد اعتادت على اقامتها سنويا ، كان يتم احياؤها في مسجد السيد ابراهيم ، والذي يقع في الجهة المقابلة لمنزل العائلة .


لعل مما ينبغي الاشارة اليه هنا ، هو الدور الهام والانتباه المبكر الذي أولاه رحمه الله الى أهمية احياء مياقيت أهل البيت والائمة الاطهالر عليهم السلام ممن تتصادف مناسباتهم خارج اطار شهري محرم وصفر الحرام .


دوره في احياء مياقيت الائمة الاطهارعليهم السلام :


أسسه الجد الاكبر للعائلة ، وهو عبدالحي بن محمد بن حجي مهدي ، وذلك في عام 1170 هجري ، الموافق 1715م ، ويعد هذا الماتم من أقدم المآتم في السنابس في القرن الثامن عشر ميلادي .


بدأت القراءة في احدى مجالس العائلة السابقة والمبنية بسعف النخيل آنذاك ، ثم حولت القراءة الى مسجد السيد ابراهيم القريب من منزل العائلة ، واستمر على هذا الحال يتوارثون خدمة المأتم والمسجد أبا عن جد ، فمن بعد عبدالحي  قام بالخدمة حجي علي ، ثم خلفه ابنه أحمد بن حجي على الذي هو حفيد عبدالحي ، بعد أحمد بن حجي علي خلفه ابنه عبدالله حتى عام 1472 هجري 14 ربيع الاول ، الموافق أول ديسمبر 1952م ، قام بالحمل الثقيل شقيه ملا عيسى بن أحمد بن حجى علي ، فكان قيامه على هذه الخدمة خير قيام حيث طور الماتم ، وأوجد له أوقاف تبرع بوقفيتها بعض المحسنين من المؤمنين من أهل القرية ، فلما اشتد عضد المأتم وذلك بحسن تدبر القائم عليه ، حوله ملا عيسى من اسم الى جسم ، حيث فام باستئجار الارض الموقوفة على مسجد السيد ابراهيم القريب من المنزل ، حيث وجدها اقرب مكان مناسب لاقامة المأتم عليها ، فبعد أخذ الرخصة الشرعية بني الماتم في 2 رجب 1403 هجري ، الموافق الرابع عشر من شهر مارس 1983م ، ومازال قائم عليه في تطور مستمر الى أن اختاره الله في يوم الاثنين الثالث من شهر ذي القعدة الحرام من عام 1418 هجري ، الموافق الثاني من شهر مارس 1998م ، ومازال المأتم قائم في تطور على يد أبناءه البررة محمد علي واخوانه .


وقد تفضل الخطيب الكبير المرحوم الشيخ جمعة ، نجل المقدس الحاج سلمان الحساوي الستري ينظم قصيدة بالمناسبة وهي كالتالي :


سنابسنا فيها الى مهجة الزهراء


سنابسنا فيها الى مهجة الزهرا       بماتم عبدالحي ثورته الكبرى


لنصرة قانون السماء مثبتا      فنصرته أجدى الى الناس بل أحرى


به قام أحرار لنصر امامهم       حسين الاباء والكل أدى له امرا


لقد بذلوا الموال من أجل مأتم      به لبني المختار قد حققوا النصرا


عقيدتهم في آل طه عزيزة               تضي بنور الثائرين لنا جهرا


سيبقى طوال الدهر للسبط مأتم        يردد فيه الفضل جهرا كذا سرا


فلهفي له في الطف مات على ظما      وظل خضيبا بالدماء على الغبرا


ومن حوله الانصار صرعى جسومهم       فانهم بهم باعوا لدينهم العمرا


فقد واجهوا جند الضلال بكربلاء              وهم قلة لكن تحملوا الصبرا


فكل تهاوى في التراب وجسمه          خضيب ومنه القوم قد قطعوا النحرا


المقطع الثاني


 سنابس جود بالعزيمة شيدت            لهم مأتما والله أعطاهم الاجر


وصية طه سجلت بقلوبهم           ومن شدة الاحزان قد أصبحت جمرا


ينوحون مما قد أصيب بنو الهدى           حسين وأنصار فقد حاربوا الكفرا


أبوا أن يعيشوا الذل من بين زمرة        بساحتها للخير لم تجدن شبرا


يريدون منهم أن يذلوا لامرهم        وحاشاهم أن يسمعوا للعدى أمرا


أرادوا حياة الثائرين لربهم               وكل أحب الموت في دينه حرا


وصاحوا مع الاعداء صيحة باسل         يرن صداها تبعث الشر والضرا


لقد كان كأس الموت عذبا لديهم           وان كان مكروها الى المرء بل مرا


قضوا في عراص الطف لهفي عليهم         ولم يحفروا الاعداء الى دفنهم قبرا


لقد علموا الاحرار شرقا ومغربا               يعيشون لاجيال في نعمة كبرى


المقطع الثالث
 فيا زايرا أرض السنابس طف على         عشيرة عبدالحى سوف تجد فخرا


لهم قبة بالنور تسطع والتقى                  بمأتمهم قد سجل العز والنصرا


عشيرة عبدالحي أكرم بفعلها                ففي خدمة الاطهار قد قدموا البرا


تساموا الى العليا في كل مفخر            بخدمة أهل البيت أعلوا لهم قدرا


رأوا أن فعل الخير في أل أحمد            سعادتهم بل تبعد الخوف والذعرا


وخدمتهم للحق والشرع والتقى          تكون لهم عن حر نار الشقا سترا


نفوسهم فعلا تربت على الهدى        فان لهم في عترة المصطفى خبرا


فيا ربي وفق للسعادة والعلا             عشيرة عبدالحي واسعد لهم ذكرا


وبارك لهم في سعيهم كل لحظة         وصف لهم في كل سعيهم فكرا


وصل على المبعوث طه واله        ووفق لي كي فيهم أنظم لي الشعرا


لقد تمت القصيدة بعون الله تعالى عام 1414هجري ، وبيضت بتصليحها يوم الاثنين عصرا 1995/4/3 ، الموافق 3 ذي القعدة عام 1415هجري .

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع