شارك هذا الموضوع

الحسين (ع) يعلم الناس الصلاة في أحرج ساعة

يقول الله تبارك وتعالى : (( حافظوا على الصلوات والصلواة الوسطى وقوموا لله قانتين )) وفي موضوع آخر : (( ماسلككم في سقر، قالوا لم نك من المصلين )). وفي مكان آخر : (( ويل للمصلين الذين هم في صلاتهم ساهون )). فلم يهتم الدين الاسلامي بشيىء اهتمامه بالصلوة وقد جعلها أساسا لقبول بقية الاعمال بقوله : ((الصلوة قربان كل تقي.  اول ما يحاسب عليه الصلوة.  وان اول ما فرض الله تعالى الصلواة وآخر مايبقى عند الموت الصلوة.  وآخر مايحاسب به يوم القيامة الصلوة.  فمن اجاب فقد سهل عليه مابعده، ومن ام يجب فقد اشتد عليه مابعده.  وقال : (( بين العبد وبين الكفر ترك الصلاوة)).


ان النبي (صلى الله عليه واله وسلم ) كان كثير الصلوة حتى تورمت قدماه واما علي عليه السلام فكان يصلي كل يوم وليلة ألف ركعة وقد قال فيه ابن ابي الحديد : كان علي اعبد الناس صلوة الليل وملازمة الاوراد وقيام النافلة وما ظنك برجل يبلغ من محافظته على ورده ان يبسط له نطع بين الصفين ليلة الهرير فيصلي عليه والسهام تقع بين يديه وتمر على صماخيه يمينا وشمالا فلا يرتاع لذلك ولا يقوم حتى يفرغ من وظيفته، واما الحسين ( ع ) فكما روى ابن البر في ( الاستيعاب ) حج خمسا وعشرين حجة ماشيا ونجائبه تقاد معه وكان يصلي في اليوم والليلة الف ركعه.


وقد صلى الحسين ( ع ) صلوات عدة مشهورات منذ خروجه من مكة فارا بغية الاستشهاد في موضوع آخر صيانة لحرمة بيت الله الحرام.


الأولى : انه عليه السلام بعد ان سار من بطن العقبة حتى نزل شراف امر عند السحر فتيانه فأسقوا الماء واكثروا ثم سار منها حتى انتصف النهار فلاقاهم ( الحر ) ومعه الف فارس وكان قد أثر فيهم العطش فأمر الحسين [ع] فتيانه ان إسقوا القوم وأروهم من الماء ورشفوا الخيل ترشيفاً، ففعلوا وقد حضر وقت صلوة الظهر فأمر الحسين [ع] الحجاج بن مسروق ان يؤذن فلما حضرت الاقامة قال للمؤذن. اقم الصلوة فأقامه. فقال للحر: أتريد ان تصلي باصحابك؟ فقال لا. بل تصلي أنت، ونصلي بصلاتك فصلى الحسين علية السلام بهم، وكل دخل خيمته فلما كان وقت العصر أمر الحسين [ع] ان يتهيؤا للرحيل، ثم أمر مناديه فنادى بالعصر وأقام. واستقدم الحسين [ع] فصلى بالقوم ثم سلم وانصرف اليهم بوجهه. فحمد الله واثنى عليه وقال: أما بعد، ايها الناس إن تتقوا الله الحق لأهله يكن ارضى لله عنكم ونحن أهل البيت محمد اولى بولاية هذا الأمر عليكم من هؤلاء المدعين ما ليس لهم والسائرين فيكم بالجور والعدوان فان ابيتم الا الكراهة لنا والجهل بحقنا وكان رأيكم الآن غير ما اتتني به كتبكم وقدمت علي به رسلكم وقدمت  علي به رسلكم إنصرفت عنكم . فامتنع الحر وأصحابه وجعجعوا به حتى أورده كربلاء وإن ائتمام الحر بأبي عبدالله الحسين [ع] في صلاته يعرفنا قبلاً أن نفسه كانت لائقة لقبول الحق والفوز بالشهادة وحسن السمعة لذلك يأتي حسيناً يوم العاشر نادما تائباً فارّاً من إبن سعد وأصحابه قائلاً : هل لي من توبة . فيتوب على يد اللإمام [ع] ويستشهد بين يديه . ويفوز بالخلود الأبدي في نعيم أبدي , وقد أتمّ الحر بهذا الرشاد الحجة على إبن سعد ومن والاه . ونادى عمربن سعد عشيّة يوم الخميس لتسع مضين من المحرم قائلاً : يا خيل الله إركبي وبالجنة ابشري فركب الناس وزحفوا بعد العصر والحسين[ع] جالس أمام بيته محتب بسيفه فجائه العباس[ع] قائلاً : يا أخي أتاك القوم فقال يا عباس إركب بنفسك أنت حتى تلقاهم وتقول لهم ما بالكم وما بدا لكم وتسئلهم عما جاء بهم .


فأتاهم العباس[ع] في نحو عشرين فارساً فسألهم فقالو : قد جاء أمر الأمير أن نعرض عليكم أن تنزلو على حكمه أو نناجزكم قال : لا تعجلوا حتى أرجع الى أبي عبدالله فأعرض عليه  فلما أخبره العباس بولهم قال له : إرجع اليهم فإن إستطعت أن تأخّرهم الى غدوة وتدفعهم عنا العشية لعلنا نصلي لربنا الليله وندعوه ونستغفره فهو يعلم إني كنت أحب الصلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدعاء والإستغفار فرجع العباس[ع] وسألهم ذلك فتوقف إبن سعد فقال له عمر بن الحجاج الزبيدي سبحان الله , والله لو إنهم من الترك أو الديلم وسئلونا مثل ذلك لأجبناهم فكيف وهم آل محمد فجمع الحسين[ع] أصحابه قرب الماء فقال : أثنى على الله أحسن الثناء وأحمده على السرّاء والضرّاء , اللهم إني أحمدك على أن أكرمتنا بالنبوّة وعلمتنا القرآن وفقّهتنا في الدين وجعلت لنا أسماعاً وأبصاراً وأفئده فاجعلنا لك من الشاكرين ثم طلب الى أصحابه أن يتفرقوا عنه جوف الليل وقال لهم أنتم في حل مني , فلم يقبلوا , وقاتله بكلمات تدل على عظمة الإيمان فيهم , فقام الحسين[ع] وأصحابه الليل كله يصلون ويستغفرون ويدعون ويتضرعون , باتو ولهم دوي كدوي النحل مابين قائم وقاعد , وراكع وساجد :


سمة العبيد من الخشوع عليهم     لله أن ضمتهم الأسحار


فإذا ترجلة الضحى شهدت لهـــم     بيض القوابض أنهم أحرار


  ولم يشغلهم ما هم فيه من الشدائد وانتظار القتل عن ذكر ربهم , فعبر اليهم في تلك الليله من عسكر إبن سعد إثنان وثلاثون رجلاً , ولا أعلم كيف أصف هذا التهجد . فإنهم كانوا يرون الحق علانية وقد رفعت عنهم الحواجب وكشف لهم الغطاء . لذلك تراهم مأنوسين فرحين ومستبشرين فهذا برير يداعب عبدالرحمان الأنصاري ويضاحكه ويقول له عبدالرحمن يا برير ما هذه ساعة باطل فقال برير : لقد علم قومي إني ما أحببت الباطل كهلاً ولا شاباً وإنما أفعل ذلك إستبشاراً بما نصير اليه . فوالله ما هو إلا أن نلقى هؤلاء القوم بأسيافنا ونعالجهم بها ساعة ونعانق الحور العين .


وأعظم صلوة يصليها الحسين[ع] هي صلوة ضهر العاشوراء ففي بحبوحة الوغى يأتي أبي ثمامة الصيداوي حسيناً قائلاً : يا أبا عبدالله لاتقتل حتى أقتل دونك . واحسب أن ألقى الله ربي وقد صليت هذه الصلاة فرفع الحسين[ع] رأسه الى السماء وقال : ذكرت الصلاة جعلك الله من المصلين الذاكرين نعم هذا أول وقتها . فالحسين[ع] يدعو بأبي ثمامة أن يجعله الله من المصلين . كل ذلك لأن لا فضيلة ولا مقام أعلى من أن يعدّ الأنسان من المصلين . وهذا تفسير قوله تعالى : (( إن الإنسان خلق هلوعاً , إذامسّه الشر جزوعاً , وإذا مسّه الخير منوعاً إلا المصلين )) . فاستثنى الله تعالى المصلين الذاكرين لله . فهؤلاء بصلواتهم المقبولات تطهّر نفوسهم فتأخذ بالكمال ويكونون إذاك فوق البشر العادي فلا يجزعون عند الشر ولا يمتنعون إذا مسّهم الخير . ثم قال الحسين[ع] سلوهم أن يكفوا عنا , ففعلو فقال لهم الحصين بن تميم إنها لا تقبل . فقال له حبيب بن مظاهر زعمت لا تقبل ااصلوة مت آل رسول الله [ص] وتقبل منكم يا خمار. فحمل عليه حبيب رضوان الله عليه فقتل بديل إبن صريم ثم قتل فقال الحسين[ع] عند الله احتسب نفسي وحماة أصحابي لله درك ياحبيب , لقد كنت فاضلاً , تختم القرآن في ليلة واحدة فقال الحسين[ع] لزهير بن القين وسعيد بن عبدالله تقدما أماي حتى أصلي الظهر فتقدما أمامه في نحو من نصف أصحابه حتى صلى بهم صلوة الخوف فوصل الى الحسين سهم فتقدم سعيد بن عبدالله ووقف يقيه النبال بنفسه ومازال ولا تخطى فمازال يرمي بالنبل حتى سقط الى الأرض .


هذه صلوة يصليها الحسين[ع] في أحرج ساعة بين السيوف والرماح , ويعلّم الناس عظمة الواجب وإنه يترك بحال وإن أمر الله فوق جميع الإعتبارات . وإن الحرب والنضال إنما هو لتقويم دين الله  وإحياء شعائر الله . يعلّم الناس أن مبدأ الفضائل إنما هو صلوة يأديها الإنسان شكراً لخالقه وإن لافضيلة دون صلوة وخشوع لله تبارك وتعالى . يقدم درساً عملياً : أن الشواغل الدنوية من تجارة ومرض ولعب وسباق وجهاد , وغيرها محكومة تجاه عظمة الصلاة ولا عمل لمن لا صلاة له .       


 هذه صلوة يصليها الحسين[ع] في أحرج ساعة بين السيوف والرماح , ويعلّم الناس عظمة الواجب وإنه يترك بحال وإن أمر الله فوق جميع الإعتبارات . وإن الحرب والنضال إنما هو لتقويم دين الله  وإحياء شعائر الله . يعلّم الناس أن مبدأ الفضائل إنما هو صلوة يأديها الإنسان شكراً لخالقه وإن لافضيلة دون صلوة وخشوع لله تبارك وتعالى . يقدم درساً عملياً : أن الشواغل الدنوية من تجارة ومرض ولعب وسباق وجهاد , وغيرها محكومة تجاه عظمة الصلاة ولا عمل لمن لا صلاة له .       

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع