شارك هذا الموضوع

التقية عند الشيعة الأمامية

تميّزت الشيعة الإمامية بالتأكيد على مسألة التقية وممارستها في الحياة السياسية والعامّة، فمن الضروري بحث هذه المسألة وإظهار حقيقتها بوصفها تشريعاً إلهيّاً ورد في لسان الآيات القرآنية، ولسان النبي (صلى الله عليه وآله) قبل وروده في روايات أئمة أهل البيت (عليهم السلام) وبيان بعض أحكامها وذلك للرد على شبهات يثيرها البعض من الذين لم يستوعبوا حكمة تشريع التقية.


فلابد من إلقاء الضوء على حقيقة التقية في القرآن والحديث وبيان صلتها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حيث ينكشف أن التقية ليست باباً للفرار من وظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل هي طريقة إسلامية فَذَّةٌ نجدُ جذورها في القرآن الكريم للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وابرز شاهد لذلك (مؤمن آل فرعون) الذي كان يكتم إيمانه تقية من فرعون وأسلوباً للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.


وفي الواقع إن: (كل إنسان إذا أحسَّ بالخطر على نفسه أو ماله بسبب نشر معتقده أو التظاهر به لابد أن يتكتم ويتقي في مواضع الخطر. وهذا أمر تقتضيه فطرة العقول، ومن المعلوم أن الإمامية وأئمتهم لاقوا من ضروب المحن وصنوف الضيق على حرياتهم في جميع العهود ما لم تلاقه أية طائفة أو أمّة أخرى، فاضطروا في أكثر عهودهم إلى استعمال التقية بمكاتمة المخالفين لهم وترك مظاهرتهم وستر اعتقاداتهم وأعمالهم المختصة بهم عنهم، لما كان يعقب ذلك من الضرر في الدين والدنيا. ولهذا السبب امتازوا(بالتقية) وعرفوا بها دون سواهم)(1).


التقية في ضوء القرآن الكريم:
وردت عدة نصوص قرآنية في مقام تشريع التقية نوردها فيما يلي ونلاحظ دلالتها على التقية:


الآية الأولى: قال الله تعالى:
(من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من اُكِره وقلبه مطمئن بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم)(2).


قال المفسرون من السنة والشيعة (إن المشركين عذبوا عمار بن ياسر حتى يعطيهم من لسانه كلمة كافرة فتفوه بها مكرها فقال بعضهم: يا رسول الله إنَّ عماراً كفر فقال الرسول (صلى الله عليه وآله): كلا إن عماراً ملئ إيماناً من قَرنه إلى قدمه واختلط الإيمانُ بلحمه ودمه وجاء عمار إلى النبي (صلى الله عليه وآله) باكياً فمسح عينيه وقال: ما لك؟ إن عادوا فَعُد فنزلت: إلا من اكره). وقال ابن كثير الشافعي الدمشقي في تفسير هذه الآية: اتفق العلماء على أن المكره يسوغ له النطق بكلمة الكفر إبقاءً على مهجته)(3).


جاء في تفسير الجلالين: (إلا من اكره) أخرج ابن إبي حاتم عن ابن عباس قال: لما أراد النبي (صلى الله عليه وآله) أن يهاجر إلى المدينة اخذ المشركون بلالاً وخباباً وعمار بن ياسر، فأما عمار فقال لهم كلمةً أعجبتهم تقيةً، فلما رجع إلى رسول الله (صلى الله عليه [وآله] وسلم) حدَّثه فقال: كيف كان حال قلبك حيث قلت أكان منشرحاً بالذي قلت؟ قال: لا. فأنزل الله (إلا من اكره وقلبه مطمئن بالإيمان)(4).


فالآية تدلّ بوضوح على جواز قول كلمة الكفر تقيّةً إذا كان القلب مطمئناً بالإيمان. وإذا جاز قول الكفر تقيّة جاز بالأولويّة القطعيّة السكوت على الكافرين والعاصين وعدم نهيهم عن منكر وهذا يعني أن تشريع اصل التقية موجود في القرآن الكريم وليست هي مسألة مختصة بالشيعة.


الآية الثانية: قال الله تعالى:
(وقال رجل مؤمن من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم..)(5).


(قال السدي: كان القائل ابن عم فرعون، وقال غيره: كان المؤمن إسرائيلياً يكتم إيمانه عن آل فرعون)(6).
وقيل: إن هذا الرجل (كان يكتم إيمانه ستمائة سنة)(7).


ودلالة الآية على حسن موقف مؤمن آل فرعون من كتم إيمانه واضحة حيث ذكرته في مقام المديح، ثم عطفت عليه بعد ذلك: إن الله نجاه من بطش فرعون. والمعنى الوارد في الآية هو: التقية، فان الرجل كان يظهر لآل فرعون انه منهم، وليس هو كذلك حقيقة، وهذا الموقف منه ساعده على نصيحة فرعون وقومه وعظتهم إلا أن عظته لم تنفع إزاء غرور فرعون وعمى أتباعه.


الآية الثالثة: قال الله تعالى:
(لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ...)(8).


فقد ورد في تفسير الآية بالمأثور: (عن الحسين بن زيد بن علي بن جعفر بن محمد عن أبيه (عليه السلام) قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: لا إيمان لمن لا تقية له ويقول: قال الله: (إلا أن تتقوا منهم تقاةً)(9).


والتقية هنا في إظهار المؤمنين الودّ والحبّ للكافرين، وان كانوا واقعاً لا يحبونهم كما هو مقتضى الإيمان، إذ لا يمكن للإنسان المؤمن أن يلتقي في عاطفة حبّ وعلاقة مودة مع الشخص الذي يكفر بالله... وجاز إظهار الودّ لهم واتخاذهم أولياء تقية منهم، ودفعاً لشرّهم... فتكون التقية جائزة وان كانت بإظهار خلاف الواقع... بل تكون واجبة فيما لو أدّى تركها إلى القتل والتهلكة أو ضرر يُعتّد به كما سوف نشير إليه في أحكام التقية إنشاء الله.


التقية في ضوء الروايات:
لقد تواتر نقل قصة عمار بن ياسر ومجموعة من ضعفاء المؤمنين في مكة عندما أخذهم المشركون وعذبوهم أشد العذاب حتى قال عمار وأصحابه كلمة الكفر.


فقد ورد عن ابن عباس في تفسير قوله تعالى:
(إلا من اكره وقلبه مطمئن بالإيمان)(10) أن (عمار أعطاهم (أي للمشركين) ما أرادوا بلسانه مكرهاً فشكا ذلك إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال له رسول الله ( صلى الله عليه وآله) كيف تجد قلبك؟ قال مطمئن بالإيمان فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) فإن عادوا فعد)(11) وروى صاحب الكشاف تلك الرّواية مع إضافات أخرى حيث نَقَل:


(وأما عمار فقد أعطاهم ما أرادوا بلسانه مكرهاً فقيل يا رسول الله (صلى الله عليه وآله) إن عماراً كفر؟ فقال: كلا إن عماراً مُلئَ إيماناً من قرنه إلى قدمه واختلط الإيمان بلحمه ودمه فأتى عمار رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يبكي فجعل النبي (صلى الله عليه وآله) يمسح عينيه وقال ما لَكَ؟ إن عادوا فعد لهم بما قلت) ثم يعلق صاحب الكشاف على ذلك بقوله: (فان قلت:أي الأمرين أفضل أَفِعلُ عمار أم فعل أبويه؟ قلت: بل فعل أبويه لأنه في ترك التقية والصبر على القتل إعزاز للإسلام وقد روى إن مسيلمة (الكذاب) اخذ رجلين فقال لاحدهما ما تقول في محمد؟ قال: رسول الله. قال فما تقول فِيَّ؟ قال: أنت أيضاً فخلاّه. وقال للآخر: ما تقول في محمد؟ قال رسول الله. قال: فما تقول فِيَّ قال: أنا أصمّ فأعاد عليه ثلاثا فأعاد جوابه فقتله. فبلغ رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال (صلى الله عليه وآله) أما الأول فقد اخذ برخصة الله وأما الثاني فقد صدع بالحق فهنيئاً له)(12).


وذكر صاحب الكشاف عقب رواية عمار رواية مسيلمة الكذاب وحديث النبي ورجَّح به الإفصاح بالحق على التقية إلا أن هذا لا يضر بأصل مشروعية التقية.


ومن الروايات الصادرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) في تشريع التقية ما رواه مسعود العياشي في تفسيره عن الحسن بن زيد بن علي عن جعفر بن محمد عن أبيه (قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: لا إيمان لمن لا تقية له ويقول: قال الله تعالى: إلا أن تتقوا منهم تقاة)(13).


أما الروايات الصادرة عن أهل البيت (عليهم السلام) فهي متواترة إجمالاً وفيما يلي ننقل قسماً منها في خصوص اصل التقية، وإنها من الدين على أن نتناول سائر الروايات المرتبطة بباب التقية في محلها من البحث.


فعن هشام بن سالم وغيره عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قول الله عز وجل (أولئك يؤتون أجرهم مرّتين بما صبروا (قال: بما صبروا على التقية) ويدرؤون بالحسنة السيئة(14) قال: الحسنة التقية والسيئة الإذاعة)(15).


(وعن ابن أبي عمير، عن هشام بن سالم، عن أبي عمر الأعجمي قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام) يا أبا عمر إن تسعة أعشار الدين في التقية ولا دين لمن لا تقية له والتقية في كل شيء إلا في النبيذ والمسح على الخفين)(16) و(عن أبي بصير قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): التقية من دين الله. قلت: من دين الله؟ قال: أي والله من دين الله ولقد قال يوسف: (أيتها العير إنكم لسارقون) والله ما كانوا سرقوا شيئاً ولقد قال إبراهيم:(إني سقيم) والله ما كان سقيماً)(17).


و(عن حبيب بن بشر قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): سمعت أبي يقول: سمعت أبي يقول: لا والله ما على وجه الأرض شيء أحب إليّ من التقية، يا حبيب انه من كانت له تقية رفعه الله، يا حبيب من لم تكن له تقية وضعه الله. يا حبيب إن الناس إنما هم في هدنة (18) فلو قد كان ذلك كان هذا)(19).


و(عن أمير المؤمنين (عليه السلام) في حديث طويل يقول فيه لبعض اليونانيين: وآمرك أن تستعمل التقية في دينك، فان الله يقول: (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة، وإياك إياك أن تتعرض للهلاك وأن تترك التقية التي أمرتك بها، فانك شايط بدمك(20) ودماء إخوانك، معرض لنعمك ونِعَمِهم للزوال، مذلّ لهم في أيدي أعداء دين الله، وقد أمرك بإعزازهم)(21).


حقيقة التقية:
(أتقى) بالشيء جعله وقاية لـه من شيء آخر، و(التقاة) الخشية والخوف، و(التقية) إخفاء الحق ومصانعة الناس... تحرزاً من التلف(22).


وقال ابن الأثير (تقا) التاء فيها مبدلة من الواو لان أصلها من الوقاية وتقديرها إوْتقى، فقُلِبت وأُدغمِت فلما كثر استعماله توهموا أن التاء من نفس الحرف فقالوا اتًَّقى يتَّقي بفتح التاء فيهما وربما قالوا تَقى، يَتْقي مثل رَمى يَرمى ومنه الحديث: (قلت وهل للسيف من تقية؟ قال: نعم تقية على أقذاء وهدنة على دخن) التقية والتقاة بمعنى يريدونهم يتقون بعضهم من بعض ويظهرون الصلح والاتفاق وباطنهم بخلاف ذلك)(23).


وقال الشهيد الأول (قدس سره) في قواعده: (التقية: مجاملة الناس بما يعرفون وترك ما ينكرون حذراً من غوائلهم)(24).


ومن الضروري أن نميّز بين مفهوم التقية وبعض المفاهيم التي خلط بعضهم فيما بينها، (كالإكراه) و(المداهنة).


فالتقية ما عرفتَ، أما مفهوم الإكراه على فعل معين وصدور ذلك الفعل من الفاعل إكراهاً فانه اخص من التقية إذ كل فعل يصدر بالإكراه دفعاً للشر المتوعدّ به يصدق عليه مفهوم تقية وليس العكس أي ليس كل تقية إكراه إذ قد يصدر فعل أو قول تقية من دون إكراهٍ فعليٍّ من طرف آخر, فالشخص ـ يقول شيئاً أو يفعل فعلاً ابتداءً لدفع الخطر الذي يتوقع نزوله عليه إذا ترك التقية، في حين أنّ صدق الإكراه لا يتحقق إلا بوجود مكرهٍ ـ بالكسر ـ ينذره بعقاب إذا تخلف عن فعل أو قول.


ولعلنا لا نذهب بعيداً إذا قلنا إن مفهوم (التقية) صار في الاصطلاح معنى يقابل الإكراه أي معناه صدور الفعل أو القول دفعاً لخطر السلطان الظالم أو دفعاً لفتنة (فالتقية: اسم لاتقى يتقي والتاء بدل عن الواو كما في التهمة والتّخمة والمراد هنا التحفظ عن ضرر الغير بموافقته في قول أو فعل مخالف للحق)(25).


وأما المداهنة فهي مفهوم آخر يباين مفهوم التقية إذ المداهنة في قوله تعالى: (ودّوا لو تدهن فيدهنون)(26) معصية والتقية ليست معصية، والفرق بينهما أن الأول تعظيم غير المستحق لاجتلاب نفعه أو لتحصيل صداقته كمن يُثنى على ظالم بسبب ظلمه ويُصوِّره بصورة العدل، أو مبتدع على بدعته، ويصوّرها بصورة الحق، والتقية مجاملة الناس بما يعرفون وترك ما ينكرون حذراً من غوائلهم كما أشار إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) وموردها غالباً الطاعة, فمجاملة الظالم فيما يعتقده ظلماً والفاسق المتظاهر بفسقه اتقاء شرهما من باب المداهنة الجائزة ولا يكاد يسمى تقية (قال بعض الصحابة: إنا لنكشّر في وجوه أقوام وان قلوبنا لتلعنهم وينبغي لهذا المداهن التحفظ من الكذب فانه قَلَّ إن يخلو احد من صفة مدح)(27).


أحكام التقية:
(التقية تنقسم بانقسام الأحكام الخمسة:


فالواجب: إذا علم أو ظن نزول الضرر بتركها به، أو ببعض المؤمنين.


والمستحب: إذا كان لا يخاف ضرراً عاجلاً، ويتوهم ضرراً آجلاً أو ضرراً سهلاً، أو كان تقية في المستحب، كـالترتيب في تسبيح الزهراء (عليها السلام)، وترك بعض فصول الأذان.


والمكروه: التقية في المستحب حيث لا ضرر عاجلاً ولا آجلاًَ، ويخاف منه الالتباس على عوام المذهب.


والحرام: التقية حيث يأمن الضرر عاجلاً وآجلاً أو في قتل مسلم. قال أبو جعفر (عليه السلام) إنما جعلت التقية ليحقن بها الدم فإذا بلغ الدم فلا تقية(28).


والمباح: التقية في بعض المباحات التي ترجحها العامة، (ولا يحصل بتركها ضرر)(29).


(أما الكلام في حكمها التكليفي فهو أن التقية تنقسم إلى الأحكام الخمسة فالواجب منها ما كان لدفع الضرر الواجب فعلاً وأمثلته كثيرة والمستحب ما كان فيه التحرز عن معارض الضرر بان يكون تركه مفضياً تدريجياً إلى حصول الضرر كترك المداراة مع العامة وهجرهم في المعاشرة في بلادهم فانه ينجر غالباً إلى حصول المباينة الموجب لتضرره منهم والمباح ما كان التحرز عن الضرر فعله مساوياً في نظر الشارع كالتقية في إظهار كلمة الكفر على ما ذكره جمع من الأصحاب ويدل عليه الخبر الوارد في رجلين أخذا بالكوفة وأمرا بسب أمير المؤمنين (عليه السلام) والمكروه ما كان تركها وتحمل الضرر أولى من فعله كما ذكر ذلك بعضهم في إظهار كلمة الكفر وان الأولى تركه ممن يقتدي به الناس إعلاء لكلمة الإسلام والمراد بالمكروه ما يكون ضده أفضل والمحرم منه ما كان في الدماء)(30).


إن التقية تبيح ترك الواجبات والتكتم على الحق نعم لو ترك إعلان الكفر وترك التبري من أهل البيت خلاف التقية لا إثم عليه بخلاف سائر موارد التقية فان تركها محرم شرعاً(31).


ثم هل إن التقية تجوز في حالة عدم المندوحة من ارتكاب الحرام أم تجوز حتى مع امكان المندوحة؟


الكثير من الفقهاء يرى مشروعية التقية حتى مع المندوحة وبعض آخر لا يرى مشروعيتها إلا مع عدم المندوحة(32).


أسباب التقية :
لقد مارس الشيعة التقية، ودعى الأئمة من أهل البيت (عليه السلام) إلى ممارستها حتى تحولت إلى ظاهرة مذهبية، رغم إنها مسألة شرَّعها القرآن الكريم ورسول الله (صلى الله عليه وآله). من هنا ينبغي أن ندرس الأسباب التي دعت الشيعة إلى ممارسة التقية حتى تحولت إلى خطٍّ مميّز لهم، وفي الحقيقة يمكن ملاحظة تلك الأسباب ضمن النقط التالية، القمع السياسي، بعد شهادة علي بن أبي طالب (عليه السلام) عام 40 هـ، وتولي معاوية مقاليد السلطة اتخذت السياسة الأموية خطاً يعتمد على سياسة البطش بشيعة أهل البيت (عليهم السلام) فقد كتب معاوية لعماله في الولايات:


(انظروا من قامت عليه البينة انه يحب علياً وأهل بيته، فامحوه من الديوان، واسقطوا عطاءَه، ورزقه. وشفع ذلك بنسخة أخرى: من اتّهمتموه بموالاة هؤلاء القوم، فنكّلوا به، واهدموا داره).


فلم يكن البلاء اشد ولا أكثر منه بالعراق ولاسيما بالكوفة، حتى أن الرجل من شيعة علي (عليه السلام) ليأتيه من يثق به، فيدخل بيته، فيلقي إليه سرَّه ويخاف من خادمه ومملوكه، ولا يحدثه حتى يأخذ عليه الأيمان الغليظة ليكتمن عليه)(33) فقد ولغ معاوية بدماء الشيعة وأستخف بحرماتهم، ولم يزل الأمر كذلك حتى مات الحسن بن علي (عليه السلام) فازداد البلاء والفتنة فلم يبق احد من هذا القبيل ـ أي من شيعة عليٍّ ـ إلا وهو خائف على دمه أو طريد الأرض)(34).


________________________________________________
الهوامش:


1- عقائد الإمامية / ص84 فقرة 33 عقيدتنا في التقية.
2- النحل /106.
3- التفسير المبين/ ص310 ، وراجع تفسير القمي /ج1/ص390 ، وتفسير الميزان /ج12 ص384، وتفسير التبيان ج6 ص438.
4- تفسير التبيان /ك9 ص72 طبعة دار إحياء التراث العربي/ تحقيق احمد حبيب قصير العاملي.
5- المؤمن/28.
6- تفسير التبيان /ج9 ص72 طبعة دار أحياء التراث العربي/ تحقيق احمد حبيب قصير العاملي.
7- تفسير القمي/ ح1ص257 الطبعة الثانية ، بيروت 1968.
8- آل عمران /2.
9- تفسير نور الثقلين/ج1 ص325 نشر مؤسسة اسماعليان الطبعة الرابعة 1412هـ.
10- النحل /106.
11- تفسير القرطبي /ج10 ص180.
12- تفسير الكاشف /ج2 ص430.
13- وسائل الشيعة /ج11ص467ح21.
14- القصص/54 .
15- الأصول من الكافي/ج2ص217رواية1/ الناشر دار الكتب الإسلامية.
16- الأصول من الكافي/ج1ص217رواية2.
17- الأصول من الكافي/ج2ص217رواية3.
18- الهدنة: السكون والصلح والموادعة بين المسلمين والكفار وبين كل متحاربين.
19- الأصول من الكافي/ج2ص217ح2.
20- شاط دمه: ذهب وبطل.
21- تفسير نور الثقلين/ج1ص325.
22- المعجم الوسيط/ج2ص1052.
23- النهاية في غريب الحديث والأثر/ ج1ص192.
24- القواعد والفوائد / للشهيد الأول/ج2ص155قاعدة رقم 208 تحقيق الدكتور السيد عبد الهادي الحكيم/ منشورات المفيد قم إيران.
25- المكاسب المحرمة/ الشيخ الأنصاري ص320.
26- القلم.
27- القواعد والفوائد/ج1ص156.
28- انظر الكليني/ الكافي2/ 220 من باب التقية من كتاب الإيمان ح6.
29- قاعدة(280) صفحة158.
30- كلام الشيخ الأنصاري/ص 320.
31- راجع القواعد والفوائد/ ج2ص158.
32- المكاسب المحرمة/ للشيخ الأنصاري الطبعة الحجرية ص321.
33- شرح نهج البلاغة/ لابن أبي الحديد ج11ص45.
34- شرح نهج البلاغة/ لابن أبي الحديد ج11ص45 في شرح كـلام لـه (عليه السلام) تحت رقم (203) دار إحياء الكتاب العربي سنة 1961.

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع