شارك هذا الموضوع

مولد فاطمة الزهراء

نبارك للأمة الإسلامية وعلى رأسها مراجعنا الكرام وعلماءنا العاملون بنهج فاطمة وإلى المؤمنين والمؤمنات السائرون على درب فاطمة الزهراء (عليها السلام) لكم مني هذه المشاركة الطويلة والتي تفصل مولدها (عليها السلام).


ولادتها
بابُ بدوِ نورها، ومبدأ ظهورها (صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها)


ـ في إرشاد القلوب
مرفوعاً إلى سلمان الفارسي (رحمه الله) قال كنت جالسا عند النبي (صلى الله عليه وآله [في المسجد] إذ دخل العباس بن عبد المطلب فسلّم، فرد النبي (صلى الله عليه وآله) ورحب به، فقال: يا رسول الله! بم فضل الله علينا أهل البيت علي بن أبي طالب، والمعادن واحدة؟ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): إذن أخبرك يا عم!


إن الله خلقني وخلق عليا، ولا سماء ولا أرض، ولا جنة، ولا نار، ولا لوح، ولا قلم فلما أراد الله عز وجل بدو خلقنا فتكلم بكلمة فكانت نورا، ثم تكلم بكلمة ثانية فكانت روحا، فمزج فيما بينهما فاعتدلا، فخلقني وعليا منهما.


ثم فتق من نوري نور العرش، فأنا أجلّ من نور العرش.
ثم فتق من نور علي نور السماوات، فعلي أجلّ من نور السماوات.
ثم فتق من نور الحسن نور الشمس، ومن نور الحسين نور القمر.
فهما أجلّ من نور الشمس ومن نور القمر.


وكانت الملائكة تسبح الله وتقدسه وتقول في تسبيحها: سبوح قدوس من أنوار ما أكرمها على الله تعالى، فلما أراد الله تعالى أن يبلو الملائكة أرسل عليهم سحابا من ظلمة، وكانت الملائكة لا تنظر أولها من آخرها، ولا آخرها من أولها، فقالت الملائكة: إلهنا وسيدنا! منذ خلقتنا ما رأينا مثل ما نحن فيه! فنسألك بحق هذه الأنوار إلا ماكشفت عنا، فقال الله عز وجل: وعزتي وجلالي لافعلنّ.


فخلق نور فاطمة الزهراء (عليها السلام) يومئذ كالقنديل، وعلقه في قرط العرش، فزهرت السماوات السبع، والارضون السبع، ومن أجل ذلك سميت فاطمة «الزهراء».


وكانت الملائكة تسبح الله وتقدسه فقال الله عز وجل: وعزتي وجلالي لأجعلن ثواب تسبيحكم وتقديسكم إلى يوم القيامة لمحبي هذه المرأة وأبيها وبعلها وبنيها.


قال سلمان: فخرج العباس، فلقيه علي بن أبي طالب (عليه السلام) فضمه إلى صدره وقبّل ما بين عينيه، وقال: بأبي عترة المصطفى من أهل بيت ما أكرمكم على الله تعالى.


ـ في فرائد السمطين
(بإسناده) عن أبي هريرة، عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: لمّا خلق الله تعالى آدم أبو البشر ونفخ فيه من روحه التفت آدم يمنة العرش فإذا في النور خمسة أشباح سُجّدا ورُكعا.


قال آدم: يا ربّ! هل خلقت أحدا من طين قبلي؟ قال: لا، يا آدم؛


قال: فمن هؤلاء الخمسة الأشباح الذين أراهم في هيئتي وصورتي؟


قال: هؤلاء خمسة من ولدك لولاهم ما خلقتك، هؤلاء خمسة شققت لهم خمسة أسماء من أسمائي لولاهم ما خلقت الجنة ولا النار، ولا العرش ولا الكرسي، ولا السماء ولا الأرض، ولا الملائكة ولا الإنس ولا الجنّ؛ فأنا المحمود وهذا محمد، وأنا العالي وهذا علي، وأنا الفاطر وهذه فاطمة، وأنا الإحسان وهذا الحسن، وأنا المحسن وهذا الحسين؛ آليت بعزتي أنه لا يأتيني أحد بمثقال ذرة من خردل من بغض أحدهم إلا أدخلته ناري ولا أبالي، يا آدم! هؤلاء صفوتي من خلقي بهم أنجيهم، وبهم أهلكهم؛ فإذا كان لك إليّ حاجة فبهؤلاء توسل؛ فقال النبي (صلى الله عليه وآله): نحن سفينة النجاة، من تعلّق بها نجا، ومن حاد عنها هلك؛ فمن كان له إلى الله حاجة فليسأل بنا أهل البيت.


ـ في الأربعون لابن أبي الفوارس


المفضّل بن عمر بن عبد الله [عن أبي عبد الله (عليه السلام)]، عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنه قال: لما خلق الله إبراهيم (عليه السلام) كشف الله عن بصره فنظر إلى جنب العرش نورا، فقال: إلهي وسيدي ما هذا النور؟


قال: يا إبراهيم، هذا نور محمد صفوتي.
قال: إلهي وسيدي وأرى نورا إلى جانبه.
قال: يا إبراهيم: هذا نور علي ناصر ديني.
قال: إلهي وسيدي وأرى نورا ثالثا يلي النورين.
قال: يا إبراهيم! هذا نور فاطمة تلي أباها وبعلها، فطمت بها محبيهما من النار.
قال: إلهي وسيدي وأرى نورين يليان الثلاثة أنوار.
قال: يا إبراهيم! هذان الحسن والحسين، يليان نور أبيهما وأمهما وجدهما.
قال: إلهي وسيدي وأرى تسعة أنوار قد أحدقوا بالخمسة أنوار؟
قال: يا إبراهيم! هؤلاء الأئمة من ولدهم - الحديث ـ.


ـ في علل الشرائع
القطّان، عن السكّري، عن الجوهري، عن عمر بن عمران، عن عبيد الله بن موسى العبسي، عن جبلّة المكّي، عن طاووس اليماني، عن ابن عبّاس قال: دخلت عائشة على رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهو يقبّل فاطمة، فقالت له: أتحبّها يا رسول الله؟ قال: أما والله لو علمت حبّي لها لأزددت لها حبّا؛ إنه لمّا عرج بي إلى السماء الرابعة أذّن جبرئيل وأقام ميكائيل.


ثم قيل لي: ادنُ يا محمد: فقلت: أتقدم وأنت بحضرتي يا جبرئيل؟ قال: نعم، إن الله عز وجل فضّل أنبياءه المرسلين على ملائكته المقربين، وفضّلك أنت خاصة.


فدنوت فصليت بأهل السماء الرابعة، ثم التفتّ عن يميني؛ فإذا أنا بإبراهيم (عليه السلام) في روضة من رياض الجنة وقد اكتنفها جماعة من الملائكة؛


ثمّ إني صرت إلى السماء الخامسة ومنها إلى السادسة فنوديت:


يا محمد، نعم الأب أبوك إبراهيم، ونعم الأخ أخوك علي؛


فلما صرت إلى الحجب أخذ جبرئيل (عليه السلام) بيدي فأد خلني الجنة، فإذا أنا بشجرة من نور في أصلها ملكان يطويان الحلي والحلل، فقلت: حبيبي جبرئيل لمن هذه الشجرة؟


فقال: هذه لأخيك علي بن أبي طالب (عليه السلام)، وهذان الملكان يطويان له الحلي والحلل إلى يوم القيامة، ثم تقدمت أمامي، فإذا أنا برطب ألين من الزبد، وأطيب رائحة من المسك وأحلى من العسل، فأخذت رطبة فأكلتها، فتحولت الرطبة نطفة في صلبي؛ فلما أن هبطت إلى الأرض واقعت خديجة فحملت بفاطمة؛ ففاطمة حوراء إنسية، فإذا اشتقت إلى الجنة شممت رائحة فاطمة (عليها السلام).


ـ في علل الشرائع
القطّان، عن السكّري، عن الجوهري، ابن عمارة، عن أبيه، عن جابر، عن أبي جعفر (عليه السلام)، عن جابر بن عبد الله، قال: قيل: يا رسول الله! إنك تلثم فاطمة، وتلزمها وتدنيها منك، وتفعل بها ما لا تفعله بأحد من بناتك؟ فقال: إن جبرئيل (عليه السلام) أتاني بتفاحة من تفاح الجنة، فأكلتها فتحولت ماء في صلبي، ثم واقعت خديجة، فحملت بفاطمة، فأنا أشم منها رائحة الجنة.


ـ وقال أبو الفرج في كتاب «مقاتل الطالبين»
كان مولد فاطمة (عليها السلام) قبل النبوة، وقريش حينئذ تبني الكعبة، وكان تزويج علي بن أبي طالب إياها في صفر بعد مقدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) المدينة، وبنى بها بعد رجوعه من غزوة بدر، ولها يؤمئذ ثماني عشرة سنة؛ حدثني بذلك الحسن بن علي، عن الحارث، عن ابن سعد، عن الواقدين عن ابي بكر ابن عبد الله بن ابي سرة، عن إسحاق بن عبد الله [بن] أبي فروة؛ عن جعفر بن محمد بن علي (عليهما السلام).


ـ في الكافي
عبد الله بن جعفر، وسعد بن عبد الله جميعاً، عن إبراهيم بن مهزيار، عن أخيه علي بن مهزيار، عن الحسن بن محبوب، عن هشام بن سالم، عن حبيب السجستاني قال: سمعت أبا جعفر(عليه السلام) يقول: ولدت فاطمة بنت محمد (صلى الله عليه وآله) بعد مبعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) بخمس سنين؛ وتوفيت ولها ثماني شعرة سنة وخمسة وسبعون يوما.


ـ الهداية الكبرى
حدّثت الوراة، عن أبي جعفر محمد بن علي (عليهما السلام):


أن فاطمة (عليها السلام) ولدت بعد ما أظهر الله نبوة نبيه (صلى الله عليه وآله) واُنزل عليه الوحي بخمس سنين.


فزوّجها رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) بعد مقدمه المدينة نحوا من سنة، وبنى بها بعد سنة؛ وكان مولد فاطمة بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد بعث النبي (صلى الله عليه وآله) بخمس سنين.


ـ مجموعة نفيسة
في كتاب «مواليد الأئمة (عليهم السلام)» بسنده، عن نصر بن علي الجهضمي، قال: سألت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) عن عمر فاطمة (عليها السلام)؟


قال: ولدت فاطمة بعد ما أظهر الله نبوته بخمس سنين وقريش تبني البيت؛ وتوفّيت ولها ثماني عشر سنة وخمسة وسبعون يوماً؛ وكان عمرها مع النبي (صلى الله عليه وآله) بمكّة ثمان سنين؛ وهاجرت مع النبي إلى المدينة وأقامت فيها عشر سنين؛ وأقامت مع أمير المؤمنين من بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) خمسة وسبعين يوماً؛ وولدت الحسن بن عليّ (عليهما السلام) (ولها إحدى عشرة سنة بعد الهجرة).


تأنيسها أمها قبل ولادتها
1ـ عن خديجة رضي الله عنها قالت: لما حملت بفاطمة حملت حملا خفيفا وتحدثني في بطني، فلما قربت ولادتها دخل علي أربع نسوة عليهن من الجمال والنور ما لايوصف، فقالت إحداهن: أنا أمك حواء، وقالت الأخرى: أنا آسية بنت مزاحم، وقالت الأخرى: أنا كلثم أخت موسى، وقالت الأخرى: أنا مريم بنت عمران أم عيسى، جئنا لنلي من أمرك ماتلي النساء فولدت فاطمة، فوقعت على الأرض ساجدة رافعة أصبعها.


2ـ فلما سأله الكفار أن يريهم انشقاق القمر، وقد بان لخديجة حملها بفاطمة وظهر، قالت خديجة: واخيبة من كذب محمدا وهو خير رسول ونبي! فنادت فاطمة من بطنها: يا أماه لا تحزني ولا ترهبي فإن الله مع أبي. فلما تم أمد حملها وانقضى وضعت فاطمة، فأشرق بنور وجهها الفضاء.


3ـ إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: أتاني جبرئيل بتفاحة من الجنة، فأكلتها، وواقعت خديجة، فحملت بفاطمة، فقالت: إني حملت حملا خفيفا، فإذا خرجت حدثني الذي في بطني. فلما أرادت أن تضع بعثت إلى نساء قريش ليأتينها فيلين منها ما يلي النساء ممن تلد، فلم يفعلن وقلن: لا نأتيك وقد صرت زوجة محمد...


4ـ ذكر الشيخ عز الدين عبد السلام الشافعي في رسالته في مدح الخلفاء الراشدين: إنه لما حملت خديجة بفاطمة، كانت تكتمها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فدخل عليها يوما فوجدها تتكلم وليس معها غيرها، فسألها عمن كانت تخاطبه، فقالت: مع ما في بطني فإنه يتكلم معي، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: أبشري يا خديجة، هذه بنت جعلها الله أم أحد عشر من خلفائي، يخرجون بعدي وبعد أبيهم (صلوات الله عليهم أجمعين).


5ـفي حديث طويل عن الصادق عليه السلام: فدخل (رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) يوما وسمع خديجة تحدث فاطمة فقال لها: يا خديجة، من يحدثك؟ قالت: الجنين الذي في بطني يحدثني ويؤنسني. فقال لها: هذا جبرائيل يبشرني أنها أنثى، وأنها النسمة الطاهرة الميمونة، وأن الله تبارك وتعالى سيجعل نسلي منها وسيجعل نسلها أئمة في الأمة.


باب ما وقع قبل ولادتها (عليها السلام)


ـ في [العدد في الدرّ]
وقيل: بينا النبي (صلى الله عليه وآله) جالس بالأبطح ومعه عمّار بن ياسر، والمنذر بن الضحضاح، وأبو بكر، وعمر، وعلي بن أبي طالب، والعباس بن عبد المطّلب، وحمزة بن عبد المطّلب، إذ هبط عليه جبرئيل (عليه السلام) في صورته العظمى، قد نشر أجنحته حتّى أخذت من المشرق إلى المغرب، فناداه: يا محمد! العلي الأعلى يقرأ عليك السلام، وهو يأمرك أن تعتزل عن خديجة أربعين صباحا، فشق ذلك على النبي (صلى الله عليه وآله)، وكان لها محبّاً، وبها وامقاً.


قال: فأقام النبي (صلى الله عليه وآله) أربعين يوما، يصوم النهار، ويقوم الليل، حتى إذا كان في آخر أيامه تلك، بعث إلى خديجة بعمار بن ياسر، وقال: قل لها: يا خديجة لا تظني أنّ انقطاعي عنك هجرة ولا قلى ولكنّ ربي عز وجل أمرني بذلك لينفذ أمره، فلا تظني يا خديجة إلا خيرا، فإن الله عز وجل ليباهي بك [كرام]ملائكته كل يوم مرارا، فإذا جنّك الليل فأجيفي الباب، وخذي مضجعك من فراشك، فإني في منزل فاطمة بنت أسد.


فجعلت خديجة تحزن في كل يوم مرارا لفقد رسول الله (صلى الله عليه وآله)؛ فلما كان في كمال الأربعين هبط جبرئيل (عليه السلام) فقال: يا محمد، العلي الأعلى يقرئك السلام وهو يأمرك أن تتأهب لتحيته وتحفته.


قال النبي (صلى الله عليه وآله): يا جبرئيل، وما تحفة رب العالمين؟ وما تحيّته؟ قال: لا علم لي.


قال: فبينا النبي (صلى الله عليه وآله) كذلك إذ هبط ميكائيل ومعه طبق مغطّى بمنديل سندس ـ أو قال: إستبرق – فوضعه بين يدي النبي (صلى الله عليه وآله)، وأقبل جبرئيل (عليه السلام) وقال: يا محمد! يأمرك ربك أن تجعل الليلة إفطارك على هذا الطعام، فقال علي بن أبي طالب (عليه السلام): كان النبي (صلى الله عليه وآله) إذا أراد أن يفطر أمرني أن أفتح الباب لمن يرد إلى الإفطار، فلمّا كان في تلك الليلة أقعدني النبي (صلى الله عليه وآله) على باب المنزل، وقال: يا بن بي طالب، إنه طعام محرّم إلا عليّ؛ قال عليّ (عليه السلام): فجلست على الباب، وخلا النبي (صلى الله عليه وآله) بالطعام، وكشف الطبق فإذا عِذق من رطب، وعنقودٌ من عنب، فأكل النبي (صلى الله عليه وآله) منه شبعا، وشرب من الماء ريا، ومدّ يده للغسل فأفاض الماء عليه جبرئيل، وغسل يده ميكائيل، وتمندله إسرافيل وارتفع فاضل الطعام مع الإناء إلى السماء؛ ثمّ قام النبي (صلى الله عليه وآله) ليصلّي، فأقبل عليه جبرئيل وقال: الصلاة محرّمة عليك في وقتك حتّى تأتي إلى منزل خديجة فتواقعها، فإن الله عز وجل آلى على نفسه أن يخلق من صلبك في هذه الليلة ذرية طيبة، فوثب رسول الله (صلى الله عليه وآله) إلى منزل خديجة.


قالت خديجة (رضوان الله عليها): وكنت قد ألفت الوحدة، فكان إذا جنّني الليل غطيت رأسي وأسجفت ستري، وغلّقت بابي، وصلّيت وردي، وأطفأت مصباحي، وآويت إلى فراشي فلمّا كان في تلك الليلة لم أكن بالنائمة ولا بالمنتبهة إذ جاء النبي (صلى الله عليه وآله) فقرع الباب، فناديت: من هذا الذي يقرع حلقة لا يقرعها إلا محمد (صلى الله عليه وآله)؟‍ قالت خديجة: فنادى النبي (صلى الله عليه وآله) بعذوبة كلامه وحلاوة منطقه: افتحي يا خديجة فإني محمد؛ قالت خديجة: فقمت فرحة مستبشرة بالنبي (صلى الله عليه وآله)، وفتحت الباب، ودخل النبي المنزل وكان (صلى الله عليه وآله): إذا دخل المنزل دعا بالإناء فتطهّر للصلاة، ثم يقوم فيصلّي ركعتين يوجز فيهما، ثم يأوي إلى فراشه؛ فلما كان في تلك الليلة لم يدع بالإناء ولم يتأهب للصلاة غير أنه أخذ بعضدي وأقعدني علىفراشه، وداعبني ومازحني وكان بيني وبينه ما يكون بين المرأة وبعلها، فلا والذي سمك السماء وأنبع الماء ما تباعد عني النبي (صلى الله عليه وآله) حتى أحسست بثقل فاطمة في بطني.


الدر النظيم: (مثله).


باب كيفيّة ولادتها (صلوات الله عليها)


ـ في أمالي الصدوق
أحمد بن محمد الخليلي، عن المفضّل بن عمر قال: قلت لأبي عبد الله الصادق (عليه السلام): كيف كان ولادة فاطمة (عليها السلام)؟


فقال: نعم، إن خديجة (عليها السلام) لمّا تزوّج بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) هجرتها نسوة مكة، فكنّ لا يدخلن عليها، ولا يسلّمن عليها، ولا يتركن امرأة تدخل عليها، فاستوحشت خديجة لذلك،وكان جزعها وغمّها حذرا عليه (صلى الله عليه وآله)، فلمّا حملت بفاطمة (عليها السلام) كانت فاطمة تحدّثها من بطنها، وتصبّرها، وكانت تكتم ذلك من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فدخل رسول الله يوما فسمع خديجة تحدّث فاطمة (عليها السلام).


فقال لها: يا خديجة، من تحدّثين؟!
قالت: الجنين الذي في بطني يحدثني ويؤنسني.
قال: يا خديجة، هذا جبرئيل يبشّرني أنّها اُنثى، وأنها النسلة الطاهرة الميمونة. وأن الله تبارك وتعالى سيجعل نسلي منها؛
وسيجعل من نسلها أئمة، ويجعلهم خلفاءه في أرضه بعد انقضاء وحيه.


فلم تزل خديجة (عليها السلام) على ذلك إلى أن حضرت ولادتها؛ فوجّهت إلى نساء قريس وبني هاشم أن تعالين لتلين منّي ما تلي النساء من النساء.


فأرسلين إليها: أنتِ عصيتنا، ولم تقبلي قولنا، وتزوّجتِ محمدا يتيم أبي طالب فقيراً لا مال له، فلسنا نجئ، ولا نلي من أمرك شيئا، فاغتمّت خديجة (عليها السلام) ذلك؛ فبينا هي كذلك، إذ دخل عليها أربع نسوة سمر طوال كأنّهن من نساء بني هاشم؛ ففزعت منهنّ لمّا رأتهن، فقالت إحداهن:


لا تحزني يا خديجة، فإنا رسل ربك إليك، ونحن أخواتك، أنا سارة، وهذه آسية بنت مزاحم وهي رفيقتك في الجنة، وهذه مريم بنت عمران، وهذه كلثم أخت موسى بن عمران، بعثنا الله إليك لنلي منك ماتلي النساء من النساء؛ فجلست واحدة عن يمينها، وأخرى عن يسارها، والثالثة بين يديها، والرابعة من خلفها، فوضعت فاطمة (عليها السلام) طاهرة مطهّرة؛ فلما سقطت إلى الأرض أشرق منها النور حتّى دخل بيوتات مكّة؛ ولم يبق في شرق الارض ولا غربها [موضع] إلا اشرق فيه ذلك النور؛ ودخل عشر من الحور العين، كل واحدة منهن معها طشت من الجنة، وإبريق من الجنة، وفي الإبريق ماء من الكوثر؛ فتناولتها المرأة التي كانت بين يديها فغسلتها بماء الكوثر، وأخرجت خرقتين بيضاوين أشد بياضاً من اللبن وأطيب ريحا من المسك والعنبر، فلفّتها بواحدة وقنّعتها بالثانية؛ ثم استنطقتها فنطقت فاطمة (عليها السلام) بالشهادتين.


وقالت: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن أبي رسول الله سيد الأنبياء، وأن بعلي سيد الأوصياء، وولدي سادة الأسباط؛ ثم سلّمت عليهن وسمّت كل واحدة منهنّ بأسمها، وأقبلن يضحكن إليها؛ وتباشرت الحور العين، وبشّر هل السماء بعضهم بعضاً بولادة فاطمة (عليها السلام) وحدث في السماء نور زاهر لم تره الملائكة قبل ذلك.


وقالت النسوة: خذيها يا خديجة، طاهرة مطهرة زكية ميمونة، بورك فيها وفي نسلها فتناولتها فرحة مستبشرة وألقمتها ثديها فدرّ عليها؛


فكانت فاطمة (عليها السلام) تنمى في اليوم كما ينمى الصبيّ في الشهر، وتنمى في الشهر كما ينمى ا لصبي في السنة.

التعليقات (0)

شارك بتعليقك حول هذا الموضوع

شارك هذا الموضوع